يقوم وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بزيارة للجزائر والمغرب وتونس، حيث سيعقد لقاءات مع قيادات هذه الدول في الفترة من 23 إلى 26 يناير الجاري. ومنذ إعلان زيارة لافروف إلى المغرب ضمن جولة إقليمية لدول شمال إفريقيا، سارعت بعض التقارير إلى ربطها بمصالح روسيا بالمنطقة، خصوصا في ظل التحولات السياسية التي تجري حاليا في حليفها الرئيسي بالمنطقة الجزائر، والتي تستعد لانتخابات رئاسية جديدة. غير أن المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا شددت في بيانها أن الزيارة تهدف إلى إثارة المواضيع الثنائية ذات الإهتمام المشترك، إذ يسعى لافروف من خلال زيارة الجزائر إلى تقوية التعاون الثنائي، الذي يجعل الجزائر أكبر مستورد للبضائع الروسية في المنطقة والتي وصل رقم معاملاتها إلى 4.6 مليار دولار في 2017، في حين يطمح وزير الخارجية الروسي من خلال زيارة المغرب إلى تقوية العلاقات التجارية بين البلدين والتي ارتفعت في سنة 2017 بنسبة 13 بالمائة لتصل إلى رقم معاملات يفوق .4 مليار دولار. عبد الفتاح البلعمشي، رئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات اعتبر أن الملف المغربي بالنسبة للافروف مستقل عن نظيره الجزائري، لأن الامر لا يتعلق بنفس الشراكة. فالشراكة الروسية الجزائرية تعتبر إيديولوجية أساسا، لكن شراكة المغرب مع رويسا اقتصادية وكان المغرب هو من دفع بها في سنة 2016، في إطار السياسة الخارجية الجديدة التي يود المغرب تطويرها، والتي تشمل أيضا الصين، " فالمغرب سبق وأن أعلن من خلال الخطاب الملكي في سنة 2016 خلال القمة المغربية الخليجية، عن توجه جديد في السياسة الخارجية للمغرب، تقوم على الحفاظ على الشراكات الكلاسيكية والانطلاق في شراكات جديدة. هذا الأمر يبين إرادة للمغرب من أجل الإنفتاح على الخصوص على الشرق." وبالمقابل، يوضح البلعمشي، أن "روسيا تعيش في الوقت الحالي مشاكل مع شركاءها الاقتصاديين بين الفينة والأخرى. وهؤلاء الشركاء شبيهون في طبيعتهم الاقتصادية بالمغرب. ولاحظنا في تصريحات رسمية سابقة كيف أن روسيا هددت بمعاقبة تركيا والتوجه إلى المغرب عوضها، حين حدثت أزمة بين البلدين." إضافة إلى ذلك، يردف المتحدث نفسه، فإن روسيا لديها رهانات دولية، بدليل أن الزيارة تشمل عدد من الدول، لأن روسيا تبحث عن تعزيز مكانتها في القارة الإفريقية، وفي شمال إفريقيا على الخصوص، في إطار منافسة دولية معينة. وفي نفس السياق، يعتبر الدكتور عبد الفتاح الفاتحي، خبير استراتيجي في قضايا الصحراء والشؤون الإفريقية أن زيارة لافروف للمغرب تأتي في وقت تنافس فيه القوى العالمية في سباق محموم نحو إفريقيا، والمغرب يتوفر على ممرات اقتصادية وسياسية بسبب استثماراته الصخمة بإفريقيا. " وأضاف الفاتحي في تصريحه لموقع القناة الثانية أن "المغرب أصبح جسرا لعدد من الاقتصادات العالمية نحو الأسواق الإفريقية، التي تتصارع عليها الولاياتالمتحدةالأمريكيةوروسياوالصين." وبالرغم من أن الجزائر تربطها علاقات سياسية أعمق بحكم التوجه اليديولوجي المشترك، فإنها "لا تتوفر على الخبرة الاقتصادية كتلك التي راكمها المغرب في إفريقيا. فعلاقات الجزائروروسيا وإن كانت متقدمة في الشق السياسي والإيديولوجي، لكنها من الناحية الاقتصادية لا يمكنها أن تقدم الكثير لروسيا. يعني أن الجزائر تقدم سوقها الداخلي فقط، وهو سوق محدود وصغير مقارنة بما يقدمه المغرب من خلال شراكاته المتعددة من مختلف الدول الإفريقية."