لا طالما استهوت ملامح الوجه وقضايا الساعة قلم فن الكاريكاتور ذلك الفن المشاغب الجميل الذي تفوق على الكلمات في التعبير، فهو فن عتيق يعود إلى القرن الثلاثين قبل الميلاد، أي أنه سبق عصر الكتابة فالرسم الرمزي ظهر قبل مرحلة الحرف بمراحل. في المغرب وقبل سنوات كان فن الكاريكاتور مجرد عنصر تكميلي له ركن دائم في الصفحات الأخيرة من الجرائد لإضفاء نوع من اللمسات الجمالية عليها لا غير، إلا أن اليوم أصبح فن الكاريكاتور خاصة الرسم الصحافي يحظى بمكانة متميزة يمرر من خلالها رسائل واضحة أحيانا ومشفرة أحيانا أخرى إنه مخاطب جيد يتقن أسلوب الاقناع وقادر على إيصال المعلومة للمتلقي باقتضاب ويسر. قبل تسع سنوات أصبح لفن الكاريكاتور في المغرب ملتقى وطني يحتفي به، يجتمع فيه محترفو الرسم الكاريكاتوري وهواة وعشاق هذا الإبداع، كل سنة لمناقشة تطورات وتحديات هذا المجال، مجال كان يعرف صعوبات كثيرة ونقصا كبيرا في المعلومات وفي التقنية والأساليب بسبب عدم توفر الإمكانيات لدى الفنان الكاريكاتوري الذي كان يعتمد على مجهوده الشخصي بالكامل كما يوضح الرسام الكاريكاتوري خالد الشرداي. غير أن اليوم بدأ مجال الكاريكاتور يعيش طفرة غير مسبوقة، فقد أصبح المهتم بهذا الإبداع يعيش وسط معرض عالمي مفتوح يتعرف من خلاله على مختلف مستجدات عالم الكاريكاتور من أعمال جديدة وتقنيات تساعد الرسام الكاريكاتوري المغربي على المعرفة والتطور والابداع حسب خالد الشرادي. ومن جهته يقول الرسام الكاريكاتوري محمد السعداني إن مجال الكاريكاتور في المغرب يتجه نحو منحى إيجابي بفضل المستوى التقني الذي يعرفه، وهو حاضر بقوة في المقالات الصحافية والقارئ أصبح كل يوم متشوقا إلى رؤية متنفس بين كلمات المقالات كصورة فتوغرافية أو رسم كاريكاتوري. في حين يرى عبد الغني الدهدوه المنسق العام لملتقى الفن الكاريكاتوري والاعلام بشفشاون أن الرسام الكاريكاتوري اليوم لا يزال يعاني من الرقابة السياسية أولا ثم الاجتماعية، يقول عبد الغني: "نحن نرسم في حدود ولا نقول كل شيء، والرقابة الاجتماعية لمجتمعنا المحافظ تمارس علينا الرقابة بشكل كبير، لأن الموضوع يتعلق بالسخرية والسخرية رسالة حادة وصادمة، و أحيانا تصدم المجتمع قبل أن تصدم السياسي، ورسام الكاريكاتور المغربي يلعب وسط ملعب ضيق لكنه رغم ذلك يحاول دائما أن يبدع. وبخصوص إمكانية صمود الفن الكاريكاتوري أمام تراجع الصحافة الورقية يقول خالد الشرادي، إن الكاريكاتور ركن أساسي من أركان المادة الصحافية ولا يمكن الحديث عن مسألة مواجهته من أجل البقاء لأن فن الكاريكاتور حاضر بقوة، وسيظل حتى مع تراجع الصحافة الورقية، وحتى وإن انقرضت الصحافة سيستمر فن الكاريكاتور فنا تعبيريا مستقلا مرتبطا بشكل كبير بعاطفة وذوق المتلقي. ويتقاسم كل من خالد الشرادي وعبد الغني الدهدوه فكرة أن الكاريكاتور بفضل التطور التكنولوجي أصبح الآن فنا متحركا، و في هذه الحالة سيكون مناسبا للنشر الالكتروني بسبب ديناميكيته وتطرقه للقضايا بشكل أكثر اختزالا مقارنة مع الكاريكاتور الثابث، وباعتباره مشهدا بصريا متحركا وأقرب إلى روح المادة البصرية المطلوبة جدا على الأنترنت. ويؤكد محمد السعداني بهذا الخصوص، أن الرسام الكاريكاتوري قادر على فرض نفسه في جميع الدعائم الإعلامية سواء في الصحافة التقليدية أو العصرية، إذا كان المبدع في المجال يتوفر على أدوات الكفاءة والمهارات والقدرات اللازمة لفرض رسوماته وجعلها تلقى إقبالا لدى المتلقي الذي سيقوده مباشرة إلى سوق الشغل والعمل بشكل مهني مع مختلف المنابر الاعلامية.