من الحقائق التي يشهد لها التاريخ و الواقع معاً أن الوطن/ الدولة ليس حكراً على جنس أو طبقة إجتماعية أو جماعة أو حزب، و أن معايير التفاضل و الكرامة تناط بكسب المواطن ليتحقق بذلك تكافؤ الفرص، و يؤصل العدل الإجتماعي. فكيف يمكن أن يكون من المقبول عقلاً و عدلاً أن تصبح معايير للفضل على مستوى الإنتماء و المواقع ؟. و لك تكن هذه الحقيقة و خلودها محل نظر أو مساومة على مر تاريخنا، لقد ضم المجتمع المغربي المحكوم بجانب الحاكم و الفقير بجانب الغني و في المجلس الواحد لتأصيل هذه الحقيقة ... و عبثا يحاول البعض من الذين ينتمون إلى هذا الوطن – وا أسفاه – الحط من قدر المجتمع المغربي من خلال معايير أقل ما يمكن أن نقول عنها أنها معايير جهلاء، فالمعيار ليس الغنى و الفقر و الوجاهة و السلطة و إنما الإنتماء إلى هذا الوطن، فباب الوطن مفتوح لكل مواطن . و قد يكون الأمر المطروح اليوم – و المطلوب داخل وطننا الحبيب و الذي لابد أن يكون مجتمعه متينا، ليكون قادراً على النقل الثقافي و الإجتماعي و الإقتصادي – هو التذكير بضرورة إستخدام المعايير الموضوعية في تحديد مواقع الأفراد/الموطنين في المجتمع المغربي، و الإمكانات التي يمتلكونها حتى تؤهلهم لبعض المهام في الدولة، ذلك أن الأعمال متفاوتة، و بالتالي فهي تتطلب مهارات و صفات متفاوتة، و لن نحقق الإتقان في العمل و الإقتراب من الكمال في الأداء، إلا بحسن الإختيار للمسؤول في كل موقع ضمن المجتمع المغربي نفسه من خلال إمكاناته و خبراته و تخصصه و سلوكه . و كثيرة هي المؤسسات اليوم التي يقوم عليها أشخاص يعوزهم و ينقصهم الإمكانات و التخصصات و الخبرات، التي تجعلهم أهلا لمثل هذه المهام، فليس مجرد الإنتماء لطبقة أو حزب أو عائلة معينة، يجعل الشخص مؤهلاً للوظائف و المهمات كلها، قادراً على القيام بها و حسن أدائها . و هنا لا بد من الحديث عن قضية مهمة تتكرر كثيراً في حياتنا و هي عندما يكون طرح شعار تكافئ فرص العمل و القضاء على البطالة و التغطية الصحية المجانية و العدل الإجتماعي ... مناسبا لمرحلة إنتخابية أو سياسية، و اقتناص شعور المواطنين البسطاء لمرحلة تقتضيها الظروف و الأحوال، ثم لا يلبث المواطنون البسطاء أن يكونوا أول الضحايا . فهل يعي المواطنون المغاربة اليوم، فيأخذوا حذرهم، و هل ستبدأ في حياتنا مرحلة إستعمال المعايير الموضوعية في تقويم الأشخاص و حسن التعامل معهم في ضوء ذلك، و هل يتوقف شد هذه المعايير باتجاه المواقف الشخصية و الحزبية لتبقى معايير موضوعية موصلة إلى نتائج موضوعية، و بعد هذا كله هل يتوقف الخداع للمغاربة ؟!.