محمد الأيوبي بالتعاون مع سيتسك دو بور مراسلة إذاعة هولندا العالمية بالمغرب الثاني من أكتوبر 2012، في ذكرى انطلاق الكفاح المسلح بمثلث الموت بقلب الريف الشامخ شمال المغرب بقيادة أسد الريف محمد بن عبد الكريم الخطابي، حدو أقشيش وحمادي العزيز. استوقفني مقال للزميل محمد أمزيان الصحافي باذاعة هولندا العالمية حول “المحكمة الشعبية الأمازيغية” بعنوان: “من يقف وراء العنف الطلابي في الجامعات المغربية؟” لتعميم الفائدة، سأنشر هنا لأول مرة مقالا سبق أن كتبته في 27 يونيو 2007 لنفس الاذاعة ولم ينشر لسبب بسيط وهو الرقابة الممارسة من طرف العروبي العنصري من أصل سوداني المسمى محمد عبد الحميد الذي كان آنذاك على رأس قسم تحرير الجناح العربي باذاعة هولندا العالمية على كل ما هو أمازيغي بتواطئ مع أردي باورس، التي كانت الرئيسة الفعلية للقسم العربي باذاعة هولندا العالمية. ما أشبه اليوم بالبارحة، حان الأوان لنشر المسكوت عنه اعتقالات ومحاكمات للطلبة الأمازيغ في المغرب سيمثل يوم الأربعاء 27 يونيو مجموعة من طلبة الحركة الأمازيغية أمام محكمة مغربية بمدينة مكناس، بعد اعتقالهم مؤخرا على اثر صدامات عنيفة عرفتها الجامعات المغربية بمختلف المدن الجامعية المغربية. وقد شهدت مدينة الحسيمة شمال المغرب يوم أمس وقفة احتجاجية لمساندة المعتقلين السياسيين للحركة الثقافية الأمازيغية. أما التساؤلات التي تفرض نفسها بإلحاح هو: ما هي الأسباب الحقيقية والخلفيات التي كانت وراء هذه الأحداث؟ ولماذا تحولت الجامعات المغربية إلى ساحة للعنف بدل أن تكون مراكز للإشعاع العلمي والحضاري؟ شهدت المدن الجامعية المغربية في مختلف المدن الجامعية المغربية مؤخرا اشتباكات وصدامات عنيفة بين طلبة الفصائل الطلابية المنضوية تحت لواء الاتحاد الوطني لطلبة المغرب. بدأت هذه الأحداث في مدينة تازة شمال المغرب، لتنتقل إلى أكادير بالجنوب، قبل أن تتحول إلى العديد من المدن المغربية الأخرى كالرباط والدار البيضاء والقنيطرة ومراكش، ولكن الصدامات الدموية العنيفة شهدتها العاصمة الإسماعيليةمكناس، والراشدية عاصمة تافيلالت في الجنوب الشرقي. وقد أسفرت هذه المشادات عن جرح العديد من الطلبة، ومقتل طالبين هما محمد السيساوي، الذي عثر عليه قرب كلية الحقوق بمكناس، والطالب حسناوي عبد الرحمان على اثر أحداث مماثلة شهدها الحي الجامعي بمدينة الراشدية في شهر ماي المنصرم. فما هي أسباب هذه الأحداث وما هي الأطراف التي شاركت فيها؟ البرنامج المرحلي حول هذا السؤال يجيب عمر لمعلم، رئيس جمعية ذاكرة الريف وهو أحد المشاركين في الوقفة التضامنية مع معتقلي التي شهدتها مدينة الحسيمة على سؤال لتسيتسك دو بور مراسلة إذاعة هولندا العالمية قائلا: “من جهة، هناك فصيل من الحركة الثقافية الأمازيغية، وهو يدافع على الهوية الأمازيغية واللغة الأمازيغية ويريدون أن تكون اللغة الأمازيغية لغة رسمية في الدستور المغربي. ومن جهة أخرى، هناك تيار آخر ماركسي لينيني، نعتبرهم بمثابة متطرفين لهم أفكار قديمة، ويرفعون شعارات متجاوزة تعود إلى الستينات والسبعينات ولم تعط نتيجة للمغرب، بل على العكس أدت بالمغرب إلى المجهول، وهؤلاء المتطرفون يسمون أنفسهم بطلبة النهج الديموقراطي (البرنامج المرحلي).” وقد تدخلت السلطات المغربية بعد هذه الأحداث، وشنت حملة اعتقالات واسعة في صفوف الطلبة، أسفرت عن اعتقال العشرات من الطلبة في العديد من المدن الجامعية المغربية، أطلق سراح البعض وتم تقديم العديد منهم أمام العدالة كما هو الشأن لطلبة الحركة الثقافية بمكناس الذين يحاكمون اليوم الأربعاء بتهم مختلفة منها: تكوين عصابة إجرامية والقتل العمد للطالب محمد السيساوي مع سبق الإصرار والترصد، وحيازة السلاح الذي من شأنه المساس بالأمن العام. وحسب بيانات فصيل النهج الديموقراطي القاعدي العروبي حليف الطلبة الصحراويين فان الأسباب الحقيقية للصراع هي استمرار سياسة النظام القائم داخل الجامعة المغربية الذي “سخر القوى الرجعية الشوفينية المعروفة ب MCA، لاستكمال ما أنجزته حليفتها القوى الظلامية داخل الجامعة المغربية. وهذا ما عرفه مؤخرا موقع أكادير بين هذه القوى والطلبة الصحراويين.” التنديد بالعنف وقد ندد عبد الله الحريف الكاتب الوطني للنهج الديمقراطي في تصريحاته بالعنف الذي تعرفه الجامعات المغربية، ونفى بشكل قاطع وجود علاقة بين حزب النهج الديمقراطي وتيار طلبة النهج الديموقراطي القاعدي (البرنامج المرحلي) الذين تورطوا في أحداث العنف الأخيرة. واعتبر أن “هناك أيادي خفية تلعب في اتجاه فرض العنف وإذكاء نار الخلافات وأخرى لم تعد مرتبطة باليسار بل أصبحت فوضوية ولها مرجعية لا علاقة لها باليسار.” وأضاف أن “المسئول الأول هو النظام المغربي الذي ظل يحاصر الجامعة بعد أن فرض حظرا غير معلن على الاتحاد الوطني لطلبة المغرب…” ليست هذه هي المرة الأولى التي تقع فيها مثل هذه الأحداث الدامية في الجامعات المغربية، فقد سبق أن اندلعت أحداث مماثلة في الراشدية بالجنوب الشرقي عام 2003 بين تيار طلبة اليسار القاعدي العروبي وطلبة الحركة الثقافية الأمازيغية؛ كما شهدت الجامعات المغربية كذلك في سنوات التسعينات صراعات دموية أخرى بين طلبة التيارات اليسارية المتطرفة والطلبة الإسلاميين أسفرت عن سقوط عدة ضحايا. الربيع الأمازيغي وقد فسر محمد الزياني، من حزب النهج الديموقراطي، ونائب رئيس جمعية “بنعمان” للتنمية، في لقاء مع إذاعة هولندا العالمية تلك الأحداث الدامية التي شهدتها الجامعات باستفزازات : “طرف من اليسار مما يسمى بطلبة البرنامج المرحلي الذين هاجموا واستفزوا طلبة الحركة الثقافية الأمازيغية، لأن الفصيل الأمازيغي بدأ يتقوى في الجامعات المغربية وأصبحت له مكانة بارزة. وقد وقع في غلط كبير هو استفزاز طلبة الحركة الأمازيغية من منطلق عنصري لأنه يريد أن يكون الفصيل المهيمن داخل الجامعات المغربية كما كان الأمر في فترة تاريخية سابقة. فكل من يخالف رأي هؤلاء فيعتبر رجعيا وعنصريا…” وحمل المسئولية فيها إلى فصيل طلبة البرنامج المرحلي: “لأنه سقط في مأزق الصراع مع طرف أساسي كان من الواجب أن يكون حليفه في المستقبل. وهو طرف الحركة الثقافية في الجامعة التي تتبنى طروحات ديموقراطية منفتحة، تأمن بقيم النسبية والاختلاف والتعدد. لذا فعلى اليسار أن يتحالف مع هذا الطرف بدل الصراع معه لتلبية بعض الأغراض المخزنية والظلامية التي تعادي كل ما هو ديموقراطي.” وحسب عبد الناصر الخطابي، من لجنة الدفاع عن المعتقلين السياسيين التي نظمت الوقفة الاحتجاجية في أمام المحكمة الابتدائية بمدينة الحسيمة لمساندة معتقلي الحركة الثقافية الأمازيغية بمكناس فالهدف الرئيسي منها هو: “التنديد بهذه الاعتقالات التي عرفتها الجامعات المغربية على اثر الأحداث العنيفة التي عرفتها ابتداء من 20 ابريل، حيث تعرض مناضلون من الحركة الثقافية الأمازيغية إلى هجوم في مدينة تازة من طرف ما يسمى بطلبة البرنامج المرحلي، لمنعهم من تنظيم الأيام الثقافية بمناسبة الربيع الأمازيغي. ثم انتقلت إلى المواقع الجامعية الأخرى بالمدن المغربية وساهم في هذه الهجومات أيضا ما يسمى بالطلبة الصحراويين.” يبدو أن 20 أبريل، و20 ماي، تواريخ تثير حساسية كبيرة في شمال إفريقيا. فالأول مناسبة احتفال الطلبة بالذكرى 27 للربيع الأمازيغي الذي يخلد انتفاضة القبائل بالجزائر على اثر منع محاضرة علمية حول الشعر الأمازيغي للباحث والأديب مولود معمري بجامعة تيزي وزو. والثاني مناسبة احتفال الطلبة الصحراويين بمرور الذكرى 34 لاندلاع “الكفاح المسلح وتأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب. وهذا قد يفسر جزئيا التوترات التي شهدتها الساحة الجامعية المغربية بين الطلبة الصحراويين واليسار العروبي وطلبة الحركة الثقافية الأمازيغية. تجريم التعذيب وحسب تصريح الخطابي لإذاعة هولندا العالمية فقد لجأت السلطات المغربية إلى تعذيب الطلبة: “عذب المخزن المغربي في مخافر الشرطة معتقلي مكناس، ومارس عليهم الاغتصاب الجماعي، والتعذيب الوحشي البشع… ويتزامن يوم 26 يونيو بمرور سنة على تصديق المغرب على تجريم التعذيب، ولكنه يمارس في نفس الوقت التعذيب في حق المعتقلين.”