بمناسبة مرور ستة سنوات على صدور الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بخصوص الجدار الإسرائيلي داخل الأراضي الفلسطينية، وفي ضوء مأزق المفاوضات الحالي، والترابط الوثيق بين ما ذهب إليه الرأي الاستشاري آنذاك مع ما يجري على الساحة السياسية في هذه المرحلة، نجد أنه من الضرورة القصوى النظر فيما يلي وأخذه بأعلى درجات الاعتبار. للرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية وجهان، الوجه الأول سياسي، والوجه الثاني قانوني. عندما فرح الفلسطينيون برأي المحكمة تعاملوا مع الوجه السياسي، وقال بعضهم بعفوية: • إن محكمة العدل الدولية معنا. • إن محكمة العدل الدولية رفضت أعمال إسرائيل. • إن محكمة العدل الدولية عادلة ومنصفة. • هذه المفاهيم البسيطة تتصل بالوجه السياسي لرأي المحكمة، ولكن الوجه القانوني في هذا الشأن هو الأساس، وهو الوجه الذي استندت إليه المحكمة لتنطق برأيها الذي نتحدث عنه اليوم. هذا الوجه القانوني هو الذي لا يفهمه بعض الناس ويصعب عليهم التعامل معه فيقفزون عنه للتعامل مع الوجه الأسهل وهو الجانب السياسي، ولكن الوجهان مرتبطان ارتباطا وثيقا، فلا الجانب السياسي يمكن توليده في هذه الحالة من فراغ، ولا الجانب القانوني يمكن الصمت عنه أو تجاهله عند البحث في أي جانب من جوانب المسألة الفلسطينية. أقول في هذه المناسبة أنه يمكن أن نكون في الماضي قد خسرنا معارك كان الجانب القانوني فيها مهملا أو مغيبا، أو لم يكن الوعي عليه وعلى أهميته كافيا للتعامل معه بنجاح، وكانت إسرائيل تتعمد منهجا استراتيجيا ثابتا منذ إنشائها في الابتعاد عن البحث القانوني لأية مشكلة تتعلق بالمسألة الفلسطينية، ولهذا أقامت العداء مع الأممالمتحدة منذ عام 1948 لكي تكون في حل من قيود القانون الدولي وتتمكن من فرض ما تريد على الجانب الفلسطيني من خلال القوة والسيطرة على الأرض والأمر الواقع، ونحن في نفس الوقت كنا نرتكب الأخطاء بحق أنفسنا عندما كنا نبتعد عن التعامل مع الجانب القانوني، وبالتالي كثيرا ما جذبتنا إسرائيل إلى مياهها السياسية وبدأت هي تتصرف بارتياح، بينما كنا نحن نتخبط في مواجهة المشاكل واحدة بعد الأخرى. حتى الأممالمتحدة أخذت تخطيء عندما كانت تلحق بنا باعتبارنا نحن أصحاب القضية كغطاء لتأثرها بالضغوط الأمريكية والصهيونية وحرفها عن طبيعة عملها المحكوم بالالتزام بأحكام الميثاق ومباديء وأحكام القانون الدولي. كانت العقلية الفلسطينية في كثير من الأحيان قاصرة وضعيفة، عندما كانت لا تقيم وزنا للجانب القانوني وأهميته، بل كانت لا ترى في المسألة إلا الجانب السياسي، وكانت أحيانا تتصرف وكأن المسألة مع إسرائيل هي عملية فهلوة, ولعب بالألفاظ أو القفز على الحبال، فاكتشفت بعد ذلك أنها بدأت تغرق ويغرق معها الشعب والقضية أيضا، وأنا أقول هذا الآن لأنني أعلم بأنه كان هناك جهل في جانب أساسي عند السياسي الفلسطيني، وهو الجانب القانوني وأهميته البالغة في معركتنا السياسية مع إسرائيل، واليكم بعض الأمثلة على ذلك: • ( بلا محكمة بلا بطيخ ) هذه عبارة قالها أحد أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح في اجتماع رسمي عندما كنا نعد للتوجه إلى محكمة العدل الدولية عام 1996. • ( التخلي عن المطالبة بتفكيك المستوطنات الإسرائيلية، والحرية لنا في ذلك يجب أن تكون بعيدة عن القانون الدولي، ونحن لا نريد أن نأتي بالقانون الدولي ليقيدنا ويمنعنا من حريتنا في التنازل عن بعض حقوقنا إن شئنا ). وهذه عبارة أخرى قالها عضو في المجلس التشريعي ممن هم من المحظيين عند حركة فتح، وفي جلسة رسمية أيضا بمناسبة العمل والإعداد للتوجه إلى المحكمة عام1996 أيضا. إجهاض عملية التوجه إلى المحكمة الدولية عام 1996 لأسباب غير موضوعية من البعض وهم أنفسهم الذين عادوا للعمل بحماس شديد من أجل التوجه إلى المحكمة عام 2004، علما بأن السبب والمبرر للتوجه إلى المحكمة كان سببا واحدا في الحالتين بغض النظر عن بعض التفصيلات والحيثيات التي طرأت مجددا فيما يتعلق بالجدار، ولم يتغير شيء سوى أننا خسرنا ثماني سنوات بلا أي مبرر منطقي أو وطني وهي خسارة زمنية جسيمة. أيها السادة استمعتم الآن إلى مواقف بعض الرموز السياسية، وكيف كانت هذه الرموز تتعامل مع مصدر قوتنا في العمل السياسي، وأقصد هنا القانون الدولي والشرعية الدولية، وكيف كانوا يريدون أن يكونوا أحرارا من قيود القانون الدولي وبعيدا عن الالتزام والتسلح بمباديء القانون الدولي وأحكامه وهو معهم ولهم، أي معنا ولنا، ولكم أن تتصوروا كم هي معاداة إسرائيل للقانون الدولي والشرعية الدولية ومحاربتها لهما وتمردها عليهما منذ إنشائها لعلمها بأن طبيعة إنشائها وممارساتها على مدار عشرات السنين بعد ذلك كانت وما زالت تتعارض مع أهداف ومقاصد الأممالمتحدة والشرعية الدولية، فهل يستقيم هذا مع رفضنا نحن أو ابتعادنا أو إهمالنا للقانون الدولي والشرعية الدولية ونحن في أشد الحاجة للتمسك بهما في هذه المرحلة؟؟ أهمية الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية أولا: انه صادر عن أعلى جهاز قضائي دولي في العالم ثانيا: الرأي الاستشاري جاء بناء على طلب من المجتمع الدولي ممثلا بالجمعية العامة للأمم المتحدة. • ثالثا: جاء الرأي الاستشاري ليصحح خطأ فادحا أوقعته فيه الإدارة الأمريكية واستمر في التفاقم وهو محاولة حل المشاكل الدولية بعيدا عن مباديء وأحكام القانون الدولي والإذعان لإرادة الولاياتالمتحدةالأمريكية ووفق مصالحها لكونها القوة العظمى المهيمنة الوحيدة. فلننظر إلى مضمون الرأي المذكور وماذا يتضمن. ففي قراءة قانونية وسياسية له نجد أن المحكمة نفسها لم تحدد رأيها في الآثار القانونية المترتبة على إقامة الجدار الإسرائيلي في عمق الأراضي الفلسطينية فقط كما طلبت الجمعية العامة، بل اتخذت المحكمة من مطلب الجمعية العامة مدخلا وسببا لكي تقول رأيها في معظم القضايا التي كان يجب على الجمعية العامة أن تطلب الرأي فيها مثل الاستيطان في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، والقدس، والاحتلال بحد ذاته مثلا، فجاء الرأي شاملا ومصححا لكثير من أخطاء الأممالمتحدة وأخطائنا نحن أيضا نحن الفلسطينيون. فمن أخطاء الأممالمتحدة مثلا، السماح بنقل النزاعات الدولية الناشئة عن الاحتلال إلى طاولة مفاوضات يكون فيها القوي مسيطرا في معزل عن المرجعية القانونية والإشراف الدولي مما يسمح بفرض نتائج غير عادلة تأتي لمصلحة الطرف الأقوى على حساب الطرف الأضعف وحقوقه. أما أخطاؤنا نحن مثلا فهي تلك التي تتعلق بالتهاون أو التنازل عن حقوق بلغت في قدسيتها مستوى القواعد الآمرة في القانون الدولي، وقد حرم القانون الإنساني الدولي التنازل عن مثل هذه الحقوق من قبل أية سلطة بشكل واضح فيما يتعلق الأمر بحقوق المشمولين بحماية اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، واعتبر ذلك في حالة وقوعه عملا باطلا. كما يدخل ضمن أخطائنا نحن التعامل مع مباديء جديدة لا علاقة لها بمباديء القانون الدولي لحل النزاعات مثل ما يسمى بمبدأ (الأرض مقابل السلام)، لأن مقولة الأرض مقابل السلام تفترض أن الأرض في حالتنا نحن هي أرض تمتلكها إسرائيل فتقايض بها، بينما هي أرض فلسطينية قامت إسرائيل باحتلالها بالقوة العسكرية ولا يحق لإسرائيل إن تقايض بها لأنها لا تملكها من الأساس، بل يجب على إسرائيل أن تخرج منها بدون قيد ولا شرط وفقا لمباديء وأحكام القانون الدولي وميثاق الأممالمتحدة التي تقضي بعدم جواز الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة، أو اكتسابها عن طريق الحرب. وقد جاء الرأي الاستشاري للمحكمة ليؤكد باسم القضاء الدولي ما يلي: • أن الأرض الفلسطينية هي أرض محتلة، وليست أراض متنازع عليها كما ترغب إسرائيل بتصويره أو الإيحاء به إلى العالم، وان أخطر ما في هذا الأمر هو أن نتعامل نحن مع ما تريده إسرائيل في هذا الشأن بسبب الفرق الخطير بين مصطلح أرض محتلة، وأرض متنازع عليها. إذ أن تعريف الأرض المحتلة في القانون الدولي، هي الأرض التابعة لدولة ما أو لإقليم ما سواء كانت كل ارض الإقليم أو جزء منها قد وقعت تحت احتلال أجنبي عن طريق القوة العسكرية من قبل دولة أخرى، ولما كان الاحتلال الأجنبي أو العسكري هو عدوان، وجريمة مخلة بسلم الإنسانية وأمنها فان القانون الدولي يقضي بخروج قوات الاحتلال من الأراضي التي احتلتها بالقوة بدون قيد أو شرط. أما مصطلح أرض متنازع عليها فهو يطلق على أرض تقع بين دولتين تتنازعان على ملكيتها، وهنا يتدخل القانون الدولي فيقضي باللجوء إلى الحلول السلمية والتفاوض حول القضايا العالقة بين الدولتين أو بين الطرفين المتنازعين، ففي الحالة الأولى يجري الصراع بين صاحب الحق في الأرض، أي الشعب الواقع تحت الاحتلال وبين قوة خارجية قامت باحتلال أرضه عن طريق القوة والعدوان، وفي الحالة الثانية يجري النزاع بين دولتين أو طرفين حول أرض يدعي كل طرف من أطراف النزاع ملكيته لها، وهذا ليس هو الحال بالنسبة للشعب الفلسطيني في كفاحه ضد الاحتلال الإسرائيلي لأرضه الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل بالقوة العسكرية. • إن الجدار الإسرائيلي من ناحية، والمستوطنات بل الاستيطان بكل أشكاله في الأرض الفلسطينيةالمحتلة هي أعمال غير شرعية وباطلة لأنها نشأت عن احتلال هو غير شرعي وباطل وكل ما ينشأ عن الباطل فهو باطل، بل إنها تشكل جرائم حرب وفقا لأحكام القانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 التي حرمت على الدولة القائمة بالاحتلال نقل أي عدد من مواطنيها إلى الأراضي التي تحتلها، وليس من الوجهة القانونية سليما أو شرعيا أو منطقيا أو مقبولا أن ينتج عن المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي استمرار أو بقاء أو وجود لمثل هذه الأعمال الباطلة التي يعني وجودها حتى لو كان جزئيا شيئا واحدا هو استمرار الاحتلال للأرض الفلسطينية وهذا ما ترمي إليه إسرائيل وتجاريها في ذلك الولاياتالمتحدةالأمريكية. • إن أهمية رأي المحكمة في هذا الوقت بالذات أنه جاء بكل قوة ليؤكد بطلان الجدار والمستوطنات، وليصحح تراكما من الأخطاء وقعت في نطاق تجاهل أحكام ميثاق الأممالمتحدة ومباديء القانون الدولي وأحكامه فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وتشعباتها. وهناك أهمية أخرى جديرة بالاهتمام للرأي الاستشاري عندما تضمن فيما تضمن عن حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وخصوصا عندما أكد بأن إقامة الجدار الإسرائيلي في عمق الأرض الفلسطينية من شأنه أن يمنع الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير مصيره، ويبلغ هذا الكلام خطورته القصوى بالنسبة للقانون الدولي، لأن حق تقرير المصير يشكل قاعدة آمرة في القانون الدولي بالنظر لارتباط ممارسة حق تقرير المصير للشعوب المستعمرة أو الواقعة تحت السيطرة الأجنبية أو الاحتلال الأجنبي باستتباب السلم والأمن الدوليين في العالم، ولذلك جاءت قرارات الجمعية العامة والمحافل الدولية التابعة لها في هذا الشأن وفي العديد من المناسبات لتؤكد أن حرمان أي شعب من الشعوب من هذا الحق يعني تعريض السلم والأمن الدوليين للخطر، ولذلك عندما أكد رأي المحكمة أخطار الجدار على ممارسة الشعب الفلسطيني لحقه في تقرير مصيره كان يعني أن إقامة هذا الجدار هو انتهاك جسيم لمباديء القانون الدولي، وعمل من الأعمال التي تعرض السلم والأمن الدوليين للخطر، مما يضع المجتمع الدولي أمام مسئولياته والتصرف بما يضع حدا لهذه الجريمة حفاظا على السلم والأمن الدوليين. • إن رأي المحكمة هذا أعطى لنا درسا بالغ الأهمية، وأثار انتباهنا إلى التمسك بحقوقنا بقوة واستمرار لأنها إضافة إلى كونها حقوق لشعبنا، فان الدفاع عنها وحمايتها هو في نفس الوقت حماية للقانون الدولي والدفاع عنه في وقت يتعرض هو إلى التنكر، وتتعرض أحكامه وقواعده إلى الانتهاكات والانتهاكات الجسيمة أحيانا دون حساب أو عقاب بسبب غياب الديمقراطية في العلاقات الدولية وبشكل محدد في أهم جهاز من أجهزة الأممالمتحدة هو مجلس الأمن، وبسبب انفراد الدولة الأقوى بالسيطرة والهيمنة على الأجهزة المذكورة. من هذه النقطة بالذات تتخذ حقوق الشعب الفلسطيني والشرعية الدولية موقعا واحدا في مواجهة انتهاك تلك الحقوق والتي تشكل انتهاكا لمباديء القانون الدولي، والقانون الإنساني الدولي في نفس الوقت. لذلك أيضا جاء الرأي الاستشاري صرخة قانونية لشعبنا لكي يستيقظ وللمجتمع الدولي لكي يتذكر بان للقانون الدولي حماة ما زالوا في مأمن من فساد الضمير، ولم تتمكن سطوة السيطرة والهيمنة والقوة الغاشمة من التحكم بهم أو حرفهم عن طريق الحق والقانون والعدالة. كثيرون هم الذين شككوا بجدوى الذهاب إلى محكمة العدل الدولية منذ محاولتنا الأولى سنة 1996، بل كثيرون هم الذين توصلوا بناء على حساباتهم الخاطئة إلى نتائج سلبية مسبقة بل ومحبطة، أما وقد أصدرت المحكمة رأيها الاستشاري وهو ذو حجية قانونية بقوة الحكم ذهب هؤلاء إلى البحث عما يحمله هذا الرأي من فائدة مرددين( وماذا بعد ؟ وماذا سنفعل في هذا الرأي ؟ وهل هذا يعني أن فلسطين قد تحررت؟ ) طبعا فلسطين لم تتحرر بهذا الرأي، ولكن هذا الرأي القانوني هو أداة هامة من أدوات التراكم القانوني والسياسي التي يجب إن تسخر في معركة التحرير، تحرير الأرض، وعملية الوصول إلى حل عادل لمسألة فلسطين، وفي حالة الطلب إلى المحكمة للنطق برأي استشاري جديد عند الاقتضاء، ولا سيما عند الوصول إلى المراحل النهائية، وبشكل محدد عندما تصبح مسألة حدود الدولة موضع بحث، أو عند محاولات إسرائيل فرض حدود على هواها لها أو لغيرها بحكم الأمر الواقع وعن طريق القوة، عندها يجب التوجه إلى المحكمة للنطق برأي جديد بخصوص الحدود القانونية لكل من الدولتين، وأعتقد أنه لن يكون أمام المحكمة من حدود قانونية لإسرائيل إلا حدود التقسيم كما وردت في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181، اللهم إلا إذا أخذت المحكمة بالاعتبار الحدود التي قدمتها منظمة التحرير الفلسطينية مجانا لإسرائيل عندما اعتبرت المنظمة خطوط الهدنة لعام 1949 حدودا سياسية لإسرائيل، وهو ما أصبح يعرف بحدود عام 1967، ولم تغفل المحكمة عن ذلك في رأيها الاستشاري عندما ذكرت بأن خطوط عام 1967 ما هي إلا خطوط هدنة وليست حدودا قانونية أو سياسية لأية دولة. كيفية استثمارا لرأي الاستشاري في المراحل القادمة المهم نحن وماذا نريد ! فالمسألة هنا تتعلق بنا نحن، هل نحن نرغب في تحكيم القانون الدولي عند المفاوضات القادمة، وعند الحل النهائي مثلا أم لا ؟ وهل نحن نرغب في ذلك لحل الصراع مع إسرائيل وهذا هو الطريق الطبيعي، فالرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية قد وضع حدا لتجاهل القانون الدولي، وجعل من فشل جميع الحلول السابقة، واستمرار إسرائيل في احتلالها للأرض الفلسطينية وممارساتها التي تتعارض مع القانون الدولي تأكيدا على الضرورة والأهمية البالغة للعودة إلى الاحتكام للقانون الدولي، وليس إلى أية قاعدة أخرى، أو مبدأ آخر أو معيار تضعه لنا جهة معينة بعيدا عن أحكام القانون الدولي، ومن المعروف أن إسرائيل لا ترغب في ذلك لسبب بسيط وهو أن هذا المنهج لا يخدم احتلالها ورغبتها في التوسع والعدوان وسرقتها للأرض والمياه وغير ذلك. • نحن لجأنا إلى الأممالمتحدة بنفس القوة التي رفضتها إسرائيل بها، ولقد حققنا في الأممالمتحدة إنجازات سياسية هامة تتعلق بتحديد وتعريف الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وخصوصا حقه في تقرير مصيره بنفسه وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة على أرضه، وحقه في العودة إلى دياره وممتلكاته، وهي تكرر التأكيد على هذه الحقوق كل سنة. (تحضرني هنا مقولة لأحد أساتذة القانون الدولي، يقول فيها " أيتها الضحية، شعبا كنت أم أمة، عليك أن تتسلحي بأحكام القانون الدولي وقواعده، فهو لك، وقد وضع من أجلك في مكابدتك لقوى البغي والطغيان والاستعمار والاحتلال، أما إذا ألقيت بسلاحك هذا جانبا، فلن يبقى إلى جانبك ومن أمامك، ومن خلفك إلا عدوك المتربص بك وبحقوقك.) وهذا هو حالنا، فعندما أهملنا نحن ما حققناه في الأممالمتحدة وأدرنا ظهرنا لها، وأدخلنا في دهاليز السياسة الأمريكية، ومتاهات المراوغات الإسرائيلية، وهي التي كان من شأنها إبعادنا عن القانون الدولي، وتهميش الأممالمتحدة، ونقل المسألة كلها إلى الخارجية الأمريكية، لم نحقق شيئا سوى الفشل، والوصول إلى القناعة بأن المفاوضات التي استغرقت سنين طويلة مع الإسرائيليين ما كانت إلا مفاوضات عبثية. • إذن العودة إلى القانون الدولي، والاستناد إليه في المفاوضات والحلول، كمرجعية قانونية هو ضرورة وطنية شديدة الأهمية. • إخضاع المفاوضات للأشراف الدولي عن طريق وجود ممثل أو أكثر للأمم المتحدة على طاولة المفاوضات لمواكبة عملية التفاوض وضمان مجرياتها بما لا يتعارض مع أحكام وقواعد القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي وشرعة حقوق الإنسان وقرارات الأممالمتحدة ذات الصلة وليكون صمام أمان على طاولة المفاوضات. نبيل الرملاوي رام الله في 4 /8/2010