مأساة حقيقية تعيش اسبانيا على إيقاع مأساة حقيقية أصابت عائلة مغربية، حيث فقد مواطن مهاجر زوجته نتيجة خطأ طبي قاتل جعل منها أول ضحية لانفلونزا الخانزير في اسبانيا. وتجد المأساة مبررها في تكرار الخطأ الطبي منذ يومين إذ خطف الموت الجنين الذي وضعته الأم قبل وفاتها بيوم واحد، نتيجة ما وصفته الصحافة ب'الخطأ الطبي المرعب'. وكانت دليلة الميموني، البالغة من العمر عشرين سنة، قد زارت منذ ثلاثة أسابيع مستشفى بالعاصمة مدريد وهي في الشهر السابع من حملها، بعدما أحست بوهن غير طبيعي في وضعها الصحي. ورغم أن علامات مرض انفلونزا الخنازير كانت بادية عليها إلا أن التشخيص الطبي نسب الوهن الى حملها. وقصدت رفقة زوجها مستشفى آخر، لكن مرة أخرى لم يستطع الأطباء تشخيص أسباب المرض رغم أن العالم يعيش حالة استنفار نتيجة انتشار انفلونزا الخنازير. وفي آخر المطاف جرى تشخيص المرض عندما لجأت دليلة الى قسم الطوارئ للمرة الرابعة لكن بعد فوات الأوان، حيث دخلت في غيبوبة بعدما لم يعد ينفع العلاج فاشتد عليها المرض وفارقت الحياة بعد أيام لتكون أول ضحية لهذا المرض الخطير في اسبانيا. وقبل وفاتها بيوم واحد، خضعت دليلة لعملية قيصرية لإنقاذ الجنين الذي كانت حاملا به، وظل الجنين لمدة أسبوعين في العناية المركزة. ورغم المأساة، فقد ابتهجب عائلة دليلة لأن الجنين لم يكن مصابا بمرض انفلونزا الخنازير وجاء ليقلل من وطأة رحيل أمه. مفارقة مثيرة لكن الفرحة لم تدم طويلا والمفارقة المثيرة أن ممرضة أقدمت على حقن الجنين بالحليب في الوريد، بدل تغذيته عبر أنبوب من الأنف، الأمر الذي جعل دمه يتلوث فيفارق الحياة ليلة الأحد رغم مجهودات الأطباء بإنقاذ حياته بعدما فطنوا للخطأ القاتل. ويتساءل الجميع باندهاش عن كيفية ارتكاب الممرضة لهذا الخطأ الطبي المرعب، كما وصفه خبراء الطب. ويجد البعض التفسير في كون الممرضة متدربة وكان ذلك أول يوم لها في قسم العناية المركزة، وأقدمت على حقن الطفل بالحليب معتقدة أنها الطريقة المناسبة لتغذيته اصطناعيا في حين كان المشرف عليها يواجه حالة مستعجلة. في تلك الأثناء كان والد المولود في المدينة الصغيرة المضيق بإقليم تطوان بشمال المغرب بعد أن أشرف على دفن زوجته دليلة ومعايشة طقوس الحزن التي تليها. استدعي الأب على عجل للعاصمة مدريد ليفاجأ بخبر وفاة ابنه ريان نتيجة خطأ طبي. أب شاب حمل أحلامه الى اسبانيا للبحث عن الفردوس وكل ما لقي هو الموت في انتظاره'. وفي تصريح للصحافة اكتفى الأب المفجوع بالقول ‘الآن سأنتقل إلى المغرب لدفن ابني وبعدها سنرى'. ويؤكد مقربون من الأب أنه يفكر في طلب تحقيق طبي في وفاة زوجته نتيجة الإهمال غير المنطقي، في حين أن القضاء قرر مسبقا فتح تحقيق في وفاة الطفل لأنه لا يتسامح مع هذا النوع من الأخطاء. خبر وفاة الطفل هز المجتمع الاسباني لأن الخطأ الطبي تكرر مرتين وأصاب عائلة واحدة وحصد حياة الأم وابنها في ظرف أسبوعين فقط. إهمال تراجيدي مدير مستشفى غريغريون مرانيون الذي توفي فيه الطفل والأم صرح للصحافة بالقول ‘ليس هناك أي تفسير مقنع لما وقع، ونتحمل جميع المسؤوليات'، معترفا بأن ‘الخطأ مرعب'، في حين أوضحت وزيرة الصحة ترنيداد خمنيس أن ‘الخبر مفجع بكل المقاييس'. وتصدر الخبر أغلب وسائل الاعلام التي خصصت له حيزا مهما في برامجها التلفزيونية علاوة على افتتاحيات الصحف. وتحت عنوان ‘إهمال تراجيدي' كتبت صحيفة ‘آ بي سي' في افتتاحيتها أن ما حدث لهذه العائلة المغربية من فاجعة ‘خلق تذمرا حقيقيا في المجتمع المغربي لا يستحق فقط التحقيق العادي وإنما الجنائي لا سيما وأنه لا يمكن تصحيح هذا الخطأ'. وتصدر الخبر الصفحة الأولى ليومية ‘الباييس' الأكثر انتشارا والتي كتبت بعنوان ‘خطأ طبي قاتل يقتل رضيع دليلة'، وفي افتتاحيتها المعنونة ‘وفاة ريان' ترى الجريدة أن هذا الخطأ ‘يتطلب فتح تحقيق شامل في الأخطاء الطبية التي يشهدها قطاع الصحة العمومي لأنه لا يمكن نهائيا فهم وقوع خطأ مرعب في قسم عناية مركزة بأكبر مستشفيات اسبانيا'. ويأتي هذا الحادث ليعيد النقاش حول قطاع الصحة العمومي في اسبانيا وتحول إلى جدل سياسي واجتماعي بامتياز، في حين أن محمد، الأب المفجوع، سينتقل إلى بلدته الهادئة ليدفن الطفل ريان الى جانب والدته.