تأزم العلاقات بين الحكومة المصرية وحركة المقاومة الاسلامية 'حماس' التي تحكم قطاع غزة ليس جديدا، فالعلاقات بين الجانبين لم تكن جيدة على الاطلاق بسبب الخلافات الايديولوجية والعقائدية، ولكن ظلت هناك بعض محاولات للتهدئة، يتم الاتفاق عليها بين الحين والآخر، وتتحول الى 'هدنة' تطول او تقصر، لتنهار في نهاية المطاف. الاتصالات شبه مقطوعة حاليا بين الجانبين، لان الحركة رفضت توقيع وثيقة المصالحة الفلسطينية التي جاءت بعد حوارات مطولة بين الفصائل، ووفود حركتي 'فتح' و'حماس' على وجه الخصوص. لقاء عابر حدث في مكةالمكرمة، بين السيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة 'حماس' واللواء عمر سليمان مدير جهاز المخابرات المصري اثناء ادائهما 'العمرة'، اعاد بعض الدفء الى العلاقات، بعد عام من الفتور تقريبا، حيث اتفقا على استمرار الاتصالات لاحياء مفاوضات المصالحة، وجاءت زيارة السيد عزام الاحمد رئيس كتلة 'فتح' في المجلس التشريعي الى دمشق ولقاؤه مع السيد مشعل، اول ترجمة عملية لهذا اللقاء، حيث اتفق الجانبان الفلسطينيان على التفاوض مجددا لانهاء الخلافات والتحفظات التي حالت دون توقيع وثيقة المصالحة. الحكومة المصرية تستخدم معبر رفح المنفذ الوحيد لابناء قطاع غزة الى العالم الخارجي كورقة ضغط على حركة 'حماس' وانصارها. وطوال فترة الفتور او التوتر في العلاقات مع الحركة، اغلقت السلطات المصرية المعبر في وجه قيادات حماس في القطاع، ومنعت الدكتور باسم نعيم وزير الصحة، ومن اكثر الشخصيات اعتدالا في الحركة من السفر للمشاركة في مؤتمر طبي. استخدام المعبر لخنق مليون ونصف مليون فلسطيني، وفتحه واغلاقه وفقا للمزاج السياسي وطبيعة العلاقات مع حركة 'حماس' من الامور المستهجنة وغير الحضارية، خاصة عندما تقدم عليه حكومة تمثل دولة كبرى لها جذور ضاربة في التاريخ. بالامس ابلغت المخابرات المصرية حركة حماس بان ثلاثة من قيادييها هم سامي ابو زهري وصلاح البردويل وفوزي برهوم ممنوعون من مغادرة القطاع، ولن يتم السماح لهم باداء فريضة 'الحج' بالتالي، او المشاركة في اي وفد رسمي من الحركة يغادر الى القاهرة او دمشق للمشاركة في مفاوضات المصالحة. الجريمة الكبرى التي ارتكبها هؤلاء الثلاثة تتلخص في توجيه انتقادات للحكومة المصرية اثناء اغلاقها معبر رفح ومنع وصول المساعدات الى ابناء القطاع المحاصرين والممنوعين من ابسط مقومات العيش الكريم. بمعنى آخر كانت الحكومة المصرية تتوقع ان تجلد هؤلاء بسياط الحصار المؤلمة، دون ان يصرخوا من الالم. والاكثر من ذلك تريدهم وهم الناطقون الاعلاميون باسم حركتهم ان يشيدوا بها وحكمتها، ومعاملتها الانسانية الجيدة لابناء القطاع. هذا الاستكبار من قبل الحكومة المصرية امر غير مقبول، كما ان استخدام حق العبور كورقة ضغط واذلال وتركيع هو ايضا امر غير اخلاقي، خاصة اذا كان الهدف من مغادرة سجن القطاع اداء فريضة الحج مثلما هو حال هؤلاء الثلاثة. الحكومة المصرية تتفنن في ايذاء ابناء قطاع غزة، وتعاملهم، وهم الاشقاء، بطريقة غير انسانية، بحيث تحظر عليهم المرور بشكل طبيعي، وتشحنهم في حافلات الى المطار تحت حراسة مشددة، وتزج بهم في غرف مظلمة وقذرة تحت الارض حتى يتيسر لهم السفر الى وجهاتهم المقصودة. وقد تطول الاقامة تحت الارض لايام في بعض الحالات، دون اي رحمة او شفقة بالاطفال والنساء المحرومين من ابسط الخدمات الانسانية. تعاطي الحكومة المصرية مع ابناء قطاع غزة، مواطنين عاديين كانوا ام مسؤولين، بحاجة الى مراجعة، فالمرور حق شرعي للانسان، ويكفي التذكير بان الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد العدو الاكبر لامريكا يحط الرحال سنويا في نيويورك لحضور جلسات الجمعية العامة دون اي مضايقة، فهناك اعتبارات تتجاوز مسائل الاحقاد والخلافات السياسية.