موقع القناة الثانية إلتقى الأديب الروائي و القاص مبارك ربيع خلال تواجده بالبرلمان من أجل ، مناقشة مضامين و أفاق القانون الإطار حول منظومة التربية و التكوين و البحث العلمي، صاحب رواية "الريح الشتوية" تحدث لنا في هذا اللقاء الخاص حول رؤيته لحل المشاكل التي تتخبط فيها منظومتنا التعليمية ، حدثنا أيضا عن روايته الجديدة "غرب المتوسط" و أفصح لنا عن علاقة مبارك ربيع بالبرلمان و عالم الساسة. بداية ما هي أسباب تعثر منظومتنا التعليمية؟ ما نريده للمتعلم هو أن يستوعب لدرجة من الإتقان، مجال اللغات كتابة و تواصلا إضافة للعلوم و مجالات التكنلوجيا، لكن واقعيا من مظاهر التعثر من أجل التعلم هو وجود غلاف زمني محدد مقابل طاقة تعليمية محدودة عند المتعلم، و بالتالي يجب الإشتغال على الرفع من هذه الطاقة و توسعتها أقصى ما يمكن حسب سن المتعلم و مستواه، فالمسألة بيداغوجية بالدرجة الأولى، بحيث يمكن الإتفاق على المبادئ الخاصة بتدريس اللغات و التكنلوجيا لكن تبقى المسألة الأساسية هي تطبيق ذلك مع زمن تعليمي محدد. و كما تقول المعادلة التي أؤمن بها، يجب التعلم بأقل جهد في أقصر وقت.
هل مشروع القانون الإطار فرصة لوقف النزيف التعليمي ؟ جميع التخطيطات تبقى ضرورية و تبحث عن التغيير ، نحن عشنا تنزيل الميثاق الوطني و البرنامج الإستعجالي و الأن الرؤية الإستراتيجية دون الحديث عما سبق كل هذا ، فهذه التحولات إيجابية بالرغم من التغييرات و الأخطاء التي ترافقها ،لكن أعتقد أن كل خطة تربوية لا يجب أن تتعدى أكثر من عشر سنوات لكي تتجدد ، هذا هو القانون الطبيعي.
البعض يشير بأسى لإنهيار منظومة القيم و الأخلاق عند المتعلمين و دورها في تراجع مستوى تعليمنا؟ من ناحية التشخيص بصفة عامة يمكن أن نقول هذا صحيح، فالأمر حاليا يتطور و يتحول بقوة و سرعة و عنف، لكنه طبيعي جاءت بِه المسيرة الكونية و لا يمكن الوقوف في وجهه، لكن يجب مواكبته و توجيهه في المسار الصحيح ، فعندما نتكلم عن القيم مثلا ، يجب علينا أن نمنح المتعلم و الهيئة التعليمية قسطا كبيرا من المسؤولية، فشخصيا ناقشت ميثاق المتعلم الذي تضمنه القانون الإطار ، هذا الميثاق هو فرصة ذهبية لكي نجعل منه الدليل المدرسي الذي تستقل به المؤسسة التعليمية، نجد فيه دور كل الفاعلين داخل المدرسة بما فيهم المتعلم ، فهناك مجلس تأديبي و مصالح داخل المؤسسة علينا أن نسمح للمتعلم أن يشارك فيها و يضع قانونها لكي نمنحه الإحساس بأنه شارك في وضع قانون المؤسسة و هو الأن جزء من حمايته . هذا نموذج لبناء قيم إيجابية عند المتمدرس والمجال التعليمي مفتوح أمام إبتكارات كثيرة.
هل حسم النقاش حول اللغة التي نريد التدريس بها ، خاصة مع حضور العامية في روايات مبارك ربيع؟ نعم في رواياتي تجد العامية، لكن تلك العامية مدروسة، لغرض جمالي و فني معين في الرواية و ليست كمبدأ و إلا يمكن أن أكتب بالدارجة و قد سبقني إليها روائيون أخرون ممن كتبوا بالدارجة، في مصر مثلا، ولم ينجح الأمر. التدريس بالدارجة في المغرب تجاوزناها ، فمشروع القانون الإطار كرس اللغة العربية لغة للتدريس، مع وضع الأمازيغية في مكانها و كذلك اللغات الأجنبية و يجب أن يلم المتعلم بذلك في إطار ما يحدده القانون الذي سيصدر .لقد تجاوزنا الكثير من النقاشات حول اللغة ، فالأهم الْيَوْمَ هو الوقوف على الطريقة البيداغوجية و التربوية المثلى من أجل نقل المعارف و المدارك المتعلقة باللغات في أقصر وقت و بأقل جهد.
مبارك ربيع يدخل القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية 2019،عبر نصك الروائي الجديد "غرب المتوسط"، حدثنا عن هذه الخطوة؟ أنظر ، لا يعني أنه من سينال الجائزة في النهاية هو الأفضل دائما، فهناك نماذج لم تترشح حتى للجائزة أو لم توفق في إتمام إجراءات الإنخراط في هذه الجائزة. لكن هذه الجائزة من الناحية الرمزية هي معقولة بحيث تضع حوارا بين الرواية العربية بصفة عامة من مشرقها إلى مغربها و هذا هو الأهم فهو حوار أصفه بالصامت الغني و المتكامل. عموما الكاتب هو كاتب قبل أن تكون هناك جائزة و يجب أن يكون الكاتب موجودا لتكون الجائزة.
هل تحدثنا قليلا عن مضمون روايتك الجديدة و التي قاربت موضوع الهجرة و الباحثين عن الفردوس الأوربي ؟ لا أحب الحديث عما جاء في الرواية من أحداث، أدعوا القارئ لتصفح شخوصها و أمكنتها و أحداثها، و الرواية موجودة حاليا بالمكتبات.
ما هو مستوى الرواية المغربية اليوم؟ الرواية المغربية المستوية فنيا تعود لنصف قرن من الزمان، طبعا الرواية المشرقية لها الأسبقية، لكن هذا لا يعني أن نمر بجميع المراحل التي مر بها هؤلاء، خاصة أن العالم الْيَوْمَ عبارة عن قرية صغيرة و المغاربة لهم علاقة وطيدة بالأدب العالمي خاصة مع إتقانهم للغات و بالتالي يمكن الإستفادة من مختلف التجارب و غير ذلك ليس هناك من ينقص من قيمة الرواية المغربية إلا ممن يكتبها منقوصة.
ما علاقة مبارك ربيع بالبرلمان و عالم الساسة؟ هذه أول مرة أحضر فيها للبرلمان، و إطار الزيارة يبقى ثقافيا و تربويا محضا، و ذلك من أجل مناقشة مشروع القانون الإطار المتعلق بالتربية و التكوين. هنا ليس لدي عمل بالبرلمان و القائمون على هذه المؤسسة أدرى بشعابها.أعتقد أنه من الإيجابي جدا أن يستدعي البرلمان خبراء و مثقفين للإدلاء بأرائهم فيما يخص القضايا المجتمعية و بالتالي إغناء النقاش، ليس لأنهم دائما سيصيبون و لكن على الأقل سيفتحون نوافذ جديدة.
لماذا هناك غياب للبرلمان كفضاء زمكاني، داخل الرواية المغربية؟ ليس بالضرورة أن تخصص رواية كاملة للبرلمان ، لكن قد تجد شخصية معينة أو موقف أو إشارة،لها علاقة بالبرلمان داخل الرواية، لكن يمكن لمن يعيش التجربة البرلمانية من الداخل و يملك القدرة الإبداعية أن يصورها و يكتب عنها، يجب التعايش مع الظواهر بعد ذلك تأتي القدرة الإبداعية التي تؤلف.