جبال الأطلس والصويرة (المغرب)(رويترز)- تعرف شجرة الأركان وثمارها والزيت الثمين الذي يستخرج من الثمار بخواصها الطبية والغذائية والتجميلية العديدة. وزيت الأركان من أندر أنواع الزيوت في العالم لضآلة المساحات الموجودة فيها أشجاره ومنها غابات في منطقة جبال الأطلس بجنوب غرب المغرب. وفي دائرة نصف قطرها 160 كيلومترا بمنطقة وادي سوسة تنبت زهاء 21 مليون شجرة هي كل ما ينتج في العالم من ثمار الأركان التي يستخرج منها الزيت. ويدرك الرجال والنساء الذين يعيشون في مئات القرى بالمنطقة قيمة أشجار الأركان الفريدة. يرعى الرجال قطعانهم الصغيرة من الماعز في الأرض المشاع التي تنبت فيها معظم الأشجار. وعندما يشتد قيظ الصيف وتجف كل النباتات الأخرى يتسلق الماعز الأغصان ليأكل ثمار الأركان. ومن بعيد يبدو الماعز مثل ثمار غريبة داكنة تتدلى من الأشجار ذان الجذوع الملتوية التي تنتشر فيها العقد. ويتعلق الماعز بأغصان الأشجار مثلما تتشبث الجذوع القصيرة بعناد بالتربة على منحدرات التلال الصخرية. ومن الغريب أن كل المحاولات لاستنبات الشجرة في المعامل أو في التربة من فروعها أو بذورها باءت بالفشل. وقالت خديجة باكريم التي ترأس جمعية تعاونية نسائية في المنطقة “الجميع هنا في المغرب يقولون إنها شجرة يكتنفها الغموض. حاول كثير من الخبراء والعلماء والمزارعين أن يزرعوا هذه الشجرة لكن للأسف لم ينجحوا.” ويعتبر البربر شجرة الأركان التي يقال إن عمر الواحدة منها يصل إلى قرنين عنصرا محوريا لحياتهم وهم يحرصون على الحفاظ عليها من أجل الأجيال القادمة. وذكر عبد الرحيم الزاهر الذي يملك معملا لاستخراج زيت الأركان في الصويرة أن استخدام نساء البربر في جمع ثمار الأركان يساهم في مساندة المجتمع المحلي ماليا. وقال الزاهر “هناك نظام كامل للتوظيف وراء هذا المصنع. كل النساء في الريف اللاتي يجمعن الثمار أو يعتنين بالأشجار. الطريقة التي يعود بها المال إلى المجتمعات الريفية.” وثمة مخاوف من أن يهدد تزايد اهتمام العالم الخارجي بقاء شجرة الأركان. ويكمن التهديد في محاولات لإنتاج الزيت بكميات كبيرة. ويستخرج زيت الأركان من لب ثمار الشجرة التي تعصر بين حجرين ضخمين في عملية بطيئة وشاقة. ويستخرج كيلوجرام واحد من الزيت من كل 100 كيلوجرام من لب الثمار. وتستخدم نساء البربر زيت الأركان في العديد من الأغراض منها العلاج والطهي والتجميل وصنع الصابون وكوقود للمصابيح. ولم يكن زيت الأركان في الماضي يحظى باهتمام واسع النطاق حيث كان يعتبر منتجا ريفيا بسيطا. لكن الإقبال عليه تزايد بعد أن اكتشفت شركات أجنبية كبيرة أنه “معجزة” عند استخدامه في المستحضرات المقاومة للشيخوخة. كما تتهافت عليه شركات المواد الغذائية كمنافس قوي لزيت الكمأة البيضاء. وقالت الألمانية كورنيليا هندري الشريكة في ملكية “فيلا ماروك” في الصويرة “تتزايد المعرفة بزيت الأركان في أوروبا. بعض كبار الطهاة المشهورين يستخدمونه في مطابخهم. السائحون الذين يحضرون إلى هنا يتعرفون على الزيت ويريدون أن يتمكنوا بعد ذلك من شرائه في بلادهم الأوروبية.” وتنبهت الحكومة المغربية إلى الخطر الذي يهدد التوسع في استغلال أشجار الأركان وهي بصدد إصدار تشريع لحمايتها باعتبارها جزءا مهما من التراث المحلي. وقال عبد السلام بيكرات محافظ الصويرة يقول بالفرنسية “الحكومة المغربية على دراية بالمشكلة وتبذل أقصى جهد بالاشتراك مع وكالات خارجية مثل الاتحاد الأوروبي بصفة خاصة من أجل حماية هذه الغابة الفريدة.” وتتوارث نساء البربر في جنوب غرب المغرب منذ قرون أسرار زيت الأركان في الحفاظ على نضارة البشرة وعلاج السرطان وأمراض القلب والشرايين والروماتيزم والبروستاتا وأمراض الاطفال والامراض الجلدية