دراسة: 45 بالمائة من أرباب المقاولات يعتبرون أن الفساد زاد خلال العامين الماضيين    مجموعة بريد المغرب والبريد البرتغالي « CTT كوريوس» يطلقان إصداراً مشتركاً لطابعين بريديين    الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول يرجح ارتفاع سعر الغازوال إلى 15 درهما    تساؤلات حول غياب زياش عن قائمة المنتخب الوطني    الفنان هشام شبري يطلق أغنيته الجديدة «يازين السمية»    اليونسكو تختار الرباط عاصمة عالمية للكتاب لعام 2026    المركز السينمائي المغربي يكشف عن قائمة مشاريع الأفلام الطويلة المشاركة في مسابقة "Pitch"    الإفراط في القهوة والمشروبات المكربنة يجلب السكتة الدماغية    جماعة الحسيمة تصادق بالإجماع على ميزانية 2025 في دورة أكتوبر    دياز يعود للتدريبات الفردية ويستعد للعودة إلى التشكيلة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    مجلس جماعة اكزناية يستعرض حصيلة نصف ولايته.. ويصادق بالإجماع على ميزانية 2025    ألمانيا تجدد التأكيد على "الأهمية الكبرى" التي توليها للشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب    تقرير رسمي.. أسعار بيع الدواجن ستشهد زيادة تقدر بنسبة 27,6% وتراجع أسعار الخضروات    ذكرى 7 أكتوبر… مسيرات ووقفات بعدة مدن مغربية للمطالبة بوقف العدوان وإسقاط التطبيع (صور)    منح جائزة نوبل للفيزياء لبريطاني كندي وأميركي عن بحوثهما في "التعلم التلقائي"    "دوكفوكس" تكشف تورط مقاولات جنوب إفريقيا في عمليات غسيل أموال    دراسة: الرصاص في المنتجات الاستهلاكية يتربص بالأطفال    الرجاء البيضاوي يتفق مع البرتغالي ريكاردو سابينتوظ لتدريب الفريق خلفا لروسمير سفيكو المقال    القضاء الفرنسي يحدد 15 أكتوبر موعدا لإصدار قراره حول طلب الإفراج المشروط عن اللبناني جورج عبد الله    وفاة متسابق فرنسي في "رالي المغرب"    شعبوية الرئيس تبون و سقطته الجديدة في قعر التفاهة    فلوريدا تستعد لوصول الإعصار ميلتون "الخطير للغاية"    توماس فينتربيرغ رئيس لجنة تحكيم الدورة ال21 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش    اتفاقيات شراكة وتعاون بين جهة مراكش آسفي وكينيا لتعزيز التنمية والتبادل الخبراتي    الدار البيضاء: توقيف 4 أشخاص بتهم سرقة السيارات والتزوير واستعماله والنصب والاحتيال    المنتخب الوطني لأقل من 20 سنة يخوض مبارتين وديتين أمام فرنسا بمركز كليرفونتين        الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال أحد قادة حزب الله بغارة دقيقة    ماسك يؤكد تأييد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية    المنتخب الوطني يخوض أول حصة تدريبية استعدادا لملاقاة إفريقيا الوسطى    تنبيه من العصبة الوطنية لكرة القدم الاحترافية    مباريات مشوقة في الجولة الثالثة من منافسات كأس التميز    بورصة الدارالبيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    نجمة "الغوسبل" سيسي هيوستن تغادر دنيا الناس عن 91 عاما    وقفة احتجاجية لأرباب المخابز الأسبوع القادم بالرباط    بوريطة يجري مباحثات مع وفد جنوب إفريقي من المؤتمر الوطني الإفريقي        كيوسك الثلاثاء | المغرب يتفوق على الدول المغاربية في البنية التحتية ويتقدم 6 درجات عالميا    قطاع الانتقال الطاقي سيحدث أزيد من 400 ألف منصب شغل بحلول سنة 2040    إدارة سجن العرجات توضح حقيقة تعرض محمد زيان لنوبات قلبية    اختراع نبات صناعي يولد الكهرباء لشحن الهاتف    النفط يرتفع لأكثر من 80 دولارا للبرميل مدفوعا بالتوترات في الشرق الأوسط    أنقرة تتحرك لإجلاء الأتراك من لبنان    القضاء يلزم "غوغل" بفتح المتجر الإلكتروني أمام المنافسة    تحليل ثقافي واحتجاج ميداني.. بلقزيز يستشرف قضية فلسطين بعد "طوفان الأقصى"    تطوان تحيي ذكرى 7 أكتوبر بالدعوة إلى التراجع عن تطبيع العلاقات مع إسرائيل    تعليقاً على قرار محكمة العدل الأوروبية، وما بعده!!    اسئلة وملاحظات على هامش قرار المحكمة الاوروبية    أهمية التشخيص المبكر لفشل أو قصور وظيفة القلب    جائزة نوبل للطب تختار عالمين أمريكيين هذه السنة    رواندا تطلق حملة تطعيم واسعة ضد فيروس "ماربورغ" القاتل    معاناة 40 بالمائة من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050 (دراسة)    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا لن تئدوا أحلامنا وإنسانيتنا؟
نشر في أريفينو يوم 02 - 02 - 2013

أن يزيح بعضهم أعينهم بعيدا عن مشهد أو واقعة “فاحشة” لأي دافع كان أمر وحق مؤكد للفرد، لكن أن يبلغ الأمر بالبعض الى مستوى اعتبار كل الحركات والسكنات التي تصدر عن باقي الأفراد فواحش وإخلالا بالحياء العام يشير إلى مستوى موغل من الشذوذ يجرد الإنسان من كل أحاسيسه الجميلة وعواطفه الجياشة التي تمده بالأمل وتساعده على الحلم، تلك الأحاسيس التي يحق له أن يحياها وقتما شاء وأينما شاء ودون انتقاص، لحظات رقي إنساني يصعب على من وضع عصابات على عينه وعقله أن يتمثلها ويدركها، أو بالأحرى أن يعيشها من ينظر إلى العالم من خلف السواد، فتنمحي في عينيه الألوان ولا يرى العالم وما حوله إلا متشحا بالسواد،
إن ما حدث يوم الخميس 10 يناير الجاري على متن الطائرة المصرية المتجهة من القاهرة نحو الدار البيضاء، حين ثار زمرة من “ثوارنا البواسل” احتجاجا على قبلة “فاحشة” عرضية في أحد الأفلام المعروضة على شاشات التلفاز الخاصة بالطائرة، إلى حد تعريض حياة المسافرين الأخرين للخطر بسبب رفض طاقم الطائرة الإذعان لمطلبهم بتغيير الفيلم كما جاء في مقال للمفكر المصري سعد الدين إبراهيم الحاضر في نفس الطائرة تحت عنوان: القُبلة التى كادت تودى بحياة مئة راكب بسبب متشددين مغاربة1، نشر بجريدة التحرير الاليكترونية بتاريخ 25/1/2013، لا يهم من قام بالأمر ولا صفاتهم ومواقعهم بقدر ما يهم فهم الحدث والخلفية التي أنتجته، فالحدث في ذاته الى جانب اخرى تعتبر مؤشرات أولية لبروز اتجاهات اجتماعية ذات أساس ثقافي وديني مؤسسة على قراءة متطرفة للدين تنزع إلى فرض قراءة أحادية دون غيرها، وتكريس منظومة قيم خاصة لا تحضى بالإجماع من لدن كل مكونات المجتمع وبعيدة كل البعد عن الفكر المتنور والمنفتح على القيم الإنسانية الكونية، إن الحدث، رغم بساطته وقلة الاضرار التي نجمت عنه للطف الاقدار وحسن تصرف الطاقم في تدبير الازمة المفتعلة بسبب قبلة الرجل العنكبوت، يستحث فينا التفكير والنظر في ما يقع ربما في غفلة عنا، حيث ان الامر يستدعي تجاوز اعتبار الحادث وما وقع حدثا عرضيا أو سلوكا معزولا ( وهنا من المهم تذكر مجموعة من الأحداث المشابهة: لجان عين اللوح، الهجوم على الممثلة لطيفة أحرار، مسرحية ديالي، فتاوي عبد الله نهاري، فيلم “تنغير جيروزاليم”….). الحدث مناسبة للتساؤل هل ثواني القبلة تستحق كل هذا اللغو والضجة؟ ما هي المعايير التي تحدد معنى الحياء العام وما هو مستوى الخدش الذي ألحقته به تلك القبلة؟ ومن له السلطة في وضع تلك المعايير وإقامة آليات الرقابة والردع؟
إن التطاول المقصود والمدعوم من جهات وأطراف سياسية بعينها مستغلة الدين، أصبح يطال الفضاء العام وتمتد رقعته لتشمل مجالات عديدة كالسياسة، الثقافة، الفن، … في ما يشبه موجة من التطرف والغلو صارت تكتسح المجتمع رويدا رويدا، وفي غياب الدولة ومؤسساتها لضمان وحماية الحريات والحقوق للجميع وعلى قدم المساواة، يدعونا الى التساؤل عن مستقبل البلاد والعباد:
هل سنجلد أو لما لا نصلب كل ممثل أو ممثلة تقدم على تصوير أو تجسيد مشهد يخدش الحياء العام؟
هل سنحرق كل دواوين نزار قباني و أبي نواس…؟
هل سنقطع أيادي كل الفنانين(ات) الذين يجرؤون على رسم جسد عاري؟
إن ما حدث على الطائرة ويأخذ اشكال اخرى في حياتنا اليومية، يفصح عن تنامي فكر متطرف وشاذ، ينم عن فهم سطحي للفن بكل أشكاله وجهل بوظائفه الاجتماعية في التغيير والتربية والسمو بالكائن البشري في زمن سيطر عليه قيم السوق السلعي باعتباره آلية من اليات المواجهة منظومة قيم التبادل الرأسمالية، إن السلوكات والممارسات من هذا النوع تعبر بصدق عن قصر النظر إذ يحصرون زاوية نظرهم على السينما والفن ككل في شكليات ويفرغونه من محتواه الحقيقي، فيركزون على الجانب الإيروتيكي في القبلة، الجسد، الرقصة أو العمل الفني ككل بغض النظر عن الرسالة أو القيمة الجمالية التي يمثلها ذلك العمل، وهنا لا يختلفون عن صانعي الفيلم ذاته، الذين يخضعون الفن لهيمنة الفكر السلعي الذي يدمر العقل ويكرس الاستلاب بسعيهم الى تقنين كل مظاهر الحياة بما فيه وضع معايير تقيد الفن وتقتل الطابع الابداعي للحد من امكانيات الخلق الفني وتعطيل وظائف الفن الاجتماعية، فالأعمال الفنية السائدة والرائجة لا ترقى في مجملها بالخلق والإبداع الفني، بل تعمل على تسويق أفكار تسعى الى نشر الفكر الاستهلاكي وتدمير الدفاعات الانسانية التي تقاومها، ومنتوجات فنية تقضي على استقلالية الفرد وحريته، بشكل يتنافى مع طبيعة الفن، باعتباره الحل والملاذ للإنسان للخلاص بعد تراجع أدوار الثقافة والدين نتيجة التحكم فيها من طرف القوى السائدة، اذن فقد كان من الاجدى توجيه النقد من زاوية أخرى تسمو بالفن وعبره القيم الجمالة والدينية والروحية والحسية التي كانت موضوع احتواء وتغييب من طرف مؤسسات التسليع والتشويش على حق الإنسان في الإحساس و حقه في السعادة والحلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.