هذا الصباح، قام ابني بمساعدة والده في غسل السيارة، أمر جميل يستحق التنويه، ولا شك أن ابني يتنظر مني كلمات مشجعة، فهل هناك فرق بين أن أقول له "قمت بعمل رائع عندما ساهمت في غسل السيارة" و"أنت رائع"؟ نعم، هناك فرق، فالعبارة الأولى تشجع الطفل والثانية تمدحه، والفرق هو أن التشجيع يكون محددا ويركز على العمل الذي أُنجِز وبالتالي يكون محفزا للطفل على التطور والعطاء، كما أن الطفل الذي يتعلم بالتشجيع يكون واثقا من نفسه، أما المدح فيكون عاما ويركز على ذات الطفل وقد يدفعه على المدى البعيد إلى انتظار نظرة الآخر تجاه، لذلك يجب أن يكون بجرعات محدودة، تماما مثلما نعطي الحلوى للطفل، كما تشرح أسماء مڭاني، كوتش ومؤطرة معتمدة في التربية الإيجابية للآباء والمدرسين. مثال آخر تقدمه الكوتش أسماء مڭاني: شارك ابني في مباراة كرة القدم مع زملائه، عندما أقول له "لاحظت أن سيطرتك على الكرة تحسنت خلال شهور قليلة" فإنني أشجعه، وهناك من سيقول لابنه "تميزت عن زملائك في الفريق" أو "أنت الأفضل". في العبارة الأولى يتعلم ابني أنه جزء من الفريق وأنه يجب أن يتعلم ويطور مهاراته وسط هذا الفريق، وفي العبارتين الثانية والثالثة، يتعلم ابني التركيز على مقارنة نفسه مع الآخرين. هناك خطأ نرتكبه في تربية أبنائنا، تقول الكوتش أسماء مڭاني، وهو أننا نريد أن نحصل على النتائج بسرعة، مثلا إذا حصل الطفل على معدل 8/20 في مادة الرياضيات، وفي الأسبوع الموالي حصل على 10/20، سيقول بعض الآباء إن هذا التقدم بسيط ولا يعطونه أهمية، والأحرى أن يقولوا لهذا الطفل: جميل أنك مررت من 8 إلى 10، وإذا قمت بهذه الخطوة، فمعناه أنه يمكنك أن تحقق نتائج أفضل، هذا هو التشجيع الذي يكون مرفوقا أيضا بالنظرة والابتسامة، والذي يركز على السلوك الإيجابي وعلى نقط القوة، فعندما نبحث عن ما هو إيجابي في أبنائنا تتحسن علاقتنا معهم.
التشجيع بالمقابل... ماذا لو أردنا تشجيع أبنائنا بالمقابل؟ الكوتش أسماء مڭاني تقول إنه أسلوب تربوي خاظئ، لأن الطفل سيتعود على انتظار مقابل لأي عمل يقوم به، والأخطر عندما نربط المقابل بالدراسة، مثلا إذا حصلت على 20/20 في مادة معينة، سأشتري لك هاتفا، ربما يأتي يوم يقول لك لا أريد الهاتف ولن أدرس، يجب أن يتعود الطفل على الافتخار بما ينجزه، وهذا الافتخار هو الذي سيكون حافزا له، هذا لا يعني أن لا نقدم هدية لأبنائنا، لكن ينبغي أن تكون في مناسبة ما بعيدا عن الدراسة. في بعض الحالات، يقترح بعض الآباء مقابلا ماديا لتعويد الطفل على تنظيم غرفته، وهي مسألة تعتبر الكوتش مڭاني أنها لا تحتاج إلى مقابل، لأن الطفل قد يقوم بها لفترة ثم يمتنع حتى ولو حصل على مقابل، الأصح هو أن نعلمه الاهتمام بتنظيم غرفته تدريجيا، وإذا رفض، نسأله عن السبب، وإذا اقترح التكلف فقط بسلة المهملات مثلا، نشجعه حتى تصبح بالنسبة إليه عادة، ثم نقترح أو نسأله عن المهمة الموالية التي يريد القيام بها. ما يحصل في الواقع، هو أننا عندما نلاحظ أنه تعود على مهمة ما، نمر عليها بسرعة لأن القيام بها أصبح بالنسبة إلينا أمرا طبيعيا، في حين يجدر بنا أن نشجعه أولا على نجاحه في المهمة التي تبدو لنا بسيطة، لكنها تعتبر إنجازا في سن الطفل. دائما في علاقة بالتعود على تنظيم الغرفة، إذا اختار الطفل في المرحلة الموالية طي ملابسه مثلا، أشجعه كلما قام بهذه العملية، وحتى وإن لم تتم "بالطريقة الجيدة"، لا أعيد طي الملابس وأقول له "ليس هكذا... بل هكذا..."، وإنما أستمر في التشجيع الذي يكون مرتبطا دائما بالعمل المنجز، وأما الإتقان فسيأتي مع الوقت، لأن النتيجة ستظهر حتما، فقط كل طفل يأخذ وقته الكافي حسب إيقاعه الذي يختلف من طفل لآخر، وإذا حاولنا الوصول إلى النتيجة بسرعة قد نكسر عدة أشياء في طفلنا.