أبرز وزير العدل عبد اللطيف وهبي، اليوم بطنجة، أن رقمنة الإجراءات القضائية يعد ورشا استراتيجيا لتحقيق إصلاح شامل لمنظومة العدالة، ويجعل من المرفق القضائي بنية أساسية في مسار تكريس مقومات الدولة الحديثة وتعزيز دولة الحق والقانون. وأوضح السيد وهبي، في كلمة خلال افتتاح ندوة دولية حول موضوع "الأساس التشريعي لرقمنة الإجراءات القضائية"، أن توصيات ميثاق إصلاح العدالة اعتبرت أن نجاعة منظومة العدالة وإرساء مقومات المحكمة الرقمية يقتضي اعتماد وسائل الاتصال الحديثة لتسريع الإجراءات والمساطر القضائية وحوسبة المحاضر لضمان معالجتها الحينية في إطار التواصل عن بعد، باستعمال التكنولوجيا الحديثة. وأشار السيد وهبي إلى أنه اعتبارا للبعد المجتمعي لورش إصلاح منظومة العدالة، فإن وزارة العدل، ومنذ المراحل الأولى لبلورة مشروع التحول الرقمي للعدالة، تبنت بكل طواعية مقاربة تشاركية فعلية مع كل من المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، وتكريسا لهذا المنحى وسعت وزارة العدل من دائرة مشاوراتها مع باقي الشركاء على المستوى الوطني المعنيين برقمنة الإجراءات القضائية، سعيا منها لتجويد هذا المشروع وملاءمته مع انتظارات كافة الفاعلين المؤسساتيين. كما أشار الى أنه وبنفس النهج التشاركي، بادرت وزارة العدل إلى الانفتاح على التجارب المعمول بها لدى شركائها الدوليين، والذين عبروا عن دعمهم ومواكبتهم لتنزيل هذا المشروع المهيكل. وفي السياق ذاته، أبرز الوزير أنه حرصا على الدفع بمسار الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة بالمغرب، والذي يتقاطع في غاياته مع التوجهات الإستراتيجية للنموذج الجديد للتنمية، فقد اعتمدت وزارة العدل نهج حكامة تعتمد على تحديث الترسانة التشريعية وملاءمتها مع التحولات العميقة والمهمة التي تعرفها بلادنا على جميع المستويات، وعلى رأسها ورش تعديل قانون المسطرة المدنية وقانون المسطرة الجنائية والترسانة القانونية الناظمة لمجال إدخال التكنولوجيات الحديثة في مجال تصريف العدالة بالمحاكم، وذلك وفقا للقواعد والمعايير المعمول بها وطنيا ودوليا. ومن هذا المنطلق، عملت وزارة العدل، حسب السيد وهبي، على إعداد مسودة مشروع القانون رقم 27.21 المنظم لرقمنة الإجراءات القضائية في المجالين المدني والجنائي، والتي تروم استعمال الأنظمة الرقمية في إجراءات التقاضي المدنية أمام مختلف محاكم المملكة، وكذا اعتماد الحسابات الإلكترونية المهنية بالنسبة للمحامين والمفوضين القضائيين والخبراء، واستعمال الرقمنة في كافة مراحل الدعوى العمومية والمعالجة المعلوماتية للمحاضر المنجزة في إطار إجراءات الدعوى المدنية والجنائية وتذييلها بالتوقيع الالكتروني، إلى جانب إجراءات أخرى. وخلص السيد وهبي الى أن إدراك هذه المقاصد السامية لن يتسنى إلا بالإرادة الصادقة لمختلف المتدخلين في منظومة العدالة والعمل التشاركي الجاد للفاعلين فيها، ذلك أن المسؤولية مسؤولية مجتمعية ومشتركة بين كل الأطراف، غايتها الرفع من مستوى أداء العدالة ومن جودة خدماتها، وترسيخا لحماية الحقوق والحريات. ويضم برنامج الندوة، التي تنظمها وزارة العدل بتعاون مع شركاء وطنيين ودوليين، محاور عديدة تطرح خلالها التجارب المقارنة للأساس التشريعي لرقمنة الاجراءات القضائية والتجارب ذات الصلة في السينغال وفرنسا والإمارات العربية المتحدة وبلجيكا والولايات المتحدةالأمريكية ورواندا، ومشروع رقمنة منظومة العدالة بالمغرب، ورقمنة الاجراءات القضائية في المجال المدني وفي الميدان الجنائي.