نافدة السيارة نصف مفتوحة ، اليد اليسرى تحمل سيجارة نصفها انقضى و في نفس الوقت تعمل على توجيه المقود ، أما اليمنى منشغلة بالمحمول في بحث متواصل على أحد المتواصلين أو المتواصلات .. من يدري !؟ و في لحظة يضغط على الفرامل بقوة لكون الخطوط البيضاء "ممر الراجلين" فاجأه و الشرطي على بعد أمتار أمامه رمى بالسجارة و أنزل هاتفه ممسكا بحزام السلامة و وضعه . إنسان من درجة منافق إجتماعي .. ما إن تجاوز الشرطي حتى بدأ يطلق العنان للسانه على راجل ضايقه في الطريق من منظوره الخاص ، "واا كثرتو كثرتوو آلهيوش الله يقطع لبابكم الغرس متشوفوش الطريق حتا تخوى غير تقطعو كي لحمير " ، ثم ركن سيارته على قارعة الطريق قاصدا بائع السجائر بالتقسيط و هو راجع بعد ان تزود بسجارتين ، في تلك الحظة تمر سيارة بسرعة بجانبه يستعمل السائق صوت المنبه .. رد عليه صاحبنا "واا مالك طاير و سير الله يعطي لبوك الاستيناف". هكذا هو حاله و حال الكثير مثله ، حين يكون سائقا يكره الراجلين و حين يكون راجلا يمقت السائقين .. هكذا نعيش يوميا بالناظور على وقع هكذا قصة رويتها لكم فقط للمثال و ما خفي كان أعظم و أخطر. إستبشرنا خيرا بممرات الراجلين بعدة مدة مجاورة صغيرة لكن سرعان ما تحولت الى ديكورات.. خطوط بيضاء مشرطة لا أقل و لا أكثر بدون نفع أو إضافة في ظل غياب تام لثقافة العبور من ممرات الراجلين و احترامها من طرف السائقين. أشعر "بالحكرة" و القزمية حيت أقصد مدينة مليلية ، لا بسبب العنصرية أو المعيشة.. لكن حين أكون بصدد عبور الشارع بممر الراجلين و تتوقف كل السيارات إحتراما لأسبقية الراجلين ، أمر معززا مكرما بحقي و ينتابني شعور حينها أني في مأمن تام .. "كنضن ميحتاجش نذكرك أخي المواطن.. أخي السائق، أخي العابر " أن عدم إحترام الراجلين يتسبب في مقتل أزيد من 1110 سنويا ، و أزيد من 200 ألف جريح . "ميحتاجش نذكرك أيضا" بالرغم من العقوبات الزجرية بمدونة السير الصادرة سنة 2010 و في انتظار ما ستسفر عنه مداونة السير الجديدة 2016 الحالة هي الحالة و شبح الطريق يأخذ منا الحبيب و العزيز بشكل يومي. ربما كثرت الاسباب و تعددت لكن من وجهة نظري المتواضعة السبب الجوهري في هذه التجاوزات التي نراها يوميا بزايو هي غياب تام لثقافة السلامة الطرقية عند الفرد ، لأننا لم نكتسبها في مدرسة الاسرة أو في مدرسة التعليم و في مناهجها ، مما يترتب عنه فوضى و عشوائية خصوصا في الاماكن التي تتفشى بها ظاهرة إحتلال الارصفة.. و ركن السيارات في اماكن المزدحمة أو غير مخصصة ،فيضطر الراجلون للسير وسط الشارع من بينهم ذوي الاحتياجات الخاصة و الاطفال. لم تستغرق مدينة تطوان الكثير من الوقت في تحسين سلوك السائقين و الراجلين و احترام علامة التشوير الشرقي لتصبح نموذجا على المستوى الوطني .. "علاش منكونوش بحال تطوان آش نقصنا مثلا " … ؟؟