أميط اللثام عن معطيات مثيرة في ما يخص الخلية الإرهابية، التي أعلن عن تفكيكها نهاية الأسبوع، والتي ينشط أعضاؤها في مدن العروي ومليلية وملقة (إسبانيا) في تجنيد متطوعين للقتال بالعديد من بؤر التوتر، وتزوير جوازات السفر. هذه الخلية، التي يتزعمها مواطن إسباني ذو توجه متطرف يقطن في مليلية المحتلة، يؤكد مصدر مطلع، جرى إيقاف عناصرها السبعة، من بينهم ثلاثة ألقي عليهم القبض في المغرب، بعد تعاون وثيق مع مكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكي (إف. بي. آي)، والاستخبارات الخارجية الإسبانية (سي. إن. إي). وكشف المصدر أن زعيم الخلية، الذي يدعى مصطفى مايا أمايا (الإسباني الجنسية)، كان يستقطب المتطوعين للقتال في بؤر التوتر عبر الشبكة العنكبوتية، مشيرا إلى أنه ينتقي الشباب من دول عدة، منها المغرب، وفرنسا، وتونس، وتركيا، وبلجيكا، وليبيا، وإندونيسيا، وسوريا، ثم يتصل بهم بشكل مباشر، ويقدم لهم المعطيات التي تمكنهم من الالتحاق بالجماعات، التي تستقبل المتطوعين، قبل إلحاقهم بالمجموعات التي سيقاتلون في صفوفها. وذكر المصدر أن هذه الشبكة تجند متطوعين لتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، و"جبهة النصرة"، و"الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش)، مبرزا أن هذا الاعتقال يشكل ضربة قوية للشبكات الجهادية، علما أن مصطفى مايا يعد المسؤول الأول عن الجانب اللوجيستيكي والنشاطات، التي تهم تهيئ وإمداد مناطق التوتر بالمرشحين للقتال. وأوضح أن هذه التنظيمات كانت أبرز المستفيدين من المتطوعين الذين استقطبتهم هذه الشبكة، مشيرا إلى أنه ينتهي بهم المسار من خلال إدماجهم كمسؤولين ومشاركين نشطين في عمليات هجومية وعمليات إعدام علني، أو مقتلهم في عمليات إرهابية. وأكد أن العملية الأمنية انطلقت سنة 2010، تحت إشراف رئيس المحكمة المركزية الوطنية في إسبانيا، إسماعيل مورينو، مضيفا أن التحقيقات شهدت منعطفا حاسما، إثر العثور على عدد من المجاهدين في منزل مايا أمايا، استقطبوا من فرنسا في عملية انتقاء سابقة، وكانوا يستعدون للتوجه إلى سوريا. وعلى إثر هذا "الصيد الثمين"، أوضح المصدر أن الأجهزة الأمنية تحركت لإيقاف الزعيم المفترض، إضافة إلى عنصرين آخرين من الشبكة ذاتها من جنسية فرنسية، كانا عند مايا. والمتهمان الفرنسيان، يضيف المصدر، هما بول كاديك وفارق الشيخ، وكانا ينتظران موعد نقلهما إلى سوريا. وتزامنا مع هذه العملية، تمكنت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالمغرب، بتعاون وثيق مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، من إيقاف ثلاثة عناصر ينتمون للشبكة، خلال تدخل بمدينة العروي، ويتعلق الأمر بطارق أهنين، وسفيان مومني، ومحمد كراز. كما جرى، في الوقت نفسه بمدينة ملقة، إيقاف شفيق جلال بن عمارة المدجري، وهو تونسي الجنسية، كان يقوم بمهمات في إطار تزوير الوثائق على الصعيد العالمي، وسبق اعتقاله في 24 فبراير 2006، بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي. وأوضح المصدر أن تفتيش أربعة منازل في مليلية وملقا أسفر عن العثور على أجهزة للمعلوميات، وعدد من الوثائق التي ستخضع للتحليل، كما أجريت عمليات تفتيش أخرى في عدد من المدن المغربية. واعتبرت العملية بمثابة ضربة قوية موجهة لشبكات استقطاب الجهاديين لفائدة التنظيمات الإرهابية المنتشرة في المناطق، التي تشهد نزاعات وتوترات، والتي يتهم بعضها بارتكاب جرائم حرب، من قبيل إعدام المدنيين، أو اختطاف الصحافيين، أو الأجانب العاملين في المجالات الإنسانية. وكشف المصدر أن هذه العملية الأمنية الاستباقية مكنت من وأد خطر إرهابي قبل وقوعه، مبرزا أنه، بمجرد توفر معلومات كافية، ستصدر مذكرات بحث دولية في حق عناصر أخرى من الشبكة يوجدون في بلدان أخرى، حيث يواصلون أنشطتهم. ويتضح من خلال التفكيكات المتوالية للشبكات الإرهابية، التي تتخذ من بؤر التوتر، خاصة سوريا، واجهة لها من أجل استقطاب متطوعين مغاربة للقتال بها، إصرار تنظيم القاعدة والجماعات الموالية له على استهداف استقرار المملكة المغربية وحلفائها، سيما أن الهدف غير المعلن من وراء هذا الاستقطاب هو تعبئة هؤلاء المقاتلين من أجل العودة إلى أرض الوطن، لتنفيذ عمليات إرهابية، يضيف بلاغ وزارة الداخلية.