بطلب من المغرب، ألقت السلطات البلجيكية يوم الخميس السابع والعشرين من نوفمبر الجاري القبض على اثني عشر شخصا منهم أحد عشر مغربيا والآخر من أصل جزائري، بتهمة الانتماء ل “خلية بليرج”. شبكة متشعبة عبد القادر بليرج أو بلعيرج كما هو مشهور في الصحافة العربية، مواطن بلجيكي من أصل مغربي ألقي عليه القبض في المغرب قبل الصيف الماضي بتهمة الإرهاب وتهريب السلاح والمخدرات والتشيع والسلفية الجهادية والعلاقة مع تنظيم القاعدة... كما ألقت السلطات المغربية، في القضية ذاتها، القبض على مجموعة من المنتمين سياسيا إلى أحزاب ذات اتجاه إسلامي مرخص لها، منهم محمد المرواني أمين عام الحركة من أجل الأمة ومصطفى المعتصم أمين عام حزب البديل الحضاري الذي شارك في الانتخابات الأخيرة وصدر في حقه قرار المنع بمجرد اعتقال أمينه العام، ومحمد أمين الركالة الناطق الرسمي لحزب البديل الحضاري، وكذا السيد العبادلة ماء العينين عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية أحد أكبر أحزاب المعارضة في المغرب، و حميد ناجيبي عضو الحزب الاشتراكي الموحد بالإضافة إلى الصحفي عبد الحفيظ السريتي مراسل قناة المنار اللبنانية التابعة لحزب الله. غموض وكانت السلطات المغربية قد سلمت منذ عدة أشهر للسلطات البلجيكية قائمة بأسماء المطلوبين المغاربة في ملف خلية بليرج. إلا أن السلطات البلجيكية لم تستجب في حينه بسبب الغموض الذي يلف القضية من جوانبه القضائية والسياسية، كما أوضح لنا السيد يوسف لبيض، الناشط الإسلامي السابق والخبير بقضايا الجماعات الإسلامية في المهجر : “الملف ككل، سواء بالنسبة للسلطات البلجيكية أو للمتابعين المحايدين لهذه القضية، مطبوع بعلامات استفهام كثيرة، سواء على المستوى السياسي أو على المستوى القضائي. ومن ثم السلطات البلجيكية لها تجربة مع السلطات المغربية، إذ كثيرا ما تأتيها معلومات تظهر فيما بعد أنها معلومات خاطئة ومغلوطة أو لها أهداف أخرى غير الأهداف الأمنية. ومن ثم، وبحسب الإعلام البلجيكي على كل حال، ظهر أن السلطات البلجيكية أولا لم تستطع الحصول على الملف كاملا من طرف المغاربة، مما جعلها تضع علامات استفهام كبيرة. ثانيا طرح داخل المغرب أن هذا الرجل (بليرج) يمكن أن يكون عميلا للمخابرات البلجيكية، مما شكل سابقة في التعامل بين البلدين، وهو إعطاء أسماء بعض من قد يكونون عملاء لهذا البلد أو ذاك. ثالثا، لأن الأسماء التي أعطيت للسلطات البلجيكية تنتمي لعدة اتجاهات، مما جعل الجمع بينها هو الجمع بين المتناقضات؛ أناس على المذهب الشيعي، أناس من السلفية الجهادية، أناس على مستوى التبليغ وأناس لا علاقة لهم بالالتزام الديني أصلا. فهذا الخليط العجيب جعل البلجيكيين يتعاملون عموما، كباقي الأوروبيين، بعقلية منطقية نوعا ما”. تدويل الملف ويستبعد السيد لبيض تسليم المطلوبين للعدالة المغربية، لأن السلطات البلجيكية تحكمها مؤسسات قانونية وستنظر بالتأكيد إلى الملف بتعقل وروية. “أظن أن السلطات البلجيكية أعقل وأكبر من أن تتعامل مع هذا الملف بطلبات غير موثقة وغير مدعومة بوقائع، لأنها سلطة مسئولة لاتقوم بأي شيء دون أن ترجع إلى قانون يحكمها”. ويبدو أن ملف بليرج سوف يعرف تطورات وأبعاد دولية بسبب ما ينسب إلى عبد القادربليرج من علاقات مفترضة بالجماعة الإسلامية المقاتلة في الجزائر ومحاولة تزويدها بالسلاح، وكذا لقائه بالرجل الثاني في تنظيم القاعدة أيمن الظواهري. وكان محامي بليرج في بلجيكا قد نشر في غضون هذا الأسبوع رسالة في صحيفة لوسوار البلجيكية سربها بليرج من سجنه يؤكد فيها على أنه تعرض للتعذيب لمدة شهرين على يد المخابرات المغربية قبل أن يتم الإعلان عن اعتقاله.