أعلنت مفوضية استفتاء جنوب السودان أمس اكتمال نشر المئات من موظفي الاقتراع بمراكز التصويت في داخل السودان وخارجه تمهيداً لانطلاق العملية صباح الأحد. وجاء ذلك في وقت كرر تحالف أحزاب المعارضة السودانية توعده بالعمل على إسقاط نظام الحكم في الخرطوم بعدما رفض الرئيس عمر البشير مطالبتها بتشكيل «حكومة انتقالية» ذات برنامج وطني عقب استفتاء تقرير مصير الجنوب. وفي ندوة سياسية في الخرطوم، ليل الأربعاء، قال بعض قادة أحزاب المعارضة إن انفصال الجنوب في حال حدوثه سيحوّل السودان الحالي إلى «دولة جديدة» لا بد لها من دستور جديد. وقال الناطق باسم تحالف المعارضة فاروق أبو عيسى إن لا بد لهذه الدولة (الشمالية) من معالجة القضايا العالقة، وفي مقدمها أزمة دارفور والضائقة المعيشية و «القوانين المقيّدة للحريات». وكانت قوى المعارضة رفضت في مطلع العام دعوة الرئيس عمر البشير إلى تشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة بالتزامن مع التحضير لإجراء الاستفتاء على مصير جنوب السودان، واعتبرت هذه القوى مقترح الرئيس البشير بمثابة دعوة إلى المشاركة في حكومة حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم الذي تقول إنه ينفرد بالسلطة، وطالبت في المقابل بتشكيل حكومة انتقالية. وكان الناطق باسم تحالف قوى المعارضة رأى أنه في حال اختار الجنوبيون الانفصال عن شمال السودان في استفتاء تقرير المصير، الأحد، فإن الحكومة السودانية الحالية ستفقد شرعيتها السياسية، مطالباً بحكومة انتقالية قومية تعمل على عقد مؤتمر دستوري لتحديد شكل دولة شمال السودان وكيفية حكمها. في غضون ذلك، قال الأمين العام لمفوضية الاستفتاء محمد عثمان النجومي: «لقد اكتملت كافة الاستعدادات لانطلاق عملية التصويت التي تبدأ في التاسع من الشهر الجاري وتستمر لمدة أسبوع ونأمل أن يحرص الجميع على ممارسة حقهم». وأوضح أن العدد الاجمالي للمسجلين الذين يحق لهم التصويت من أبناء الجنوب يبلغ 3930916 شخصاً منهم 3753815 سجلوا في ولايات جنوب السودان وأقل من 120 ألفاً في الشمال ونحو 60 ألفاً في ثمان من دول المهجر. وأضاف أن 52 في المئة من الناخبين المسجلين نساء، مشيراً إلى أنه يلزم مشاركة 60 في المئة من الناخبين المسجلين في الاستفتاء كي يكون صحيحاً. وأشار إلى إصدار المفوضية لائحة لتنظيم عملية فرز الأصوات واعلان النتائج في الاستفتاء، مبيّناً أن اللائحة تنص على مباشرة عد أصوات الناخبين في أي من مراكز الاقتراع فور اعلان اغلاق باب التصويت من جانب موظفي المفوضية القائمين على العملية على أن يكون ذلك في المركز نفسه الذي اجري فيه الاقتراع. وستعلن النتيجة داخل المركز ويتم بعد ذلك تجميع كل نتائج المقاطعات لتعلن كولاية ومن ثم ترفع النتائج الولائية لمفوضية استفتاء جنوب السودان التي تقدم بدورها الى رئاسة المفوضية في الخرطوم لاعلان النتائج النهائية. كما أكد مدير القسم الموحد للاستفتاء والانتخابات في بعثة الأممالمتحدة في السودان دنيس كاديما اكتمال الاستعدادات لبدء عملية الاستفتاء، مشيراً إلى مشاركة القسم في نقل وتوزيع مواد الاستفتاء الى كل المراكز في البلاد. وناشد كاديما المواطنين التصويت خلال أيام الاستفتاء والتحلي بالصبر. وفي السياق ذاته أكد رئيس لجنة حكماء أفريقيا ثابو مبيكي أن التعهدات التي أقرها شريكا الحكم في السودان، حزب «المؤتمر الوطني» و «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، بإجراء استفتاء حر ونزيه في جنوب السودان، ستجعل العلاقات في المستقبل آمنة بين الطرفين. وقال مبيكي الذي كان يتحدث في ندوة في الخرطوم، إن التنوع الثقافي والتعدد الإثني سيكون أحد المحفزات لخلق علاقات جيدة بين الشمال والجنوب. وأكد تعهد الحكومة الإتحادية و «الحركة الشعبية» بأنهما سيعملان في حال الإنفصال على ضمان نشوء دولتين جديدتين قادرتين على الصمود والتعايش بسلام، ما يعني ألا يترك شخص من دون جنسية، والحفاظ على حدود مرنة، واحترام حقوق الرعاة، والوفاء بإلتزامات عالقة أخرى، متوقعاً أن تُتخذ كل القرارات الضرورية في هذا الصدد بحلول نهاية الفترة الانتقالية. واعتبر الاستفتاء فرصة لانطلاقة جديدة للسودانيين تقوم على التنمية والديموقراطية. ورأى أن السودان وضع انموذجاً لافريقيا في ادارة ازماتها ومشاكلها في العام 2011، وأشار إلى أن خطاب الرئيس السوداني عمر البشير خلال زيارته جوبا عاصمة الجنوب كان «رسالة واضحة احبطت الذين لا يريدون بالسودان خيراً». وتابع: «نحن سعداء لكون توقعاتهم الطائشة أحبطت لأن قادة وشعب السودان يفعلون الصواب لهم ولأفريقيا»، لافتاً إلى أن القادة السودانيين راشدون تماماً وملتزمون بالسلام والرفاة لكل شعب السودان، وان تطبيق الإتفاق الى آخره ليس بسبب الضغوط والإملاءت من المجتمع الدولى بل لأنه الشيء الصحيح.