وجدت الحكومة نفْسَها في موقف "محْرج" بعد تلويح آلاف الأساتذة المتعاقدين بترك المدارس والخروج مجدداً إلى الشوارع، رفضاً لنظام التعاقد الذي يقولون إنه فُرضَ عليهم، داعين إلى الامْتناع عن توقيع ملحق العقد وكل ما له علاقة بالنظام الأساسي الخاص بموظفي الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، إلى حين إدماجهم في صفوف الوظيفة العمومية. وبينما تترقّب الشغيلة التعليمية إضراباً جديداً عن العمل لمدة أسبوع كامل، يمتد من 18 إلى 23 مارس المقبل، مرفوقاً باعتصام إنذاري في العاصمة الرباط طيلة أيام الإضراب؛ تتجهُ الأنظار إلى ما يمكنُ أن يقترحهُ سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي، لثنْي آلاف الأساتذة من تركِ المدارس، خاصة أن "تكلفة الإضراب ستكون هذه المرة باهظة"، وفقَ تعبير مصدر من تنسيقية الأساتذة الذين فُرض عليهم التعاقد. وفي وقت تتشبّثُ فيه الوزارة الوصيّة على قطاع التعليم بنظام التعاقد و"لا يمكنها بأيّ حال من الأحوال التّراجع عن هذه الخطّة، حيث إنَّ التوظيف بالتعاقد سيستمرُّ على مدى الخمس سنوات المقبلة، لتغطية حاجيات الأكاديميات من الموارد البشرية"، فإنَّ الأساتذة يقرّونَ بأنَّ "احتجاجاتهم لنْ يتوقّف إلا بالإدماج في أسلاك الوظيفة العمومية وإسقاط التعاقد". وأمام عدمِ وجود أيَّ مقترحٍ عملي من لدن "وزارة أمزازي" لإنهاء أزمة الأساتذة "الذينَ فرض عليهم التعاقد" البالغ عددهم 55 ألف أستاذ، وفي ظلّ تعرَّض الأغلبية الحكومية لضغط متواصلٍ بسبب ملف المتعاقدين، يبقى سيناريو "الأساتذة المتدربين" مطروحاً، حيثُ كانت الحكومة السّابقة قدْ كلَّفت وزارة الداخلية بالتّحاور مع "أساتذة الغد" لإنهاء برنامجهم الاحتجاجي، وقدْ نجحت الداخلية آنذاك في إخمادِ غضبهم. ويستبعدُ مصدر من الأغلبية الحكومية، آثر عدم ذكر اسمه، أن يكونَ هناك توجه من هذا القبيل، مقراً بأنه "ستكونُ هناك اجتماعات بينَ الوزارة المعنية وبين الأساتذة المعنيين للبحث عن حلول لهذا الملف؛ لكن دون أن يعني ذلك أنه سيتمُّ دمجهم بشكل مباشر في الوظيفة العمومية". ويتوقع عبد الغاني الراقي، المسؤول النقابي في النقابة الوطنية للتعليم، أنْ تسْلُكَ الحكومة خيارَ تكْليف وزارة الداخلية للإمساك بملف المتعاقدين، خاصة أن هذه الوزارة لها موقع كبير داخل الدولة؛ وهي المسؤولة اليوْم على جولات الحوار الاجتماعي، وكانت قد دخلتْ على خط احتجاجات الأساتذة المتدربين سنة 2016". ويضيفُ الراقي أن "الداخلية لعبتْ دوراً كبيراً في إنهاء ملف الأساتذة المتدربين، لكنَّ ذلكَ أساء كثيراً إلى العمل المؤسساتي وأفرغ دور البرلمان والحكومة والنقابات"، مشيراً إلى أن "ملف الأساتذة المتعاقدين يتطلّبُ حكمة كبيرة؛ لأننا أمام أكثر 50 ألف أستاذ، والحل الوحيد لهذا المشكل هو إدماجهم في الوظيفة العمومية". ويرفضُ أساتذة التعاقد، والبالغ عددهم 55 ألف أستاذ، الذين جرى توظيفهم سنوات 2016 و2017 و2018، توقيع ملحق العقد وكل ما له علاقة بالنظام الأساسي الخاص بموظفي الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، إلى حين إدماجهم في صفوف الوظيفة العمومية.