جاء في جواب كتابي للوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني، عبد اللطيف لوديي، وجود تحيين مرتقب للإستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني، التي تضع في صلب اهتمامها "الحماية الفعالة لأمن نظم المعلومات". ووفق المصدر ذاته الذي جاء بعد سؤال كتابي لفريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب فإن هذا التحيين سيعرف "تنفيذ جملة من التدابير والإجراءات الجديدة، الرامية إلى تقوية وصمود الفضاء السيبراني الوطني، أمام مختلف المخاطر والتهديدات المحدقة به". وشدد الوزير على مسألة "تطوير مهارات الموارد البشرية" التي تشتغل في هذا القطاع، إذ قال في جوابه إن "المديرية تعمل على برمجة دورات وورشات تكوينية، وتحسيسية، بشكل دوري، مع تمارين للمحاكاة لفائدة مختلف الفاعلين في مجال أمن نظم المعلومات، من خلال الاعتماد على أطرها، وشركات وطنية ودولية خبيرة في القطاع". وكشف لوديي عن قيام المديرية العامة بمراقبة وافتحاص أمن نظم المعلومات للوزارات والمؤسسات العمومية، والبنيات ذات الأهمية الحيوية، قصد تقييم استعدادها لصد الهجمات السيبرانية. الذكاء الاصطناعي من أجل فهم أسباب هذا التحيين، قال يوسف مزوز، الكاتب العام للمركز الإفريقي للحماية المعلوماتية، إن هذا الأمر هو "تطبيق لأحكام القانون رقم 0520، المتعلق بالأمن السيبراني، والمرسوم المتعلق بهذا القانون، الذي يلزم المديرية بأن تكون سلطة وصية". وأضاف مزوز أن مخرجات هذا القانون نصت على ضرورة تحيين التوجيهات الوطنية لأمن نظم المعلومات، الصادرة في 13 يناير من العام الماضي. وبين الكاتب العام للمركز الإفريقي للحماية المعلوماتية أن هذا التحيين جاء في ظل مجموعة من التوجيهات في هذ الصدد، التي خرجت نسختها الأولى سنة 2013، خاصة في ظل التسارع التكنولوجي المرتبط بالذكاء الاصطناعي، الذي يرافقه تسارع في المخاطر، ما دفع إلى إصدار قانون آخر سنة 2020، في فترة كورونا، حيث عرفت الرقمنة استخداما كبيرا بالمملكة. وأورد المتحدث ذاته أن هذا التحيين يضم مجموعة من الإجراءات التي يجب على المنظمات الحكومية وغير الحكومية الالتزام بها، أبرزها تجديد التدابير الأمنية والبنيات التحتية، وتنفيذها على الصعيد التقني والتنظيمي. وأشار مزوز إلى أن هنالك مجموعة من الهيئات الحكومية وغير الحكومية التي أعطيت مهلة ستة أشهر، ابتداء من تاريخ 13 يناير 2023، حتى تحدد جدولا زمنيا للتدابير التي يجب اتخاذها، حتى تمتثل لتوجيهات المديرية، المستوحاة من العلامة الدولية "أيزو/أي إي سي 27001′′، التي تتضمن مجموعة من الممارسات السليمة لحماية نظم المعلومات. وشدد المتحدث سالف الذكر على أن المغرب كان من الدول السباقة التي وضعت إستراتيجية وقوانين لحماية أمن نظم المعلومات، ففي سنة 2009 تم إصدار القانون 0809، لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، وإحداث اللجنة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية، وفي سنة 2013 أصدرت مديرية أمن الدفاع الوطني التوجيهات الوطنية لحماية أمن نظم المعلومات، ما جعل المملكة دولة في وضع استباقي، ومضى شارحا: "المغرب يتوفر على مركز الرصد التابع للمديرية، الذي يشتغل بصفة مستمرة، قصد حماية ورصد واستباق والتصدي للهجمات الإلكترونية، خصوصا التي تتعرض لها البنيات التحتية الحكومية ذات الأهمية القصوى". وخلص مزوز إلى أن التدابير التي يجب على المغرب اتخاذها في هذا الصدد، تتعلق ب"مواجهة انتشار استخدام الذكاء الاصطناعي في صفوف القراصنة، وأيضا انتشار تقنيات الذكاء الاصطناعي من أجل الحماية، مع وضع آلية حكامة خاصة باستعمال الذكاء الاصطناعي". الهجمات الجزائرية من جانبه سجل الطيب هزاز، خبير في مجال الأمن السيبراني ومحاربة الجريمة الإلكترونية أن هذا التحيين يستجيب لتعاظم الهجمات السيبرانية التي تقودها من جهات منظمات مستقلة (قراصنة)، ومن جهة أخرى منظمات تشتغل لبعض الدول، أولها الجزائر. وأضاف هزاز أن هذا التحديث جاء أيضا في ظل اشتغال المغرب على رقمنة كل جهاته الحكومية، وما يقابله من تطور في هجمات تمول بكل صراحة من الجزائر، بحيث تريد معرفة معطيات أكثر عن الهيئات الرسمية المغربية. وأورد الخبير في مجال الأمن السيبراني أن المغرب حاليا ملزم بتحديث وفحص شامل لكل مواقع الشركات والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية بالمملكة، مشيرا إلى أن "هنالك مؤسسات عمومية مازالت لديها ثغرات كبيرة للغاية". وفي هذا السياق تابع المتحدث ذاته: "المغرب جاهز للغاية وبشكل قوي في مجال الأمن السيبراني على مستوى مؤسسات معينة، أولها الجيش والأمن، ومختلف المؤسسات العمومية السيادية، في حين أن قطاعات مثل الإدارات العمومية تحتاج حقا إلى هذا التحيين المرتقب". واستطرد هزاز بأن "هذا التحيين مهم للغاية وضروري بشكل كبير، خاصة في ظل استمرار الهجمات، التي تكون بشكل يومي ومتواصل ضد المؤسسات المغربية".