الكاتب أحمد جزولي الأربعاء, 13 أكتوبر 2010 08:32 قضى مشاهدو القناة الأولى، مساء الثلاثاء 12 أكتوبر وقتا ممتعا مع برنامج حوار الذي استضاف ادريس لشكر بكل صفاته الحكومية والسياسية والبرلمانية (باعتباره برلمانيا سابقا)، وأيضا "ولد الرباط" باعتباره ناب عن عمدة المدينة فتح الله ولعلو في تفسير "عسر الهضم" والمخارج الممكنة لما يعاني منه المنتخبون المحليون بالعاصمة .. وأقول أن المشاهد قضى وقتا ممتعا لأن البرنامج أنتج فرجة، يساهم فيها القيدوم المتمرس مصطفى العلوي كالعادة، والفرجة من العناصر الأساسية لنجاح البرنامج الحواري، وهذه الفرجة لا تتأتى أيضا إلا للسياسي المتمرس بغض النظر عن مدى الإتفاق أو الإختلاف مع رأيه وطرقه في الجواب. لكن إدريس لشكر أيضا تهرب من الإجابة عن أكثر من سؤال، وكان يختار من مجموع الأسئلة التي تطرح سؤالا واحدا ويترك الباقي. ومن الأسئلة التي طرحها الأستاذ منار السليمي ما تعلق بأجندة الحزب إثر الخطاب الملكي الموجه للبرلمان، وكان السؤال دقيقا لأنه طرح إشكالية لا تهم الإتحاد الاشتراكي فقط، بل تعني كل الأحزاب السياسية والحكومة، وتتعلق بكيفية التعامل مع الخطب الملكية وخصوصا خطاب افتتاح البرلمان، لأنه هو خطاب افتتاح السنة السياسية، في حين أن خطاب العرش هو خطاب لتقييم العمل خلال سنة أو يزيد، ولنا أن نستخلص من هذا موقع هذا الخطاب في بنية العمل السياسي للدولة كخطاب "مطلق للمبادرات" بينما كما قلنا خطاب العرش هو خطاب لتقييم مدى إنجاز تلك المبادرات وغيرها، علما أنه قد يكون غير هذا، إلا أن المألوف هو أن خطاب العرش هو خطاب التقييم، استحضارا لأهمية المناسبة، وهي ذكرى تقلد الملك للأمانة العظمى في خدمة الأمة. ويبدو واضحا اليوم أن هناك استمرار سوء التفاعل من طرف أغلبية الأحزاب السياسية مع مبادرات ملكية مهمة من قبيل "السلطة في خدمة المواطن" التي تم إطلاقها سنة 1999، دون أن تعطيها كل الجهات المضمون الذي تستحقه والتجسيد العملي الذي تقتضيه، ولا يخلو تجديد التأكيد عليها بعد 11 سنة على إطلاقها من دلالات غنية عن كل تعليف، وأيضا تقييم 50 سنة بعد الإستقلال، إذ لم تخرج أحزابنا توصيات الخبراء وتضعها على المحك وتتفاعل معها بروح إما نقدية أو اقتراحية في حين أن الهدف من وضع التقرير كان هو السعي لتجاوز المعيقات التي تكبل الحاضر من أجل خمسينية بنفس جديد وبتغييرات عميقة. ونفس التعامل كان مع تحفيض سن الترشيح، إذ بالرغم من تخفيض هذا السن إلى 21 سنة بتوجيه ملكي صريح، لم نلاحظ إلا مجهودات جد محدودة من أجل إدماج هذه الفئة العمرية في العمليات الإنتخابية وفتح الأبواب أمامها لتقلد المسؤولية الإنتخابية ... ماذا فعلت الأحزاب بعد خمسة أيام من الخطاب؟ وماذا ستفعل بعد خمسة أسابيع، وخمسة سنوات؟ ربما أصدرت البلاغات، وهل المغرب في حاجة لبلاغاتها المشيدة بما قاله الملك، وهل الملك في حاجة لبلاغات الأحزاب؟ الأحزاب لم تستفد من درس إلغاء أغاني المدح في المناسبات، وتستمر في المدح الفج بمناسبة وبدونها. آن الأوان لتغيير مناهج عمل الكثير من أحزابنا التي لا تزال سجينة الماضي، وتعتقد أنها تصلح لتقول نعم .. في وقت أصبح المغرب في حاجة لمن يقترح علينا كيف .. كيف نتطور؟ .. كيف نجسد السلطة في خدمة المواطن؟ .. كيف يكون القضاء في خدمة المواطن؟ .. كيف ننجز تنمية القرب؟ كيف نسير وفق مناهج الحكامة الجيدة؟ ثم كيف وكيف وكيف .. اقتراحات واقتراحات من أجل تفعيل النقاش العام والخروج باقتراحات نوعية .. بين "نعم" و"كيف" مسافات شاسعة للتغيير والتطوير .. مسافة تتجاوز الثلاثة حروف التي تشكل كلا الكلمتين، وتصل إلى كنه التغيير من أن "نصفق" إلى أن "نقترح" وهنا فليتنافس المتنافسون !!