انتصر مجلس الشيوخ الأمريكي، خلال الأسبوع الماضي، للوحدة الترابية المغربية، ورفض مشروع قرار اقترحته زعيمة الأغلبية الديموقراطية في الكونغرس، نانسي بيلوزي، بتاريخ الثالث من يناير الجاري، يقضي بإستثناء الصحراء المغربية من المساعدات الأمريكية المقدمة إلى المغرب ضمن قانون المالية الأمريكي لسنة 2019. مجلس الشيوخ، الذي يتوفر الحزب الجمهوري الحاكم على أغلبية المقاعد فيه، رفض هذا المشروع، ليتم الإبقاء على نفس القانون الذي كان جاري به العمل طيلة السنوات السابقة، والذي يُدرج المساعدات الموجهة إلى الصحراء المغربية ضمن المساعدات الموجهة إلى المغرب، في اعتراف في السيادة المغربية على صحرائه. وجاء قرار مجلس الشيوخ ليؤكد تصريحات عمر هلال الممثل الدائم للمغرب في الأممالمتحدة في حوار له صدر مؤخرا بجريدة النيويوركر الأمريكية، والتي أكد فيها :” أنَّ العلاقات المغربية الأمريكية جد وثيقة لدرجة أنه ليس باستطاعة أيِّ مسؤول أمريكي سياسي ومهما بلغ نفوذه أن يهدد موقف المغرب” . نوفل البعمري، الخبير في قضية الصحراء قال إن المقترح الذي تم التقدم به من أجل استثناء الصحراء المغربية من الدعم الموجه للمغرب لا يؤشر على أي تغير في موقف إدارة ترامب من قضية الصحراء، بالرغم من تنصيب جون بولتن، الشهير بمعاداته للمصالح المغربية، كمستشار للأمن القومي. وأضاف البعمري، في فقرة ثلاثة أسئلة التي ينشرها موقع القناة الثانية، أنه صحيح أنه لم يتم تعيين حتى الآن سفيرا لأمريكا بالمغرب بعد مرور أكثر من عامين على تولي ترامب الرئاسة، "لكن هذا الأمر لا يعكس أزمة او فتورا دبلوماسيا بين البلدين. بل على العكس من ذلك، فتأجيل تعيين السفير جعل من العلاقة بين الرباط و وواشنطن مباشرة، وهو ما أضفى عليها حيوية أكبر." رفض مجلس الشيوخ الأمريكي مقترحا تقدمت به زعيمة الأغلبية الديموقراطية في الكونغرس، نانسي بيلوزي، بتاريخ الثالث من يناير الجاري، يقضي بإستثناء الصحراء المغربية من المساعدات الأمريكية المقدمة إلى المغرب ضمن قانون المالية الأمريكي لسنة 2019. ما قراءتك لهذا المستجد، وهل هذا يعني أن موقف الولاياتالمتحدةالأمريكية لم يتغير من قضية الصحراء؟ الأمر لم يكن أبدا يتعلق بتغير الموقف الأمريكي، بل على العكس من ذلك فالولاياتالمتحدةالأمريكية ظلت تتبنى موقفا ثابتا، يدعم الحل السياسي. هذا الموقف تُرجم مرارا في المسودات التي كان يتم إعدادها من طرف الإدارة الأمريكية. لكن، هناك رهان من طرف البوليساريو المدعومة من الجزائر على تغير الموقف الأمريكي، بعد تعيين جون بولتون كمستشار للأمن القومي و التأويلات التي أعطيت لمداخلته حول استراتيجية الولاياتالمتحدةالأمريكية أفريقيا. لكن معيار تغير الموقف الأمريكي لا يمكن أن يقاس إلا من خلال ما تعبر عنه أمريكا رسميا داخل الأممالمتحدة أثناء مناقشة ملف الصحراء، و من خلال مضامين مسودات مشاريع قرار مجلس الأمن حول النزاع. وبما أنه لم تحدث أي تغييرات على خطاب الولاياتالمتحدة خلال مناقشة مجلس الأمن لقضية الصحراء أو على مضامين مشاريع قرارات مجلس الأمن التي تنفرد الولاياتالمتحدةالأمريكية بصياغتها، فإن هذه مؤشرات تؤكد أن هناك دعم أمريكي للحل الديموقراطي و للدينامية الجديدة. كما قلت إن هناك رهان من طرف البوليساريو المدعومة من طرف الجزائر على جون بولتون، الذي لا يكن أي حب للوحدة الترابية للمغرب، كمستشار للأمن القومي من أجل التأثير في موقف أمريكا من قضية الصحراء. هل باإمكان بولتن فعلا أي يغير موقف أمريكا؟ في نهاية المطاف، لإن جون بولتون هو مستشار للأمن القومي لدى الرئيس الأمريكي. وبالتالي فهو يشتغل في ظل توجهات الإدارة الحالية التي تظل رؤيتها واضحة تجاه النزاع، والتي تروم إيجاد حل سياسي للملف. لقد راهن خصوم المغرب على تأثير تعيين جون بولتون في مسار الملف، لكن ما لا يجدر الإشارة إليه الآن هو أنه في ظل تواجد جون بولتون، قدمت الولاياتالمتحدةالأمريكية مسودة قرار تدين البوليساريو، وصاغت أمريكا مشروعي قراري مجلس الأمن الأخيرين في أبريل وأكتوبر الماضيين، وهما قرارين واضحين في دعمهما للحل السياسي المتوافق بشأنه. كما أنه في ظل تواجد بولتون، تم تغيير صفة الجزائر في المائدة المستديرة الأخيرة بجنيب من طرف ملاحظ إلى "طرف رئيسي." لكن، بعد مرور عامين على تولي ترامب الرئاسة، يبقى المغرب من الدول القلائل التي لم يُعين فيها سفيرا أمريكيا بعد. فهل هذا يعني أن هناك فتورا دبلوماسيا بين البلدين، وهل من شأن غياب السفير التأثير على موقف أمريكا من الصحراء المغربية؟ رغم عدم تعيين سفير أمريكي الآن بالمغرب، فلابد من الإشارة إلى أن العلاقات الدبلوماسية في ظل الإدارة الحالية و الانتعاشة التي عرفتها في السنتين الاخيرتين أكدتا على متانة العلاقة بين البلدين خاصة في قضايا محاربة الإرهاب و التنمية و الديموقراطية في أفريقيا. إن هناك وعي أمريكي سبق أن تم التعبير عنه رسميا في الزيارة الأخيرة لنائب وزير الخارجية الأمريكي للمغرب،إذ عبر في بلاغ رسمي عن موقف أمريكي إيجابي اتجاه نزاع الصحراء، وعكس الوعي الأمريكي بالدور المغربي في القضايا المشتركة سواء على الصعيد الثنائي او على الصعيد الأفريقي - الأمريكي. لذلك، فإن تأجيل تعيين سفير أمريكي بالمغرب لا يعكس أزمة او فتورا دبلوماسيا بين الطرفين. بل على العكس، فإن تأجيله جعل العلاقة بين الرباط وواشنطن مباشرة، وهو ما أضفى عليها حيوية كبيرة.