وأنت تتجول بين أزقتها تحس كأنك تسافر بين دروب القرنين 15 و18؛ مباني وسور وقد نال شيء منها الزمن إلا أنها ماتزال شاهدة تحكي عن قصص وأحداث مرت منها المدينة العتيقة. إنها تطوان أو تطاون كما يحلو للبعض تسميتها، المدينة القديمة ذات الطابع الأندلسي المعروفة بأسوارها السبعة ك "باب العقلة" و"باب النوادر" وغيرها من الأبواب، صنفتها منظمة اليونسكو ضمن قائمة التراث العالمي، من المدن التاريخية التي استوجب الحفاظ على معالمها وعلى تراثها الحضاري. بين زقاق وزقاق تجد مساجد كانت لها حكاية في بنائها، من بينها مسجد "الربطة" الذي خلد لقصة حب وهيام بين شاب وشابة أندلسيين، حكاية ظل يتناقلها أهل تطوان فيما بينهم، ودلالة الاسم يحيل إلى رباطهما العاطفي، حيث توفي الشاب وحرصت معشوقته على وهب كل ثروتها في بناء هذه المعلمة الدينية. غير بعيد عن المساجد، لابد لعين الزائر أن تلفت انتباهه الأفران التقليدية ذات البويبات القصيرة منها من باتت موصدة ومنها ماتزال تستقبل خبز أهل المدينة. وتتميز الأحياء العتيقة بممرات وشوارع ضيقة، حملت أسماء الحرف التي كانت أو ما زالت تمارس فيها كالحدادين والنجارين والطرافين والدباغين، إلى جانب ساحات ك"سوق الحوت القديم، والغرسة الكبيرة، والوسعة، والمصداع، والسوق الفوقي". وفي مظاهر وطقوس الفرح والأعراس، يحرص السكان الأصليون للمدينة، أيضا على التشبث بالتقاليد العريقة ومنها ما يسمى" بالبوجة" وهي عبارة عن صندوق خشبي توضع فيه العروس ويتم إغلاقه بإحكام ثم يحمله أربعة شبان نحو المسجد لطرق بابه، لأخذ البركة من المسجد. ومن أجل المحافظة على التراث المعماري اللامادي والبقاء على نسيجها العمراني، خصص برنامج تأهيل المدينة العتيقة، بميزانية بلغت 350 مليون درهم. ويرتكز المشروع على ثلاثة محاور، يتعلق الأول بتأهيل المجال العمراني بغلاف مالي قدره 193 مليون درهم، ويهم ترميم البنايات الآيلة للسقوط وتقوية البنيات التحتية والتأهيل العمراني، فيما يهدف المحور الثاني ترميم وتأهيل التراث التاريخي والثقافي للمدينة بغلاف مالي قدره 117 مليون درهم. أما فيما يتعلق بالمحور الثالث، الذي يشمل تقوية الجاذبية السياحية والاقتصادية للمدينة بمبلغ 40 مليون درهم، فيسعى إلى خلق ثلاثة مسارات سياحية وتعزيز أنشطة التجار والحرفيين ودعم الدورة الاقتصادية وخلق الأنشطة المدرة للدخل. جولة فريدة عبر هذه الصور بالمدينة العتيقة لتطوان..