في إطار برنامجها الثقافي، نظمت جمعية الربيع للعمل التنموي بأزغنغان و بتنسيق مع اللجنة التربوية للقسم الداخلي بثانوية إبن سينا التأهيلية بأزغنغان، محاضرة بعنوان «القضية الفلسطينية و الصراع العربي الإسرائيلي» من إلقاء الأستاذ أحمد الحموشي. في كلمته الترحيبية شكر الأستاذ أنس، الحارس العام للقسم الداخلي، جميع الحاضرين و بالخصوص الأستاذ المحاضر و جمعية الربيع و أشار إلى أن هذه المحاضرة هي استمرارية للأنشطة التي دأبت المؤسسة على القيام بها و نبه إلى أهمية موضوع المحاضرة و أن القضية الفلسطينية أصبحت الآن تهم جميع المسلمين و ليس العرب منهم فقط. بعد ذلك أخذ الكلمة الأخ هشام بوحطاو، معلم بالداخلية، الذي أعطى تقديما للملف الذي سيتناوله الأستاذ المحاضر ثم أعطى الكلمة للأخ محمد المرضي، رئيس اللجنة التربوية بالقسم الداخلي، الذي عرف بالأستاذ المحاضر ليحيل له الكلمة. بعد شكره لجميع الحاضرين و تبسيطا للموضوع، قام الأستاذ أحمد الحموشي بتعريف القضية الفلسطينية التي نشأت مع ميلاد ما يسمى بدولة اليهود بتاريخ 15 ماي 1948 و ما ترتب عن ذلك من إجلاء للفلسطينيين خارج الحدود و إنكار اليهود لحقهم في العودة و تقرير مصيرهم و بالتالي الشتات. و أضاف الأستاذ أن القضية الفلسطينية تعتبر من أقدم قضايا المنتظم الدولي. أما الصراع العربي الإسرائيلي، أضاف الأستاذ، فيتجلى في أطماع اليهود لتوسيع المجال الجغرافي لدولتهم المزعومة و ذلك بتحريف نصوص توراتهم، استدل الأستاذ الفاضل بمقولات الصهاينة المشهورة من قبيل: «... من نيلكم إلى فراتكم...». و مما فجر الصراع العربي الإسرائيلي، أشار الأستاذ إلى سعي إسرائيل منذ سنة 1948، لتحقيق فكرة أرض الميعاد و احتلالها للأراضي الفلسطينية و بعد هذا تطرق الأستاذ إلى مراحل الصراع العربي الإسرائيلي منذ العدوان الثلاثي إلى سنة 2000. و لمعرفة جذور القضية الفلسطينية، تحدث الأستاذ المحاضر عن قيام الحرب العالمية الأولى و كون فلسطين كانت تحت الحكم العثماني (منطقة الشام)، و لكن الدولة العثمانية كانت ضعيفة (الرجل المريض) مما أدى إلى تكالب الدول الإمبريالية عليها لاقتسام أراضيها و بالفعل فقد قامت بريطانيا كقوة عظمى آنذاك إلى انتدابها لفلسطين، و ذلك لكون الشرق الأوسط منطقة عبور إلى مستعمراتها و أيضا رائحة البترول التي كانت تلوح في الأفق إضافة إلى عدة أسباب إستراتيجية و حيوية. و قد عارضت الحركة الوطنية الفلسطينية كل أشكال الغزو لأراضيهم و تأجج الوضع عند تحالف بريطانيا مع الحركة الصهيونية و بالتالي قيام إسرائيل بمباركة الدول الامبريالية مما أدى إلى مواجهات مسلحة و دبلوماسية لتصبح القضية الفلسطينية بعدها قضية دولية. على إثر هذا، أشار الأستاذ الفاضل، إلى ظهور منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة الراحل ياسر عرفات الذي قاد النضال الفلسطيني منذ بداية الستينات إلى وفاته. و من أهم أشكال النضال الفلسطيني ظهور ما يسمى بالانتفاضة، أضاف الأستاذ. و حسب رأي الأستاذ، فإن الصراع العربي الإسرائيلي تتداخل فيه عدة ظروف سياسية، اقتصادية و دينية، إضافة إلى تحكم القوى الامبريالية في مصير الشعوب و حساسية المنطقة، كون الشرق الأوسط منطقة إستراتيجية و مصدر مهم للبترول دون إغفال دور إسرائيل كدركي يحمي مصالح الدول الامبريالية و يحول دون قيام قوة عربية قوية بالمنطقة. و قد تطرق الأستاذ في عرضه أيضا إلى الحركة الصهيونية منذ نشأتها في أوروبا خلال مؤتمر فيينا سنة 1815، و عرفها الأستاذ الفاضل كونها حركة سياسية، توسعية، عنصرية و متطرفة تهدف إلى تحويل اليهودية من ديانة إلى قومية، تلقت قوة دفع من ظروف الاضطهاد الذي تعرض له اليهود من طرف روسيا القيصرية و ألمانيا النازية و قد نبه الأستاذ الفاضل إلى فكرة تواطء الحركة النازية و الحركة الصهيونية لخلق مثل هذه الظروف. و من بين الوسائل التي استعملتها الحركة الصهيونية لتحقيق أهدافها، أعطى الأستاذ الفاضل مثالا لجمعية اليهود و هي وكالة متخصصة في تهجير اليهود و الشركة اليهودية التي كانت تتكلف بتمويل الهجرة و الاستيطان. و ركز الأستاذ الفاضل على المساعي التي كانت تقوم بها الحركة الصهيونية من أجل هذا الغرض و نوه بالدور الإيجابي للسلطان العثماني عبد الحميد الثاني في التصدي لمثل هذه المساعي. و أضاف الأستاذ الفاضل أن اليهود لعبوا دورا مهما في إسقاط الخلافة العثمانية و إشعالهم لنار الحرب العالمية الثانية بالتالي انتداب بريطانيا لفلسطين. و مباشرة بعد هذا تطرق الأستاذ الفاضل إلى وعد بلفور المشؤوم الذي يعتبر أول وثيقة سياسية تتحصل عليها الحركة الصهيونية التزمت من خلالها بريطانيا بإيجاد وطن قومي لليهود و بالتالي مراوغة العرب و تمكين اليهود من الاستيلاء على أرض فلسطين بالقوة. أمام هذا أشاد الأستاذ الفاضل بالمقاومة الفلسطينية آنذاك و دورها في فضح الغزو الصهيوني و أخطاره و ذلك بالقيام بأنشطة ضد المؤسسات الصهيونية و الامتناع عن بيع الأراضي من خلال وسائل متعددة كظهور جرائد وطنية و تأسيس جمعيات خيرية تقدمية و تنظيم احتجاجات و شكاوي لمختلف الجهات ومن أهم أشكال المقاومة الفلسطينية ألمح الأستاذ الفاضل إلى حركة عز الدين القسام سنة 1935. بعد هذا استعرض الأستاذ الفاضل أهم الأحداث التي عرفها تاريخ المقاومة الفلسطينية كما يلي: - حركة عز الدين القسام - الثورة الفلسطينية الكبرى - ثورة البراق 1929 - النكبة 1948 - العدوان الثلاثي - حرب 1967 - حرب رمضان 1973 - قيام منظمة التحرير الفلسطينية 1974 - انتفاضة أطفال الحجارة 1987 و توقف الأستاذ الفاضل عند هذا الحد ليشيد بدور المغرب ملكا و شعبا عبر التاريخ في دعم القضية الفلسطينية ماديا و معنويا. و بعدها تم فتح باب تدخلات التلاميذ الذين طرحوا عدة أسئلة من أهمها: - كيف يمكن تفسير موقف الأممالمتحدة بعجزها عن إيجاد حلول لمعاناة الفلسطينيين و تمتيعهم بجميع حقوقهم المشروعة؟ - هل يمكن اعتبار الصمت العربي جريمة في حق القضية الفلسطينية؟ - لماذا لا تقوم الدول الإسلامية و خاصة دول الخليج باستعمال سلاح النفط ضد إمريكا و الدول الأروربية التي تدعم و تساند إسرائيل؟ ما هو دور لجنة القدس و لماذا لا يتم تفعيل قراراتها على أرض الواقع؟ و في جوابه على هذه التساؤلات أوضح الأستاذ الفاضل أن الأممالمتحدة من خلال تركيبتها تعطي حق النقض أو ما يعرف بالفيتو لخمسة أعضاء دائمين في مجلس الأمن و من بينهم الولاياتالمتحدةالأمريكية و أن أي قرار لابد أن يصادق عليه مجلس الأمن و لكن مع الأسف فإن الولاياتالمتحدةالأمريكية تستعمل دائما حق الفيتو لصالح إسرائيل لذا فالأممالمتحدة تقف إلى جانب إسرائيل و ليس إلى جانب العرب. أما فيما يخص الصمت العربي فقد بينه الأستاذ الفاضل من خلال موقف العرب الذي يدعو إلى تحقيق سلام عادل و شامل مع انسحاب تام لإسرائيل من الأراضي العربية و مصطلح «الأرض مقابل السلام» و إنشاء علاقات طيبة مع إسرائيل بعدها. و لكن يجب حسب رأي الأستاذ عدم إغفال بعض المصالح الحيوية لبعض الدول العربية في التعامل مع القضية الفلسطينية بل هناك من يرفض قيام دولة فلسطينية ديموقراطية و ذلك لارتباط مصالحها مع القوى البرجوازية الأخرى. و بالنسبة لاستعمال النفط كورقة ضغط و سلاح استراتيجي فأشار الأستاذ الفاضل أنه قد تم استعماله بالفعل لأول مرة سنة 1973 من طرف الملك فيصل رحمه الله الذي تم اغتياله، أما حاليا فللمصالح المشتركة بين دول البترول و الدول الغربية دور في عدم استعمال العرب لهذا الخيار كما يتخوف العديد من القادة المغامرة بهذا ليكون مصيرهم كمصير الرئيس صدام حسين رحمه الله. و في آخر جواب أشار الأستاذ الفاضل إلى دور لجنة القدس في صيانة و ترميم و تمويل الأماكن المقدسة و الذي يعتبر هذا من أضعف الإيمان و أخبر التلاميذ أن رئيس لجنة القدس هو صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله و أخبرهم أن المغرب ملكا و شعبا كانوا دائما سباقين عبر التاريخ إلى التضحية في سبيل فلسطين و القدس الشريف بجميع الوسائل المتاحة و الشرعية. و قد حضر هذا اللقاء أيضا السيد محمد لمقدم رئيس جمعية الربيع للعمل التنموي بأزغنغان مع أعضاء لجنة التلميذ للجمعية و السيد يوسف بيلال الكاتب العام لجمعية آباء و أمهات و أولياء تلاميذ ثانوية ابن سينا التأهيلية. تعريف بالأستاذ المحاضر: * حاصل على دبلوم من كلية علوم التربية * حاصل على إجازة في مادة التاريخ * مدرس سابق لمادة الاجتماعيات * يشغل حاليا منصب حارس عام للخارجية بثانوية ابن سينا التأهيلية بأزغنغان