مع قرب نهاية التنظيم الإرهابي داعش في سوريا بعد انهياره في العراق، كشفت صحفية "الباييس"، معطيات جديدة، فاجأت حتى القضاة الإسبان. وتفيد المعطيات، أن زعيم خلية إرهابية ذات بعد دولي، اتخذت من شمال المملكة المغربية مركزا لها، تمكن من تجنيد أكثر من 200 مقاتل أجنبي لصالح التنظيمين الإرهابيين المعروفين "القاعدة وداعش"، سواء في منطقة الساحل أو في العراقوسوريا، أغلبهم ينحدرون من المغرب وفرنسا، وبدرجة أقل من تونسوتركياوبلجيكا، فيما كانت وجهتهم سورياوالعراق وليبيا ومالي. تحقيق صحيفة "إلباييس"، ليوم أول أمس السبت، أكد، كذلك، أن المخابرات المغربية انتبهت في وقت مبكر إلى التحركات المشبوهة لزعيم الخلية في منطقة الناظور ونواحيها، التي كان يقيم فيها رفقة زوجته المغربية، وحاولت اعتقاله سنة 2012، لكنه تمكن من الهروب صوب مدينة مليلية، حيث استمر في متابعة نشاطاته التجنيدية إلى أن تم اعتقاله وتفكيك جزء من الخلية الدولية التي كان يتزعمها، في عملية أمنية بين الأجهزة الأمنية المغربية ونظيرتها الإسبانية في مارس 2014. التحقيق أوضح أن الأمر يتعلق بالمواطن الإسباني رفائيل مايا مايا، والذي أطلق على نفسه اسم مصطفى مايا مايا بعد اعتناقه الإسلام، لكن يعرف في أوساط الجهاديين المغاربة ب"أبو سفيان"، وهو مقعد (يستعمل كرسيا متحركا) ومتزوج من مغربية. "أبو سفيان"، مولود في بلجيكا من أبوين إسبانيين، استقر بعد زواجه بالمغربية في مدينة العروي بالقرب من الناظور قادما إليها من مدينة مالقا إلى حدود 2012. وهي الفترة التي ترجح مصادر "إلباييس" أنه جند فيه مغاربة للسفر إلى سوريا، خاصة وأن اعتقاله يوم 30 ماي 2014 رفقة فرنسيين هما باول كاديك وطارق شيخ بأحد الأحياء الشعبية بمليلية، تزامن مع اعتقال ثلاثة داعشيين آخرين في المغرب، بالضبط بمدينة العروي، وهم طارق أ، وسوفيان م، ومحمد ك. الصحيفة ذاتها، نقلت عن وزارة الداخلية الإسبانية أن أغلب الجهاديين الذين أرسلهم مصطفى مايا إلى سوريا ومالي والعراق أغلبهم من المغاربة والفرنسيين. وأضافت أن الشبكة الدولية التي يقودها لديها فروع في المغرب وفرنسا وتونسوتركيا وليبيا ومالي وسوريا وأندونسيا. كما أن أغلب المغاربة الذين أرسلهم إلى سوريا انضموا إلى "داعش" أو "جبهة النصرة"، و"داعش" في العراق، وفي "مليشيات أنصار الشريعة" بليبيا ، و"القاعدة في المغرب الإسلامي" بمالي. النشاطات الإرهابية للزعيم الإسباني لا تقتصر على تجنيد المغاربة الذكور، بل حتى النساء، إذ أورد التحقيق مقتطفا من بعض الرسائل التجنيدية التي يبعث بها إلى ضحايا قائلا: "أختي، الله يشكرك. أنا إسباني مسلم منذ أكثر من 16 عاما وسأبلغ 50 سنة في الشهر المقبل. لا أتوجه إليك كرجل لامرأة، بل كأخ لأخت. عملي خطير جدا ومعقد، لكن ضروري، إنشاء الله. لماذا أتوجه إليك؟ لأنك مسلمة، لأنني رأيت قناعتك الحقيقية". وفي محاولة لدغدغة مشاعرهن يضيف: "عقلي يقول لي إنك تريدين أن تقدمي يد العون. أنا مقعد في كرسي متحرك منذ 10 سنوات، إذ أن جانبي الأيسر مشلول، الشيء الذي يصعب عملي. لكن بفضل الله أعمل.. أنا ابن غجري إسباني ومن أم إسبانية أندلسية. أريدك أن تساعدني في عملي". وتمكن مايا من تجنيد عدد كبير من المغاربة عبر 9 أسماء مستعارة مختلفة، و6 حسابات في بلوغس (blogs) والفايسبوك والسكايب. كما كان ينصح المغاربة في المملكة أو أوربا بالسفر إلى أنقرة أو إسطنبول بدل السفر مباشرة إلى مدينة غازي عنتاب التي تبعد ب96 كلم شمالاً عن حلب؛ كما كان يطلب منهم منح رقم هاتفهم في تركيا وإحداثياتهم؛ علاوة على ذلك كان ينصحهم بالتنقل عبر سيارات الأجرة الصغيرة أو الحافلات في تركيا، والنزول في المدن الكبرى قبل الوصول إلى المحطات (Terminal). مايا مايا، كان يوجه كذلك تعليمات للمغاربة بإرجاع سفرهم إلى تركيا لأسباب سياحية، ويحثهم على أخذ تذكرة رحلة الذهاب والإياب لإبعاد كل الشبهات ومراوغة الأمنيين. كل هذا لم ينفه أكبر مجند للمغاربة، إذ اعترف بعد أن سأله القاضي الإسباني: كم من الجهاديين بعثت إلى سوريا؟ ورد قائلا: "أكثر من 200′′، أمام صدمة أعضاء اللجنة القضائية الإسبانية. لهذا طلبت النيابة العامة الإسبانية بالحكم عليه ب14 سنة سجنا نافذا بتهم كونه "محركَ" و"زعيمَ" خلية إرهابية دولية.