هيمن صدور بلاغ للديوان الملكي حول عقد مستشاري جلالة الملك لقاء رسميا مع رئيس الحكومة المعين، عبد الإله بنكيران، على حديث المتابعين للشأن السياسي المغربي نهاية الأسبوع الماضي، فعلى الرغم من أن الإعلان عن مضامين لقاء يجمع ما بين مستشاري الملك ورئيس حكومة معين يعد أمر جديدا في الممارسة السياسية المغربية، إلا أن عقد هذا اللقاء في هذا التوقيت بالتحديد لم يكن مفاجئا في ظل حالة البلوكاج التي تعرفها مشاورات تشكيل الحكومة منذ حوالي الثلاثة أشهر. ففي لقاء بمقر رئاسة الحكومة، أول أمس السبت، أبلغ المستشاران الملكيان عبد اللطيف المنوني وعمر القباج، عبد الإله ابن كيران، حرص جلالة الملك على أن يتم تشكيل الحكومة في "أقرب الآجال". كما أبلغاه ب "انتظارات" جلالته وكافة المغاربة بشأن تشكيل الحكومة الجديدة. وجاء البلاغ الصادر عن الديوان الملكي بعد دخول مفاوضات تشكيل الحكومة النفق المسدود، ما أدخل البلاد في فراغ حكومي وبرلماني ودفعت ببنكيران لفتح اعتمادات مالية عن طريق مراسيم لسير المرافق الأساسية للدولة، بسبب عدم المصادقة على مشروع قانون المالية لسنة 2017. حالة من "الانتظارية" يتوقع أن يتحرك بنكيران من أجل وضع حد لها في أعقاب اللقاء مع مستشاري جلالة الملك، وذلك عن طريق التسريع بإيجاد توافقات بين جميع الأطراف المرشحة لتكوين أضلاع التحالف الحكومي، خاصة مع حزب التجمع الوطني للأحرار، ورئيسه عزيز أخنوش. وفي هذا الإطار، قال الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، محمد العمراني بوخبزة، إن لقاء مستشاري الملك بعبد الإله ابن كيران، جاء كتنبيه له وللأحزاب التي يتفاوض معها على التأخر الذي وقع فيما يخص تشكيل الحكومة، على اعتبار أن هناك هدرا للزمن السياسي بالمغرب، وما ينتج عنه من انعكاسات سلبية على قطاعات أخرى وخاصة الجانب الاقتصادي، وهو ما يفسر حضور اللقاء من طرف عمر القباج، مستشار جلالة الملك في الشؤون الاقتصادية. وأضاف بوخبزة في حديث لموقع القناة الثانية أن التنبيه حمل في طياته مجموعة من الرسائل الموجهة للجميع، فحواها، توضيح الرؤية من خلال وضع حد لتناسل السيناريوهات التي تتوقع إعفاء بنكيران من المهمة وإيجاد بدائل أخرى، فاللقاء، حسب تعبير بوخبزة، كان بمثابة تجديد للثقة في شخص بنكيران كرئيس حكومة معين، ومسؤول عن اقتراح التشكيلة الحكومية، وأن الانتقال إلى السيناريوهات الأخرى أصبح مستبعدا، خاصة فيما يتعلق باختيار شخصية أخرى من حزب العدالة والتنمية، أو اللجوء لحل مجلس النواب وإعادة الانتخابات، مشيرا إلى أن الوارد هو ضرورة تشكيل الحكومة في أقرب الآجال. وأوضح بوخبزة أن تدخل المؤسسة الملكية لتصحيح المسار هو نتيجة فشل الأحزاب في التمرين الجديد المتمثل في تدبير مشاورات تشكيل الحكومة، غير أنه استبعد أن يكون الأمر متعلقا بأزمة سياسية، بل إشكالا في تدبير المفاوضات وتقريب وجهات النظر بين الطروحات المقدمة من طرف الأحزاب. وعن العوائق التي تقف حجر عثرة أمام تشكيل بنكيران لفريقه الحكومي، أرجع بوخبزة الأمر لتعارض توجهات حزبي الاستقلال، الذي يتمسك به رئيس الحكومة، وحزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يرفض انضمام الاستقلال إلى الحكومة، وتنافسهما على الظفر بالحقائب الوزارية الحيوية وأيضا على رئاسة مجلس النواب، معتبرا أن الخروج من هذا المأزق يبقى متوقفا على قدرة بنكيران في تدبير هذه الاختلافات بما يضمن لتشكيلته الحكومية المرتقبة رؤية النور في أقرب وقت ممكن. ويتوقع بوخبزة أن الأسبوع الجاري سيكون مفصليا في تنفيذ بنكيران لهذه الخطوة والإسراع في فتح جولة جديدة من المفاوضات، خصوصا وأن اللقاء مع مستشاري الملك عقد يوم السبت، وهو عطلة إدارية، ما يعطي إشارات مفادها عدم إهدار المزيد من الوقت لما لذلك من كلفة سياسية واقتصادية ثقيلة.