عيد الأضحى، ثاني أعياد المسلمين بعد عيد الفطر، يعد من السنن المؤكدة في ديننا الحنيف، حيث يحتفل به سنويا في اليوم العاشر من شهر ذي الحجة، من خلال التضحية ببهيمة الأنعام تقربا من الله وإحياء لسنة نبيه. غير أنه في الوقت الراهن أصبحت بعض الأسر تفضل التصدق بقيمة العيد للأسر المعوزة، أو شراء اللحم جاهزا باعتبار أنه أسهل من عناء الأضحية. من جهة أخرى تقوم بعض الأسر بالاقتراض من أجل شراء الأضحية رغم أنها سنة مؤكدة وليس فريضة، خاصة في السنوات الأخيرة التي أصبح فيها العيد يتزامن مع العطلة الصيفية والدخول المدرسي مما يتقل كاهل الأسر، فما حكم الشرع من هذا؟ الجواب في الحوار التالي مع العربي الضاوي رئيس المجلس العلمي بإقليم النواصر. ما هي دلالات وقيم عيد الأضحى، والطقوس الصحيحة لإحياء هذه السنة؟ بداية أشير إلى أن العمل الصالح في الأيام العشر الأولى من ذي الحجة يعد من أفضل الأعمال على الإطلاق في السنة، وأحبها إلى الله، من أول الشهر إلى اليوم العاشر أي يوم عيد الأضحى، والذي يعد الاحتفال به إحياء لسنة مؤكدة. من شروط الأضحية أن تكون سليمة من العيوبِ المانعة، أن لا تكون عوراء، عرجاء، عجفاء أو مريضة، وتأتي في الدرجة الأولى الغنم، البقر ثم الإبل، ويجب أن تذبح بعد صلاة العيد وبعد أن يذبح الإمام، لأن الذبح قبل الصلاة تحسب لحما يقدمه الشخص لأهله ليس من النسك في شيء. الاحتفال بهذه الشعيرة يحمل الكثير من الدلالات، فهو ليس فقط أكل وشراب بل هو عبادة نتقرب منها إلى الله تعالى، فكل شعرة من الأضحية حسنة، كما تمكننا من مساعدة المحتاجين، من خلال التصدق بجزء منها لإطعام البائس الفقير، وإذا ما طبقنا هذه الشعائر فهنيئا للمضحين. في الوقت الراهن أصبحت العديد من الأسر التي تفضل التصدق بالمال عوض شراء الأضحية، باعتبار أن الغاية من إحياء هذه السنة هو التقرب من الله وليس الذبح؟ ذبح الأضحية هي سنة مؤكدة للقادر عليها، ومن يقوم بالتصدق بقيمة الأضحية فله أجر الصدقة ولن يفوز بأجر الأضحية، لأن هذه الأخيرة كما أشرنا أعلاه تخضع لمجموعة من الشروط، وبانتفائها يغيب الأجر، كما أن من يترك سنة مؤكدة وهو قادر على تطبيقها سيحاسب عليها. إلى جانب الحرمان من الأجر، فاستبدال الصدقة بالأضحية سيؤدي إلى زوال هذه الشعيرة، لأمر نفسه بالنسبة للأشخاص الذين يشترون الأضحية مذبوحة، فكفانا تساهلا مع سنن رسول الله، لأن التساهل في السنة يمكن أن يوصلنا إلى التساهل في الفرائض. وأشير في هذا السياق إلى أن جميع العبادات مليئة بالأسرار، وإذا ما فهمنا هذه الأخيرة فإننا سنقبل على تطبيق العبادات بكل سعادة، لأننا متأكدين أننا سنحصل على أجر كبير. ماذا عن الأسر التي تقوم بالاستدانة وأخذ قروض بنكية من أجل شراء أضحية العيد؟ العلماء فصلوا في هذه النقطة ووضعوا شروطا للاقتراض، إذ أن المسلم إذا كان يمر من ضائقة مالية لفترة محدودة، وسيكون باستطاعته أن يقضي الدين دون أن يضيق على نفسه فلا بأس من أخذ السلف لأنه له القدرة على الوفاء بالدين. من جهة أخرى أكد العلماء أن الاحتفال بعيد الأضحى سنة مؤكدة للقادر عليها فقط، ومن لم يستطع فأمير المؤمنين يضحي عنه، حيث يذبح أضحيتين واحدة عنه وعن أهل بيته، والثانية عن من لم يضحي من أمته.