كلما وقع البعض من أولئك الذين تعَودوا الدوس بأقدامهم على القانون سعيا لقضاء مآربهم و مصالحهم في مأزق ،إلا و صاحوا في وجه المستضعفين و” المسئولين “الصغار” راه عندي المعرفة فالمحكمة” لتخويفهم و الضغط عليهم ليفسحوا لهم المجال لوضع القانون جانبا،حتى تقضى حوائجهم،فمن ياترى يكون هذا”الواحد اللِّي كَيْعرفو فالمحكمة”، و هل يعلم أن حوائجا تقضى على “ظهره” دون استئذان منه.و هل يسمح هذا ” الواحد أيضا “لنفسه أن يتدخل ليدوس على القانون،خدمة لمصالح فئة معينة،مستغلا اسمه أو منصبه أو قوته المادية و الاجتماعية؟.و من حقنا أن نتساءل عن مصدر هذا الخوف و الرهبة التي تنتابنا بمجرد سماع عبارة “عندو المعرفة فالمحكمة” وكأن المحكمة هاته لم تعد مكانا لإحقاق الحق وتحقيق العدالة بل تحولت من مصدر التشريعات والقوانين والمرفق الذي يسهر على تطبيق القانون إلى مكان يُستغل إسمها لأهداف غير مسئولة تخدم فئة لا تؤمن بالقانون، بل تستطيع ضربه عرض الحائط حين يتعارض و مصالحها الذاتية،التي لا تخرج عن النفعية والانتهازية والاغتناء على حساب الوطن والمواطن .و ماذا عن ذاك المواطن البسيط الذي يعد ملاليمه لتبلغ نهاية الشهر وماهي ببالغته ،إلا بمشق الأنفس،و هو”اللي ماعندو تاواحد فالمحكمة” إلا الله ،حين يلج مؤسسة أو إدارة أو مرفقا عموميا إداريا أو غيره، لحل مشكل من مشاكله الاجتماعية التي لاتعد و لاتحصى، ليصطدم بعراقيل وهمية،أو كما يدعونها”العراقيل الفنية”، يضعها أمامه بعض عديمي الضمير والإنسانية .إذ لا يتحرك بعضهم إلا بسماعها،وهي تدوي في أعماقهم تاركة أيديهم “تقفقف” من شدة الرعب خوفا من مكالمة هاتفية “تصبنهم”أو تردعهم على الأقل،في الوقت الذي وضعت فيه الدولة قانونا ينظم العلاقات بين المسؤول الطبيعي و الشخصية المعنوية من جهة و كل مُرتفق ذو حاجة من جهة ثانية. إن العبارة”عندي المعرفة فالمحكمة “ليست إشاعة أو أكذوبة تنم عن نار من غير دخان ،بل هي واقع لازال يخيم و يشهد على استشراء الزبونية و المحسوبية و استغلال النفوذ في بلادنا،سيرا على منوال الامتيازات الواسعة0 تستشري ظاهرة استغلال النفوذ في عدد من مناحي الحياة الاجتماعية للمواطن،و تفتح”الأقفال”التي تفتحها الرشوة أو التي تستعصي عليها ،معبرة عن واقع مرير و إكراهات تحول دون تحقيق المساواة كما نسمع عنها في بلاد الغرب هناك حيث يقف مسؤول كبير كمواطن عادي في مؤخرة الطابور منتظرا دوره في قضاء حاجته بمؤسسة أو مصلحة ما،و هو معتز بخضوعه للقانون،و مفتخرا بتطبيقه و مساهمته في تحقيق المساواة التي تلقيناها نحن دروسا في مادة “التربية على المواطنة”دون أن نلمسها بمعناها الحقيقي على ارض الواقع. فإلى متى تستمر مثل هذه الممارسات،و متى سيَعي المواطن بحقه و يلح على انتزاعه دون واسطة أو هدية؟ و متى سيتخلق كل واحد منا و هو يتحمل المسؤولية في المجتمع،جاعلا الضمير و الأخلاق محركاته الأساسية،لا عباراتالترغيب و الترهيب من قبيل”عندو المعرفة فالمحكمة”..