كلما أُعلن عن مبادرة جديدة من الحكومة لإنهاء الإحتجاجات، تقابل بالرفض من طرف التنسيقية الوطنية للأسانذة المتعاقدين. فهل هذا تعنت غير منطقي من طرف التنسيقية؟، أم أن مبادرات الحكومة لذهب دائما في الإتجاه الخاطئ ولا تستجيب للمطالب الأساسية التي يرفعها عشرات الآلاف من الأساتذة؟. فبعد الحوار مع وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، سعيد أمزازي، رفضت النقابات التعليمية الخمس، الأكثر تمثيلية ما حمله المقترح الحكومي لوقف احتجاجات الأساتذة المتعاقدين، بعد أسبوع من إضرابهم عن العمل، وشلل التعليم العمومي. وقالت النقابات الخمس، في بلاغ لها، إن “الحل الوحيد لملف الأساتذة، الذين فُرِض عليهم التعاقد هو الادماج في الوظيفة العمومية وأن على الوزارة الإسراع بفك الاحتقان في القطاع عبر تلبية كل المطالب العادلة، والمشروعة للأسرة التعليمية”. واعتبرت النقابات أن العرض، الذي قدمه أمزازي باسم الحكومة بفك أزمة المتعاقدين يشمل “الإبقاء على الوضع الحالي، أي التشغيل بالعقدة مع إدخال أربعة عشر تعديلا على النظام الأساسي الخاص بأطر الأكاديمية”، معبرة عن تشبثها ب”مطلب الإدماج في الوظيفة العمومية لكل الأساتذة، الذين فُرِض عليهم التعاقد، وفتح حوار حقيقي تكون مخرجاته إدماج الأساتذة، الذين فرض عليهم التعاقد في النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية، إسوة بزملائهم”. الخبير السياسي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، عبد الرحيم العلام يعتبر في حوار مع موقع القناة الثانية أن الحكومة أمامها خيارات قليلة، ضمنها الإستسلام لمطالب الأساتذة المتعاقدين وإدماجهم في الوظيفة العمومية أو تفويت قطاع التعليم إلى القطاع الخاص. التفاصيل في الحوار التالي: بعد أيام من الإضراب والإعتصامات التي خاضها الأساتذة المتعاقدين، خرج وزير التربية والتعليم بتعديلات واقتراحات رفضتها كل تمثيليات الأساتذة المتعاقدين. ما تقييمك لتلك المقترحات؟ الأساتذة المتعاقدون لا يقبلون بأن يكونوا موظفين مع الأكاديميات الجهوية. وبما أن الوزارة ليست مستعدة بعد من أجل إنهاء هذا الوضع وتوظيفهم مباشرة مع الوزارة، فإن التصعيد سيستمر ولن يُحل المشكل. تقنيا، إذا استمر توظيف الأساتذة مع الأكاديميات الجهوية، فلن يكون باستطاعة الأساتذة الاستفادة من الحركة الإنتقالية، وهو شيء غير مقبول بالنسبة للأساتذة، لأنه حتى في عمليات التوظيف اضطر عدد من الخريجين إلى الإنتقال إلى جهات أخرى غير الجهات التي يقطنون بها من أجل الترشح لمناصب الشغل، لان المناصب التي تفتح في كل جهة لا يمكنها استيعاب كل المترشحين المحليين. نفس المخاوف يواجهها الأساتذة المقبلون عن الزواج بأستاذات موظفات في جهات أخرى. إذ لا حق للأستاذ في أن ينتقل عند زوجته ولا حق لها في أن تنتقل عنده. وهي مخاوف مشروعة. في اعتقادكم، هل تهميش تنسيقية الأساتذة المتعاقدين والتفاوض بشكل مباشر مع النقابات سيجدي نفعا أم أنه الأمر سيزيد من تأزيم الوضعية؟ في آخر المطاف، الأساتذة المتعاقدين مدعومون من النقابات، وسيتمدون قوتهم من دعم النقابات. وسواء حضروا بصفتهم الشخصية أو حضرت مطالبهم التي تقدمها نيابة عنهم النقابات، فالأمر سيان. والنقابات لا يمكنها أن توافق على اي أشياء ترفضها التنسيقية، لأنها تفاوض فقط باسمها. وأعتقد أن النقابات أيضا تشجع على هذا الأمر أي أن تكون الكيان الحصري الذي يتولى النيابة عن التنسيقية في المفاوضات. لكن في اعتقادي الشخصي، كان من الأفضل للدولة أن تجري المفاوضات مع النقابات بحضور ممثلين عن التنسيقية، على غرار التجربة السابقة. ما هي السيناريوهات التي تتوقعها بعد هذا العرض والرفض؟ الدولة الآن أمام خيارين، إما أن توقف التوظيف بالتعاقد، حتى تبقى هذه الفئة من الأساتذة المتعاقدين أقلية. وإلا فلن يكون هناك حل آخر للدولة سوى أن تقبل بإدماج الأساتذة المتعاقدين في الوظيفة العمومية. فهم الآن 50 ألف. بعد سنة سيصبحون 70 ألف، وبعد سنتين سيصبحون 90 ألف، وبعد 5 سنوات سيصبحون الأغلبية، لأن وزارة التربية والتكوين لم تعد توظف الأساتذة في إطار الوظيفة العمومية بل فقط في إطار التعاقد. وفي حالة استمرار الدولة في توظيف الأساتذة بالتعاقد، فإن الأزمة ستستمر، عن طريق الإضرابات المتكررة والإحتجاجات، وفي الأخير سيفرضون أمر الواقع بسبب أغلبيتهم. هناك أيضا خيار ثالث يكمن بتفويت قطاع التعليم إلى القطاع الخاص، وهو خيار مستبعد لأن القدرة الشرائية للأسر المغربية لن تستطيع تحمل مصاريف تعليم أطفالهم في القطاع الخاص.