كشف تقرير حديث لشبكة الباروميتر العربي أن 72 في المائة من المواطنين المغاربة يعترفون بتفشي ممارسات الفساد في مؤسسات الدولة والهيئات الوطنية، مؤكدين أن الفساد عامل مهم يؤثر على جودة الخدمات الاجتماعية ويعرقل كذلك الثقة في المؤسسات العامة. وحسب نتائج الاستطلاع الوارد في التقرير الذي يتناول نبض المغرب خلال سنتيْ 2021 و2022، فقد قال أكثر من سبعة مغاربة من كل عشرة إن الفساد منتشر بشكل كبير في البلد؛ وهي نسبة مماثلة لنتيجة الاستطلاع الذي أجرته الشبكة في 2018 (71 في المائة). ولم تكن تصورات المغاربة عن الفساد موحدة في الاستطلاع، حيث العوامل الاجتماعية الاقتصادية هي المحدد الديمغرافي الأهم للاختلاف في هذه التصورات؛ ذلك أن أصحاب التعليم العالي (67 في المائة) يقبلون بواقع 7 نقاط مئوية أقل على الإقرار بانتشار الفساد مقارنة بأصحاب التعليم الثانوي أو أقل (74 في المائة). فيما 69 في المائة من النساء يقلن إن الفساد منتشر، مقارنة ب75 في المائة من الرجال. وثمة فجوة أكبر، حيث المواطنون الذين لا يمكنهم تغطية نفقاتهم (81 في المائة) يقبلون بواقع 20 نقطة مئوية أكثر على القول بتفشي الفساد في مؤسسات الدولة والهيئات الوطنية، مقارنة بمن يمكنهم تغطية نفقاتهم (61 في المائة). وسأل الباروميتر العربي المواطنين عن تصوراتهم حول جهود الحكومة للتصدي للفساد في مؤسسات الدولة والهيئات الوطنية، فأجاب نصف المواطنين بالمغرب بأن الحكومة تكافح الفساد بدرجة كبيرة أو متوسطة، والنسبة الأعلى في أوساط الأكبر سنا (30 فما فوق)، وأصحاب التعليم الثانوي أو أقل، ومن لا يمكنهم تغطية نفقاتهم. كما قال نصف المواطنين في سن 30 عاما فما فوق (51 في المائة) إن الحكومة تكافح الفساد، بينما قال 42 في المائة في الشريحة العمرية 18 -29 عاما بالمثل. وفي السياق نفسه، يقبل سكان المدن بواقع 8 نقاط مئوية أكثر على القول بمكافحة الحكومة للفساد، مقارنة بسكان المناطق الريفية (50 في المائة مقابل 43 في المائة). وتبعاً للتقرير، فإن تصورات المواطنين إزاء العديد من القضايا تُرى أفضل من عدسة التعليم والوضع الاجتماعي الاقتصادي، حيث يعتبر نصف المغاربة تقريبا (52 في المائة) من أصحاب التعليم العالي أن الحكومة تبلي بلاء حسنا في مكافحة الفساد، مقارنة ب 46 في المائة من أصحاب التعليم الثانوي أو أقل. لكن في الوقت نفسه، وفقا لاستطلاع شبكة الباروميتر العربي، يرى أربعة من كل عشرة مواطنين لا يمكنهم تغطية نفقاتهم أن الحكومة تكافح الفساد بدرجة كبيرة أو متوسطة، مقارنة بنحو ستة من كل عشرة مواطنين ممن يمكنهم تغطية نفقاتهم. وأشارت الوثيقة إلى أن هذه التصورات قد تكون نتيجة لآمال الفئتين، إذ أوضحت بحوث منظمة الشفافية الدولية أن الفقراء يتحملون عادة أكثر أعباء طلبات الرشوة؛ ومن ثم، فإن المغاربة الأكثر ثراء أقل عرضة للمعاناة من تداعيات الفساد المستشري، وبالتالي، يتصورون أنه ليس منتشراً لأن الحكومة تكافحه بنجاح. على النقيض، فإن الفقراء والطبقة العاملة يرجح أنهم يعانون أكثر من الفساد؛ ومن ثم، يكونون أقل إقبالا على القول بأن الحكومة تبلي بلاء حسنا في مكافحته. وعلى صعيد آخر، أبرز التقرير وجود اختلاف في التصورات حول أداء الحكومة على المستويين الوطني والجهوي. لذلك، يرى المواطنون أن المستوى الجهوي أقل فسادا من المستوى الحكومي الوطني؛ فلدى السؤال عن مدى انتشار الفساد على مستوى الجهات، قال 4 من كل 10 مواطنين إنه يكاد لا يوجد أي مسؤولين فاسدين على هذا المستوى، وهي النسبة الأعلى عبر مختلف دول ُالمنطقة. ويلاحظ أن أصحاب التعليم العالي يؤيدون هذه المقولة بواقع 11 نقطة مئوية أكثر ممن حصلوا على تعليم ثانوي أو أقل (48 في المائة مقابل 37 في المائة). وفي الوقت نفسه، يقبل المواطنون القادرون على تغطية نفقاتهم أكثر (بواقع الضعف) على اعتبار أنه يكاد لا يوجد أي مسؤولين فاسدين على المستوى الجهوي، مقارنة بمن لا يمكنهم تغطية نفقاتهم (56 في المائة مقابل 28 في المائة).