يبدو أن نشطاء الحراك الاحتجاجي بالريف غير مستعدين للقاء إلياس العماري للحوار معه، هذا ما يتضح من خلال كلمة ناصر الزفزافي. وهو من أبرز قادة الحراك الشعبي بالحسيمة، ألقاها مساء الجمعة الماضي بصنهاجة سرارير تارجيست عقب مسيرة حاشدة لكل نشطاء الريف في هذه المدينة. الزفزافي قال في سياق حديثه عن الأحزاب السياسية التي يسميها ب"الدكاكين السياسية"، والدعوة التي صدرت عن العماري للحوار دون الإشارة إليه بالاسم، إنه لا حوار مع هذه الدكاكين قبل أن يضيف، "أبدا لن نضع يدنا في يد من ساهم في حصار المنطقة". ولم يفوت المتحدث نفسه فرصة تواجده بمنطقة صنهاجة المعروفة بزراعة الكيف، دون الحديث عن المزارعين المطاردين الهاربين الذين قدر عددهم ب45 ألف هارب. هذا وخرج الآلاف من المحتجين، الذين قدموا من مختلف مدن إقليمالحسيمة، إلى شوارع تارجيست، حيث شاركوا في مسيرة جابت أهم شوارع المدينة، ورفعوا شعارات من قبيل "تارجيست يا جوهرة خرجو عليك الشفارة"، وشعار "قمع قمع وزيد قمعني والله والله ما تخلعني"، وشعارات أخرى ترفض الوضع الذي تعيشه المنطقة. ووصف نشطاء الحراك، في كلمة بالمناسبة ألقاها أحد نشطاء اللجنة المؤقتة للحراك الشعبي بتارجيست، مسيرة الجمعة بأنها مسيرة "تاريخية"، لكونها "وحدت الحراك الشعبي على مستوى إقليمالحسيمة، وأثبتت أن المطالب في الإقليم مطالب واحدة"، على حد تعبير نفس المصدر. وأكد نفس المتحدث أنه رغم محاولة تقسيم مواقع الاحتجاج، "فإننا متحدون لمواجهة التهميش وكل أشكال الحكرة"، يقول المصدر ذاته، وأضاف: "لقد أثبتنا اليوم بمسيرتنا السلمية أننا لسنا دعاة فتنة وفوضى، إننا أصحاب مطالب اجتماعية شرعية". وكشف المحتجون بأنهم مستمرون على درب التصعيد النضالي، "حتى يفهم المسؤولون أن الحراك في كل مواقع النضال لن يتوقف إلى حين الاستجابة لكل المطالب الاجتماعية العادلة رفعتها ساكنة الإقليم"، على حد تعبيرهم. وكان إلياس العماري، رئيس جهة، طنجةتطوانالحسيمة، قد أبدى استعداده للحوار مع جميع المعنيين من نشطاء الحراك بالحسيمة، ومن منتخبين وفعاليات، حول المطالب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تدخل ضمن اختصاصات الجهة، والبحث عن الحلول الكفيلة بتحقيق المطالب والتطلعات المشروعة لساكنة الإقليم في التنمية. وقال العماري في بلاغ له إن المجلس "حريص على تضمين البرنامج الجهوي للتنمية الذي سيعرض على المصادقة في دورة استثنائية قادمة، رؤية شاملة تنطلق من واقع التفاوتات الكبيرة بين الأقاليم المنتمية لتراب الجهة، وتعمل على وضع برامج لتصحيحها، بما يحقق الاستفادة المتكافئة من إمكانات الجهة". وأضاف العماري أن الرئاسة مستعدة "للترافع لدى الجهات المعنية إقليميا وجهويا ومركزيا، من أجل الاستجابة للتطلعات المشروعة للساكنة، في إطار توجهاتها الشاملة لمعالجة الفوارق التنموية الصارخة بين أقاليم الجهة". وعن الدوافع التي دفعت العماري إلى اتخاذ هذه الخطوة، أبرز البيان أن ذلك جاء "تجاوبا مع الحراك الذي عرفته بعض الأقاليم بجهة طنجةتطوانالحسيمة، وعلى رأسها إقليمالحسيمة، وبناء على طلبات عدد من الجمعيات والهيئات المدنية، وفي إطار اختصاصات مجلس الجهة المنصوص عليها في القانون التنظيمي 14-111، وأخذا بعين الاعتبار للإمكانيات الموضوعة رهن إشارة مجلس جهة طنجةتطوانالحسيمة". هذا ويستمر الحراك الشعبي بالريف منذ 5 أشهر، حيث انطلقت أولى الشرارات ليلة وفاة بائع السمك محسن فكري من مدينة الحسيمة، قبل أن تمتد إلى باقي مدن وحواضر الإقليم، ورغم التدخلات الأمنية التي سجلت في الإقليم لتفريق عدد من تجمعات النشطاء، إلا أن المحتجين مصرون على الاستمرار في الاحتجاج إلى حين تحقيق مطالبهم المتضمنة في الملف المطلبي.