رفض تقديم "الوعود" و"بيع الوهم" للتونسيين، كما آمن أن الشعب هو مصدر السلطات، رافعا شعار "الشعب يريد"، فكانت إرادة هذا الأخير أن اختارته رئيسا للبلاد في ثاني انتخابات رئاسية بعد ثورة 2011، إنه قيس سعيد، الذي فاز على منافسه رجل الأعمال نبيل القروي ب 76.9 في المائة من الأصوات. فمن يكون الرئيس الجديد للجمهورية التونسية؟ رجل "الصرامة والنظافة" قيس سعيد، 61 سنة، سياسي وأستاذ جامعي متخصص في القانون الدستوري، خاض السباق نحو قصر قرطاج بتمويل ذاتي بعد رفضه للمنحة المقدمة من طرف الدولة التونسية للقيام بالحملة الانتخابية، وببرنامج انتخابي يؤكد على أن "الشعب هو مصدر السلطات، والدستور يجب أن يكون قاعديا، ولا توجد ما تسمى دولة مدنية ولا دينية". سنواصل حملتنا الانتخابية معتمدين أساساً على تطوّع الشباب.. دون أي تمويل من أي جهة.. لن نقبل أموالا من أي أحد.. لن نقبل حتى التمويل العمومي. حملتنا قائمة على متطوعين ساهموا بإمكانياتهم القليلة الخاصة.. ورغم ضيق ذات اليد فهي تساوي مال الدنيا وما فيها. — الأستاذ قيس سعيد Kais Saied (@KaisSaiid) October 10, 2019 بدأ سعيد -الأب لثلاثة أبناء- مساره المهني كأستاذ جامعي بكلية الحقوق والعلوم الاقتصادية والسياسية بمدينة سوسة، قبل أن ينتقل للتدريس بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بالعاصمة تونس، كما كان عضوا ضمن فريق خبراء الأمانة العامة لجامعة الدول العربية المكلف بإعداد مشروع لتعديل ميثاق الجامعة 1989-1990، غير أن اسمه لم يعرف لدى التونسيين إلا خلال ثورة 2011. في هذا الإطار أوضح أحمد إدريس، مدير معهد تونس للسياسة في تصريح لموقع القناة الثانية أن الرئيس التونسي الجديد "عرف كثيرا خلال ثورة 2011، حيث اكتسب شهرته خاصة بين الشباب الذي رافقه في تلك المرحلة"، مشيرا إلى أن اعتماد سعيد لشعار "الشعب يريد" الذي يعود بنا إلى فترة 2011 "ساعده على كسب ثقة جزء كبير من التونسيين وانتخابه رئيسا للبلاد". وحسب الإحصائيات التي كشفت عنها مؤسسة "سيغما كونساي" فإن 90 في المائة من الأشخاص الذي صوتوا على قيس سعيد تتراوح أعمارهم ما بين 18 و25 سنة، 84 في المائة تتراوح أعمارهم بين 26 إلى 44 سنة، فيما قدرت أصوات المنتخبين الحاصلين على مستوى تعليمي جامعي ب 86.1 في المائة. الرئيس المحافظ اليساري وصفه الكثيرون بأنه "رجل الصرامة والنظافة"، فيما اختلفت البقية في تصنيفه بين الشخصيات المحافظة واليسارية، وذلك بسبب مواقفه حول العديد من القضايا، فهو المؤيد للثورة، الرافض للتطبيع مع إسرائيل، والمعارض للمساواة في الإرث بين المرأة والرجل باعتبار أن الموضوع "محسوم بنص قرآني"، إلى جانب دعوته إلى مواجهة القوى الاستعمارية الرافضة لتقدم الدول العربية. الاختلاف في تصنيف سعيد أرجعه أحمد إدريس إلى أن الرئيس التونسي الجديد "حظي بمساندة المحافظين واليساريين، إلى جانب أن تدخلاته ومواقفه كانت تتوزع بين التيارين"، موضحا: "نجد سعيد المحافظ في العديد من القضايا المجتمعية كتلك المتعلقة باللغة، الثقافة وهوية المجتمع التونسي، وفي قضايا أخرى يبدو تقدميا مما يجعله قريبا من اليسار، من قبيل التمسك بدولة القانون، الحرية، وتطبيق القيم". كفانا تفرقا، آن الأوان لدول المغرب العربي لحل خلافاتها والسير نحو الوحدة المغاربية. — الأستاذ قيس سعيد Kais Saied (@KaisSaiid) October 5, 2019 وقد أثارت مواقف سعيد الكثير من الجدل، حيث وصفها البعض بالطوباوية خاصة عند حديثه عن العدل والحرية على شاكلة الفاروق عمر بن الخطاب، وإنهاء العهد مع القصور والسيارات الفارهة، في حين يرى أن مواقفه تخاطب "العقول بصدق وعقلانية وشفافية، بعيد عن الماركتينغ السياسي". وبخصوص أسس سياسته الخارجية، أعلن الرئيس التونسي الجديد على أن الجزائر ستكون هي وجهته الأولى، مؤكدا على ضرورة أن تعمل الدول المغاربية على تجاوز خلافاتها والسير نحو الوحدة المغاربية، مشيرا إلى أنه "قد حان الوقت لنبني علاقات جديدة قائمة على الاحترام المتبادل وتعايش بين الشعوب فليس هناك ترتيب تفاضلي لشعب على آخر".