قال المحلل السياسي، عتيق السعيد في تصريح ل2m.ma إن المغرب "عرف أحداثا كثيرة سنة 2017 الا ان أبرزها البعد الاستراتيجي لعودة المغرب للاتحاد الافريقي والتوازنات القارية". وقال السعيد،" هذا الحدث جاء كعلامة فارقة على بداية تحول جذري في السياسة الخارجية المغربية، والانتقال من استراتيجية الدفاع التي كانت عنوانًا للمرحلة طوال العقدين الماضيين، إلى استراتيجية فرض المكانة بطرق تنموية استشرافية بقيادة جلالة الملك ، حيث نهجت المملكة أنماط جديدة في سياستها الخارجية الجديدة، بعد أن ثبت أن قوة المواقف و الحجج تجعل الدولة أكثر قوة و صلابة في مواجهة أعداء الوطن وأن الأطراف الأخرى الإقليمية والدولية تحسب حساب الربح والخسارة في علاقتها بالمغرب، " ووصف السعيد هذه العلاقة،" أنه بدأأ يصير فيها المغرب تدريجيًّا أقوى من خصومه في العديد من الاوراش الوطنية لاسيما قضية الصحراء المغربية، بسبب التحولات الكبيرة التي عرفتها المنطقة بعد الربيع العربي، والاستقرار السياسي والاقتصادي الذي يتمتع به المغرب في منطقة تعصف بها الفوضى و الارتباك السياسي". "تكُلِّلت المساعي المغربية للعودة إلى الاتحاد الإفريقي بالنجاح من خلال التصويت الذي جرى في القمة الإفريقية بأديس أبابا بداية هذه السنة، " يقول السعيد مضيفا،" كما نجح المغرب استمالة الدول المترددة في قرارها، ومن بينها دول شرق القارة الإفريقية، وهو ما بدأ فعليًّا مع زيارة جلالة الملك إلى دولة جنوب السودان مباشرة بعد انتهاء أشغال القمة الإفريقية بأديس أبابا؛ وذلك قبل البدء فعليًّا في خلق نمط جديد للعلاقة مع دول جنوب القارة وعلى رأسها جنوب إفريقيا. وتأتي أهمية المسألة من كون الاتحاد الإفريقي هو التكتل الدولي الوحيد الذي يعترف بالبوليساريو، الذي لا تحظى باعتراف الأممالمتحدة. " كما نجح المغرب حسب السعيد في إقناع الدول الإفريقية بفداحة الأضرار التي يتسبب فيها هذا الاعتراف بتنظيم لا يملك أرضًا ولا سيادة، من انقسام إقليمي وقارِّي يمنع مسلسل الوحدة الإفريقية والاندماج الاقتصادي بين بلدان القارة وصياغة سياسة موحَّدة تجاه القضايا المشتركة. إضافة إلى الفرص العديدة الضائعة جرَّاء هذا الانقسام ومن بينها مثلًا ضياع الاستثمارات العربية (والخليجية أساسًا) على القارة السمراء، كما جرى في القمة العربية-الإفريقية الأخيرة بغينيا الاستوائية سنة 2016 والتي قاطعتها تسع دول عربية منها دول الخليج العربي (باستثناء الكويت) احتجاجًا على حضور ممثل البوليساريو وتضامنًا مع المغرب الذي أعلن انسحابه منها. وسجل السعيد أيضا في نفس السنة 2017 نجاح المغرب في إقناع الدول الإفريقية بأن تكلفة بقاء البوليساريو في المنظمة أعلى بكثير من تكلفة إخراجها منها، خاصة مع التراجع الكبير في قدرة الجزائر على التأثير على الدول الإفريقية وانهيار نظام القذافي المؤثِّر ، ومن خلال استراتيجية عزل البوليساريو إفريقيًّا، سعى المغرب بالتوازي مع ذلك، إلى إقناع دول القارة السمراء بتأييد طرح "الحكم الذاتي" كحل وحيد و واقعي ممكن لصراع الصحراء، الذي دام أكثر من أربعة عقود، وجعل هذا الطرح يحظى بدعم قاري ودولي واسع، خاصة مع تزايد عدد الدول التي سحبت اعترافها بالجمهورية الوهمية والذي وصل إلى حوالي 46 دولة. واعتبر السعيد إن نجاح المملكة في خلق مقاربة تشاركية مبنية على التنمية و الاستثمار المجالي بالقارة الافريقية ليس بغريب على توجهات المملكة المغربية كون جلالة الملك محمد السادس جعل إفريقيا ضمن الأولويات الرئيسية للمملكة، وهو التزام شخصي لجلالته لفائدة إرساء شراكة رابح-رابح مع بلدان القارة، كما أنه ليس من قبيل الصدفة أن يكون المغرب ثاني أكبر مستثمر في إفريقيا كون الشراكة التي أرساها المغرب توسعت لتشمل العديد من بلدان القارة و من ضمنها جنوب افريقيا ، وتشمل مجالات ذات قيمة مضافة عالية، ضمنها المالية والتأمين والنقل الجوي والتكنولوجيا الجديدة للإعلام، فضلا عن قطاعات أخرى، و هو ما جعل المملكة تحظى برصيد من المصداقية في غرب ووسط أفريقيا، فهي أول مستثمر فيه، ولها حضور قوي على المستوى الدبلوماسي والديني و الاقتصادي