من الصعب جدا تصور العلاقة الداخلية داخل قطاع الأمن في مدن حدودية كمدن وجدةوالناظوروبركان…الخ تعج بالكثير من مظاهر الحذر والمراقبة،مدن تحظى باهتمام متزايد على المستوى المركزي عندما يتعلق الأمر بالملفات التنموية، لكن درجة الاهتمام والتركيز ترتفع كلما تعلق الأمر بوقائع يتداخل فيها الأمني مع الاجتماعي والدولي،ولكن بالمقابل تتميز هذه المدن كذلك بحركية زائدة ملفتة للانتباه داخل كقطاع الأمن،بحكم أن الانشغالات الأساسية - إضافة إلى الحرب ضد الجريمة الكلاسيكية – الحرب اليومية ضد التهريب بكل أنواعه وتهريب المخدرات ومراقبة الساحل الشرقي والحدود الشرقية والهجرة السرية وكل أنواع الاستعلام في منطقة حدودية تجاور دولتي الجزائر واسبانيا اللتان لا يمكن تصنيفها بأية حال في صف المغرب،ولذا فان الضربات المفاجئة التي يتلقاها الأمن يكون صداها قويا في الغالب،وهي في العادة ملفات انفجرت في يد مسؤول أمني، وقد تكون نتيجة أبحاث تعقب آو تسبق زيارات ملكية للجهة،أو تكون مرتبطة بملفات ذات طابع جنائي أو جنحي تم تداولها على مستوى المصالح المركزية وامتدت خيوطها للجهة. – – —— —— —— ——- رسميا ،يتراوح عدد هذه الملفات التي نتج عنها الإعفاء أو السجن أو التنقيل التأديبي أو حتى المثول أمام المجلس التأديبي العشرين ملفا تقريبا خلال السنوات الخميس الأخيرة ،وفي ظل التكتم الإداري الرسمي المطلق في المواضيع المرتبطة بحركية الموارد البشرية فإن المعلومة تصبح شحيحة أمام المواطن، الذي لايمكنه التمييز بين الصائب وغيره في كل واقعة أمنية ،لكن المؤكد أن أربعة رجال من مديرية مراقبة التراب الوطني بالجهة الشرقية تم توقيفهم وإيداعهم السجن ،ثلاثة من وجدة في الواقعة الشهيرة المرتبطة بسرقة السيارات بعدد من مدن المملكة ونقلها للتراب الجزائري مقابل عمولات تتعلق بكل عملية على حدة ،أما المدير الجهوي السابق للديستي بالناظور (محمد .أ.) فقد سبق أن قضى عقوبة سجنية لمدة ستة شهور بالناظور، بعدما تخلى عن مهامه دون إجراء أية مسطرة ادارية ، وقرر الدخول إلى مدينة مليلية المحتلة والالتحاق بعائلته باسبانيا ،لكن طريقه توقف في مليلية ،وجرى تسليمه للسلطات المغربية، ولم يكتب لآي منهم جميعا المشاركة في تدشين المقر الجديد للديستي بوجدة الذي عوض مكتبا مهترئا كان عبارة عن عيادة طبية تم تحويلها لمقر أمني ،لم يعد يناسب ضخامة المهام التي تواجهها هذه المصلحة،وغير بعيد من ذلك فإن العقوبة السجنية الأخيرة طالت وبشكل مختلف نسبيا الرئيس السابق للمنطقة الأمنية بالناظور بناصر الغزواني ،الذي شغل سابقا مسؤول الاستعلامات والتقنين بوجدة ،وجاء التوقيف والسجن في لائحة توقيفات الحسيمة عقب الزيارة الملكية الأخيرة لهذه المدينة ،غير أن مطلعين بمدينة الناظور متأكدون أن جزءا من أسباب الاعتقال تعود لمدينة الناظور التي قضى بها الغزواني مدة كرئيس للمنطقة الأمنية.،ويجمع النماذج المذكورة تقريبا أمران هما :التعرض للعقوبة الحبسية ،ثم كون العقوبة جاءت بعد مشاركة في أعمال تعد من طرف المشرع أعمالا اجرامية معاقب عليها ، لكن من جانب آخر نجد لدى الأمن بالجهة أسبابا أخرى ، تتخذ في الغالب مناحي أخرى يكون مصيرها الإعفاء أو التنقيل لسبب رئيسي هو أن أغلبها جاء بعد ارتكاب مخالفات مهنية،أو مخالفات يعاقب عليها القانون ولكن لم تثبت بصفة نهائية غير أنها أدخلت هيبة رجل الأمن في الشبهة التي تضرب في الصميم كل محاولة للحديث عن تخليق قطاع الأمن، أشهرها تنقيل محمد طاتي رئيس المنطقة الأمنية بالعروي بإقليم الناظور وإلحاقه بالمصالح المركزية« للاستفادة من خبرته » ،هذا الحادث الذي تزامن مع ثلاثة وقائع هامة هي تفكيك عصابة مسلحة بأسلحة نارية سطت على مصرف بشارع محمد الخامس بالناظور ، ثبت أن جزءا من نشاطها امتد لمدينة العروي ،وكذا واقعة أخرى تتعلق بالقيام بتفتيش منزل احد أفراد إحدى العائلات السياسية بالناظور ،إضافة إلى حادثة سير كان ضحيتها أحد رجال شرطة السير بالمدينة ،رفض فيما بعد الضغوطات التي مورست عليه للتنازل عن حقه في التعويض عن الحادثة ،واستتبع ذلك تقديمه لشكاية للمدير العام للأمن الوطني ،نتج عنها نقله لمدينة فاس، وإلحاق العميد الإقليمي بالمصالح المركزية . وكما سبق الذكر فان بعض الإجراءات كانت تأتي غالبا بعد وقائع تخرج عن المألوف ،فقد استدعت المصالح المركزية في شهر أكتوبر من السنة الماضية مجموعة من رجال شرطة المرور بزايو بإقليم الناظور ،قصد التحقيق معهم مما يكون قد سجل ضدهم من مخالفات أهمها ابتزاز مواطنين،وتم ربطها بشكاية من مصدر داخلي يتهم صاحبها قائد فرقة المرور بإجبار أعوانه على تسليمه 50درهما للفرد الواحد كل يوم،وبعد التحقيق الأولي تم إصدار عدة قرارات تأديبية في حق كل من (ع.م) قائد حراس الأمن ،حيث تم تنقيله بدون مهمة لولاية الأمن بفاس،ومقدم رئيس الأمن (ج.ب) الذي الحق بولاية وجدة ،إضافة إلى توبيخ قائد فرقة المرور ( ع.ب)الذي اعتبر حلقة وصل بين كل المعنيين بموضوع التحقيق. و سبق أن أكدت جريدة الصباح في عددها الصادر يوم الأربعاء 18 مارس2009 أن الإدارة العامة لمديرية مراقبة التراب الوطني و المعروفة اختصارا بالديستي قد استدعت 7 من ضباطها من بينهم العاملون بالناظور لاستفسارهم حول ملفات لم يقدموا تقارير عنها في الوقت المناسب مما عرضهم للمساءلة التأديبية،و يذكر أن المدير السابق لهذه المصلحة بالناظور تم إعفاءه من منصبه، أسابيع فقط بعد تقلده لهذه المهمة ، إثر ترقية المدير السابق لمنصب مدير جهوي في نفس الوقت الذي تم تنقيل ضابط الديستي المسؤول عن معبر بني أنصار ،باب مليلية. وتبقى ألغاز الضربات الأمنية المركزية المفاجئة أمرا عاديا في هذه المناطق،يتوقعها المتتبعون عقب كل مداهمة لأوكار المهربين أو معركة للقضاء على الهجرة السرية أو تفكيك شبكة من شبكات الإجرام التي عششت في هذه المناطق وجرى تفكيك عدد منها شيئا فشيئا من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بتنسيق مع الفرقة الولائية للشرطة القضائية بولاية وجدة،وأهم هذه الضربات التي هزت الجهة الشرقية ،توقيف عميد الآمن الإقليمي محمد جلماد يوم13 مايو الماضي،وتكليف عميد الأمن الممتاز عبد الرحمان بورمضان بشغل منصبه مؤقتا ،إحدى الضربات والقرارات التي كشفت الكثير حول العلاقات بين الأطراف الأمنية ،وكيف يتم تدبير والتعامل مع الأخطاء المهنية التي تعد من النوع الخطير،فقد قام العميد محمد جلماد يوم الثاني من ماي الماضي بمداهمة وكر إحدى أهم الشبكات الدولية لتهريب المخدرات ،الواقع بحي عاريض بالناظور، حيث تم حجز7488 كلوغراما من الشيرا إضافة إلى معدات مخصصة للتهريب وعدد من محركات الزودياك ،ومعدات نقل واتصال متطورة ،وكذا بعض السيارات الفاخرة، وخصوصا وان العملية جاءت على بعد أيام من الاحتفال بذكرى54 لتأسيس الأمن الوطني واستعدادا للزيارة الملكية ،والأخطر من ذلك وهو الجزء العميق من جبل الثلج أن الفرقة الوطنية كانت على أهبة تفكيك شبكة الزعيمي الدولية انطلاقا من مخططها الخاص ،بتنسيق مع الفرقة الوطنية الخاصة التابعة لمديرية التراب الوطني ،في الوقت الذي سارع العميد جلماد إلى مداهمة العصابة وخلط الأوراق بشكل غير متوقع، و في عملية بدت غامضة للمهتمين بالشأن الأمني ،خصوصا وأن الفرقة الوطنية كانت تترصد للشبكة بتنسيق مع الديستي سرعان ما تكشفت الخيوط ليصبح محمد جلماد جزءا رئيسيا من العملية ككل، و قد سبق أن أعفي محمد جلماد من مهامه كعميد أمن إقليمي بسلا في يناير2008 وألحق بالإدارة المركزية بسبب ما سجل من تهاون واضطراب خلال مرور الموكب الملكي العائد من نشاط ملكي يتعلق بأشغال تثليث الطريق السيار الرابط بين الرباط والدار البيضاء ثم أعيد إخراجه من ثلاجة الإدارة ليعين بالناظور ،خلفا لمحمد ادخيسي الذي رقي إلى درجة وال للأمن بالعيون،قبل أن تلجأ المصالح المركزية في غشت الماضي إلى عملية شطرنج جديدة، بنقل العميد عبد الرحمان بورمضان إلى مفوضية بركان وتعويضه برشيد بيوض رئيس مفوضية العروي، ثم تكليف فريد المحرزي بتعويضه ليتم من جديد إعادة الأشياء إلى سياق آخر خلال شهر شتنبر الماضي ،هذا دون التوقف عند التنقيلات التي أصبحت تهم بشكل مستمر الأقسام الصغرى من الإدارة.،بشكل لا يمكن أن يحسب كله على العمل الإداري الروتيني فقط ،بل يتداخل فيه تحديدا التأديب والاحتياط مما يمكن أن يشوب مشروع الدولة في تفكيك شبكات الإجرام الدولي في هذه المناطق ،فيما لا يزال يقبع ثلاثة رجال شرطة بالسجن المحلي بالناظور في ملف ما يعرف بقضية الزعيمي. ولم تسلم مدينة وجدة بدورها من الأمر فقد راجت أخبار تزامنت مع الزيارة الملكية بخصوص إعفاء وتنقيل يهمان والي الأمن عبد الله بلحفيظ وكذا رئيس الأمن العمومي بالولاية السيد محمد الداكي ،ورفضت الإدارة العامة للآمن الوطني حسب جريدة (الصباح ) في عددها رقم2861 الصادر بتاريخ22يونيو2009 نفي أو تأكيد الخبر، ولم يصدر أي قرار رسمي في الموضوع ،غير أن والي الأمن بوجدة استمر في أداء مهامه وكذا الشأن بالنسبة لرئيس الأمن العمومي ،لكن المؤكد كان هو إعفاء والي الأمن السابق من مهامه على خلفية ملفات تعلقت بالهجرة السرية واستعمال سيارات الأمن ،فيما لم تكن له علاقة بالمهام الرسمية المخصصة لها ، وكذا إعفاء الكولونيل قائد الفرق الخارجة عن الصفوف ،على خلفية سوء التنسيق بين مختلف الفرق الأمنية حسبما اتضح من الجزء الظاهر من جبل الجليد الأمني ،خصوصا بعد إقدام المدير العام الشرقي اضريس على إلغاء العمل الأمني بالمجموعات الحضرية للأمن.