غالبية الأمهات العازبات حينما يحملن في أحشائهن جنينا بعد علاقة خارج إطار الزواج ، يعبرن عن أسفهن وشعورهن بالندم ، لكونهن ثقن في الخطيب الذي أمطرهن بالكلام المعسول ، وبمجرد قضائه لنزوته يتحول إلى وحش كاسر ويزيل قناع الحمل الوديع ويكشر عن أنيابه ، فتتوسل الضحية جلادها بان يتزوجها ، فيبدأ في خلق الأعذار من قبيل أنه متزوج وزوجته لاتسمح له بالزواج من ثانية حسب المدونة ، وغيرها من الإجابات التي تنزل على الأم العازبة كالصاعقة ، وحين لاتجدي توسلاتها تطالبه فقط بالاعتراف بالجنين الذي في بطنها ، فينكر ويدعي بأنه ليس من صلبه . بل من العائلات من تذهب إلى حد تقديم إغراءات للخطيب للتزوج بها لستر هذه الفضيحة الذي نزلت عليها دون سابق إشعار . وحين يصر الخطيب على التشبت بموقفه تلجأ بعض الأمهات العازبة إلى التخلص من الجنين عن طريق الإجهاض ، فكم من مرة نسمع عن طفل ملقى بالقمامة أو في مكان خال .. ، ومنهن من يقدمن على الانتحار لعدم قدرتهن على الصمود أمام الواقع الذي وضعن أنفسهن فيه نتيجة نزوة عابرة. هذا دون أن نغفل أن بعضهن يهربن من منازلهن خوفا من التعرض للقتل من طرف أحد أفراد العائلة نتيجة العار الذي جلبنه للعائلات . ومن هنا نكون في وضعية اخطر من الأولى حيث تقع بعض هؤلاء الأمهات العازبات أمام مجتمنعا الذي لايرحم في شراك الدعارة وتتحول من تلك الإنسانة التي كانت تعتز بشرفها وتحمل أفكارا وردية وتنظر للمستقبل بعين طامحة مقبلة على الحياة إلى مجرد زانية عاهرة تبيع جسدها لتوفر لقمة عيشها . وهناك وضعية أخرى للأمهات العازبات تتمثل في كون بعضهن تعرضن بين عشية وضحاها إلى الإغتصاب بالإكراه من طرف ذئاب بشرية ، وفي هذه الحالة يتعاطف المجتمع معها و يعتبرها البعض ضحية ويطالب بالقصاص لها . كل واحد منا له موقف من ظاهرة الأمهات العازبات ، فمنا من يعتبر الأمهات العازبات زانيات فاجرات ويجب محاكمتهن ووضعنهن وراء القضبان لارتكابهن معصية وهو رأي شريحة عريضة متناغمة مع الدين الإسلامي الواضح في هذه الظاهرة ، بكون أي علاقة خارج إطار الزواج تعتبر زنى ، ومنا من يعتبر أن الأمهات العازبات ضحايا مجتمع مليء بالتناقضات من قبيل انتشار البطالة إلى حد لايطاق والتي وكان من نتائجها عزوف الشباب عن الزواج وإقباله على الإرتماء في الفاحشة .. والملفت للانتباه أن ظاهرة الأمهات العازبات في المغرب في تصاعد خطير ، حيث ذهبت بعض الإحصائيات إلى أن مدينة الدارالبيضاء لوحدها ، يتواجد بها أكثر من خمسة آلاف أم عازبة ، وبين كل خمسة ولادات حالتان غير شرعيتين ، هذا دون الحديث عن الحالات التي يتم التسر عليها كحالات الإجهاض والولادة في المنازل خوفا من العار أو للحفاظ على الشرف المصطنع ، ومنهن من يضعن ما بأحشائهن عند الأقارب بالبوادي متناغمين مع المثل الشعبي ” اللحم إلى خناز ايهزوه أماليه ” . وذهبت إحصائيات الأممالمتحدة إلى كون أزيد من 40 في المائة من الأمهات العازبات بالدارالبيضاء أميات ، وأن متوسط أعمارهن 26 سنة . كما أن هناك إحصائيات أخرى ذهبت إلى كون شريحة مهمة من الأمهات العازبات من خادمات البيوت اللواتي تعرضن للإعتصاب من طرف مشغلهن أو أحد أبنائه أو أقاربه . هذه الظاهرة المقلقة دفعت بالعديد من الجمعيات الحقوقية والاجتماعية بالدخول على الخط في هذا الموضوع ، عن طريق تنصيب نفسها طرفا مدنيا في القضية محاولة إقناع المتسبب في الحمل الزواج بالأم العازبة أو على الأقل الاعتراف ببنوته تماشيا مع قانون الأسرة وفق التعديل الذي عرفه سنة 2003 ثبوت النسب دون إثبات الزوجية . وفي الوقت الذي كانت تقوم بمهمة احتضان الأمهات العازبات الراهبات والمنظمات العالمية ، أنشئت جمعيات مغربية وحملت المشعل، وتلقت معارضة شديدة من قبيل بعض الجماعات وفئة من الطبقة الواعية ، واصفة إياها بالمشجعة على التفسخ الخلقي وحاضنة العاهرات وما إلى ذلك من الكلام القاسي الذي أثار غضب قيدومة العمل الجمعوي في المغرب عائشة الشنة ، التي كانت إجابتها في أكثر من مناسبة وعلى الأثير بكون الأمهات العازبات، ضحية إغتصاب ، وتعمل على إقناع عائلاتهن بان بناتهن وقعن في الخطأ ، نتيجة سذاجتهن وكونهن لسن عاهرات ..كما أنها عبرت في أكثر من مرة إلى كون المجتمع إذا لم يتسامح معهن فأننا سندفعهن إلى طريق الدعارة لكسب قوتهن . ونشير هنا إلى أن غالبية تمويلات هذه الجمعيات أجنبية ، وأن منح الدولة محتشمة في هذا المجال ، كما أنه بفضل هذه الجمعيات عاد الأمل إلى بعض الأمهات العازبات عن طريق التكوين والتأهيل في مهن كالخياطة والطبخ .. وكسبن قوتهن حلالا لتربية أبنائهن . ورغم ماقيل وما تقدمه هذه المنظمات للأمهات العازبات من خدمات ، فإن الظاهرة آثارها صعبة خاصة على الطفل الذي كلما كبر إلا و تكبر معه الكثير من العقد حينما يكتشف انه كان نتيجة نزوة عابرة ، أو ربما سيتحول إلى عدواني ويقدم على الانتقام لنفسه بارتكاب نفس الخطأ ، وتبقى ظاهرة الأمهات العازبات من المسائل التي يجب معالجتها بتأني ، وذلك من خلال تسليط الإعلام الضوء عليها ، فبدل أن تواصل قنوات الواد الحار سياسة النعامة والتشجيع على الظاهرة من خلال تكل القمامة المستوردة من المكسيك والهند وتركيا وبثها على شكل حقن طيلة اليوم . كان من الأجدر أن تتطوق إلى الظاهرة وتحسس بمخاطرها ، هذا دون أن نغفل دور الخطباء في التوجيه والإرشاد والتحسيس خصوصا في خطبة الجمعة ، بدل تطرف بعضهم والدعوة إلى إهدار وسفك دمائهن . يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم :” كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ” رواه الترمذي .