“سيدي عري ” هو لمقام الأكثر شهرة في الناظور ، يستقبل العشرات كل يوم والمئات كل شهر والآلاف كل عام ، في الذاكرة الشعبية للناظوريين ارتبط إسم ” سيدي عري ” بشفاء المرضى وتزويج العوانس ، ويرجع نسب ” سيدي عري ” إلى أحد الأولياء الصالحين حسب ما تداولته الذاكرة الشعبية ، ويقع ضريحه بضواحي مدينة الناظور ويطل على بحيرة مارتشيكا ، تحول إلى قبلة لعلاج أكثر الناس جنونا وأكثر القصص إثارة للغرابة وتناسل الأساطير ٠ وحسب ما ترويه الأساطير لسان حال الذاكرة الشعبية فإن كل من دخل القبة أو لمس جدرانها فطوبى له ، وتمضي الأسطورة لتقول أنه بعد دنو أجل الوالي أقام ” محضرة” اجتمع فيها الإنس والجان لترتيل القرأن ومع الوقت تأكدت قدرته على ترويض الكثير من المخلوقات الخفية ، وتضيف الأسطورة أن أحد الجان وهي أنثى قدمت مفتاحا للوالي “سيدي عري” وبينما الزوار جالسين في ركن من مقر الوالي تحركت قوة خفية ونقلت جميع من كان رفقة الوالي إلى مكان يدعى اليوم “سيدي عري أمرابذ أو الوالي سيدي علي ” حيث استقرت بركة المفتاح الذي قدمته الجان للوالي الذي استمر في شفاء المرضى وتزويج العوانس ، وتضيف الرواية أن ” الوالي” قام بدفن المفتاح في جدار زاوية من الضريح في الجهة المقابلة للقبلة ٠ حسب الزوار كل ما يحيط بالضريح يعد مقدسا يقصده الناس يعلقون عليه أحلامهم وآمالهم وهم يوقدون الشموع ، وقبل أن يعود الزائر إلى بيته ” يعانق ” جدران الضريح ، إنها واحدة من بين الحالات التي يظهر فيها الإنسان ساذجا وهو يتضرع إلى حجر يضع يديه عليه ثم يقبلهما ، والغريب في الأمر أن الفضاء المحيط بالضريح يعتبر مقدسا من أحجار وأشجار وأتربة ، سلوكات الإنسان وتماديه في تهويل الأشياء إلى أن تصير مقدسة جعل شجرة قدر لها أن تنبت بالقرب من الضريح تحولت إلى مزار يحج إليه الناس كما يحجون إلى الضريح ٠ في هذه القصص تختلط الأسطورة بالواقع ، فالضريح مازال موجودا إلى يومنا هذا ويحج إليه الكثير من الزوار خاصة الإناث من مختلف الأعمار ، وملامح المناجاة بادية على وجوههن ينتظرن الفرج ٠ زيارة الأولياء تقليد قديم يخفي حقيقة مجتمع معقد ، والإسم الأكثر تداولا هو ” السادة” لأناس عاديين وأكثرهم مجهولين تحولوا إلى خوارق غير عادية ، غير أن شفاء المريض وتزويج العانس يجعل الأمر خليطا بين الحقيقة والخيال ٠ وتجدر الإشارة إلى أن الضريح تحول في الآونة الأخيرة إلى مرتع للقاء بين الجنسين قصد تجاذب أطراف الحديث ، كما تحول إلى مقر للمنحرفين وذوي السوابق العدلية٠ يستغرب أكثر الناس حول إمكانية شفاء المرضى وتزويج العوانس ، إذ كيف لجثة هامدة متحللة تسهم في الشفاء وتجلب فارس الأحلام ، فيصبح بذلك الأحياء خانعين للأموات ، وتبدو هذه المعتقدات غريبة فكيف يمكن تغير مسار حياة عن طريق شخص ميت ومجهول ٠ كلها حكايات يمتزج فيها الواقع بالخيال لتضعنا أمام حالة شعبية بامتياز