الكاتب أحمد جزولي الأربعاء, 20 أكتوبر 2010 07:00 يمثل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي حالة ناذرة من الصراعات التي يتأخر أفق حلها يوما بعد آخر في ظل الظروف والتصورات والأفكار الراهنة.. ومما يزيد الصراع التهابا تقديمه من طرف المتشددين سواء في فلسطين أو إسرائيل على أساس أنه صراع بين اليهود والمسلمين، في حين أن حوالي 28 في المائة من سكان فلسطين يعتنقون الديانة المسيحية، وهناك توجد كنيسة المهد التي يمكن أن يحج إليها ملايين المسيحيين عبر العالم نظرا لما تمثله بالنسبة لهم. تغييب هذه الحقيقة لا يخدم القضية الفلسطينية وقضية السلام ككل. ولهذا كان قائد الثورة الفلسطينية الراحل ياسر عرفات بحكمته الناذرة يقدم القدس دائما على أنها مسرى محمد صلى الله عليه وسلم ومهد عيسى عليه السلام. وفي هذا التأكيد احترام لجزء من الشعب الفلسطيني، وأيضا توجيه رسالة إلى العالم مفادها أن قضية فلسطين، ليست قضية صراع أديان، بل هي قضية استعمار يجب أن يصفى .. هناك ما لا يحصى من اللوبيات التي تحاول أن تنقل لنا صورة مفادها أن قضية الصراع العربي الإسرائيلي هي قضية صراع مسلمين ضد يهود .. هذا الفهم يجعل يهود العالم في كفة ومسلميه في الكفة المقابلة، وبما أن اليهود لن يصبحوا مسلمين، والمسلمين لن يصيروا يهودا، فالصراع وفق هذا المنطق صراع أبدي على مدى التاريخ، وهذا ما تقول به العديد من الروايات والخرافات. الصراع في منطقة الشرق الأوسط صراع الحياة ضد الموت .. صراع التعايش بين الأديان والحوار بين الحضارات من جهة والدعوات المتطرفة للتناحر.. صراع التحرر ضد الاستعمار .. صراع حقوق الإنسان ضد كل أشكال الاتجار في البشر والحجر .. الصراع بين ثقافة القتل وثقافة الحياة .. ولهذا، فالسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين سلام من أجل العالم، سلام ينهي تسويق الصراع على أساس أنه صراع أديان.. وبهذه المناسبة، لا يسعنا إلا أن نتذكر الراحل ياسر عرفات الذي خاطب المنتظم الأممي سنة 1974 قائلا: "جئتكم بغصن الزيتون مع بندقية الثائر، فلا تسقطوا غصن الزيتون من يدي.. الحرب تندلع من فلسطين والسلم يبدأ من فلسطين". ألقى عرفات كلمته هذه في الثالث عشر من نونبر 1974 أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقريبا ستحل ذكرى هذا الحدث التاريخي، فهل سيرقى عالم اليوم ليرى ما استطاع أن يراه عرفات قبل 36 سنة!! واليوم، الكثير من الحروب مستمرة ظلما باسم فلسطين، فهل ينطلق السلم العادل من فلسطين مقام ابراهيم ومهد المسيح ومسرى النبي ؟؟ ما أجل الفكرة .. ما أبعد الرحلة .. لكن لا شيء يستحيل على الإنسانية، فقط على كل إنسان أن يتحمل مسؤولياته كيف ما كان موقعه في هذا العالم !!