انطلقت اليوم الاثنين بطنجة أشغال ندوة دولية حول "الأساس التشريعي لرقمنة الإجراءات القضائية"، من تنظم وزارة العدل بتنسيق مع شركاء وطنيين ودوليين. وأبرز وزير العدل عبد اللطيف وهبي، اليوم الاثنين بطنجة، أن رقمنة الإجراءات القضائية يعد ورشا استراتيجيا لتحقيق إصلاح شامل لمنظومة العدالة، ويجعل من المرفق القضائي بنية أساسية في مسار تكريس مقومات الدولة الحديثة وتعزيز دولة الحق والقانون. وأوضح وهبي، في كلمة خلال افتتاح ندوة دولية حول موضوع "الأساس التشريعي لرقمنة الإجراءات القضائية"، أن توصيات ميثاق إصلاح العدالة اعتبرت أن نجاعة منظومة العدالة وإرساء مقومات المحكمة الرقمية يقتضي اعتماد وسائل الاتصال الحديثة لتسريع الإجراءات والمساطر القضائية وحوسبة المحاضر لضمان معالجتها الحينية في إطار التواصل عن بعد، باستعمال التكنولوجيا الحديثة. وأشار وهبي إلى أنه اعتبارا للبعد المجتمعي لورش إصلاح منظومة العدالة، فإن وزارة العدل، ومنذ المراحل الأولى لبلورة مشروع التحول الرقمي للعدالة، تبنت بكل طواعية مقاربة تشاركية فعلية مع كل من المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، وتكريسا لهذا المنحى وسعت وزارة العدل من دائرة مشاوراتها مع باقي الشركاء على المستوى الوطني المعنيين برقمنة الإجراءات القضائية، سعيا منها لتجويد هذا المشروع وملاءمته مع انتظارات كافة الفاعلين المؤسساتيين. كما أشار الى أنه وبنفس النهج التشاركي، بادرت وزارة العدل إلى الانفتاح على التجارب المعمول بها لدى شركائها الدوليين، والذين عبروا عن دعمهم ومواكبتهم لتنزيل هذا المشروع المهيكل. وفي السياق ذاته، أبرز الوزير أنه حرصا على الدفع بمسار الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة بالمغرب، والذي يتقاطع في غاياته مع التوجهات الإستراتيجية للنموذج الجديد للتنمية، فقد اعتمدت وزارة العدل نهج حكامة تعتمد على تحديث الترسانة التشريعية وملاءمتها مع التحولات العميقة والمهمة التي تعرفها بلادنا على جميع المستويات، وعلى رأسها ورش تعديل قانون المسطرة المدنية وقانون المسطرة الجنائية والترسانة القانونية الناظمة لمجال إدخال التكنولوجيات الحديثة في مجال تصريف العدالة بالمحاكم، وذلك وفقا للقواعد والمعايير المعمول بها وطنيا ودوليا. ومن هذا المنطلق، عملت وزارة العدل، حسب وهبي، على إعداد مسودة مشروع القانون رقم 27.21 المنظم لرقمنة الإجراءات القضائية في المجالين المدني والجنائي، والتي تروم استعمال الأنظمة الرقمية في إجراءات التقاضي المدنية أمام مختلف محاكم المملكة، وكذا اعتماد الحسابات الإلكترونية المهنية بالنسبة للمحامين والمفوضين القضائيين والخبراء، واستعمال الرقمنة في كافة مراحل الدعوى العمومية والمعالجة المعلوماتية للمحاضر المنجزة في إطار إجراءات الدعوى المدنية والجنائية وتذييلها بالتوقيع الالكتروني، إلى جانب إجراءات أخرى. وخلص وهبي الى أن إدراك هذه المقاصد السامية لن يتسنى إلا بالإرادة الصادقة لمختلف المتدخلين في منظومة العدالة والعمل التشاركي الجاد للفاعلين فيها، ذلك أن المسؤولية مسؤولية مجتمعية ومشتركة بين كل الأطراف، غايتها الرفع من مستوى أداء العدالة ومن جودة خدماتها، وترسيخا لحماية الحقوق والحريات. ومن جهتها، أكدت الوزيرة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، السيدة غيثة مزور، أن تنظيم الندوة هي مبادرة بناءة وفرصة سانحة لتقاسم واستعراض الخبرات والتجارب الجيدة والناجحة في المجال التشريعي لرقمنة الإجراءات القضائية، كما تعد مناسبة لتقديم ما حققه المغرب في هذا المجال، بالإضافة إلى طرح النظريات العلمية والعملية التي من شأنها إنجاح مشروع التحول الرقمي للعدالة بالمغرب. وذكرت بأن المغرب طور، بفضل القيادة النيرة للملك محمد السادس، نموذجه التنموي، كما جعل من الإدارة العمومية جوهر التنمية وأحد ركائزها، مما حذا به إلى إرساء دعائم الإدارة الحديثة المبنية على استعمال الرقمنة كوسيلة لتقديم خدماتها للمرتفقين لتحقيق الفعالية والشفافية في علاقاتها بالمرتفقين وتعزيز الثقة بين الإدارة والمواطن. ومن جانبه، أكد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي، اليوم الاثنين بطنجة، أن إرساء مقومات عدالة رقمية من بين ركائز الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة. وقال الداكي، في كلمة خلال افتتاح الندوة الدولية حول "الأساس التشريعي لرقمنة الإجراءات القضائية" ، إن "إرساء مقومات عدالة رقمية، بما يضمن تقوية البنية التحية للأنظمة المعلوماتية للمحاكم، ويوفر برامج آمنة متعلقة بإدارة المساطر والإجراءات القضائية ويرفع من نجاعة الأداء القضائي بالمحاكم، يعتبر إحدى ركائز الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة التي تؤكدها توصيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة، وخلاصات تقرير لجنة النموذج التنموي". واعتبر المسؤول القضائي أن الرقمنة تشكل حجر الزاوية لتحسين جودة خدمات العدالة وتعزيز النجاعة القضائية، وتقليص آجال المساطر وتبسيط إجراءاتها، وتسهيل ولوج المرتفقين إلى العدالة، معتبرا أن أهمية الرقمنة "لا تقف عند هذا الحد، بل تتجاوزه لتساهم في تعزيز قيم النزاهة والشفافية، وتحسين مناخ المال والأعمال، خاصة وأن المعايير والمؤشرات العالمية المعتمدة تؤكد على أهمية التوفر على نظام رقمي لتدبير القضايا والشكايات ، والاطلاع على الأحكام القضائية في هذا المجال كمدخل لتسريع وتيرة الاستثمارات". في سياق الأزمة الصحة، نوه السيد الداكي بنجاح تجربة "المحاكمة عبر تقنية التناظر المرئي" بالنظر لما حققته من نتائج إيجابية هام ة تتعلق بحسن تدبير وتصريف قضايا المعتقلين، واستمرار المحاكم في عقد الجلسات للبت في قضايا المعتقلين بما يضمن التوازن بين المحافظة على الحق في الصحة العامة خلال هذه الظرفية الصعبة، والحق في استفادة المتهم المعتقل من محاكمة تواجهية علنية، طبقا للمعايير الكونية المعتمدة كضمانات للمحاكمة العادلة. وتابع أن من مزايا هذه التجربة كذلك ترشيد نفقات نقل المعتقلين إلى المحاكم وحسن تدبير الموارد البشرية المتدخلة في عمليات النقل، مبرزا أنها "مؤشرات دالة على النجاح المهم الذي تحققه الاستعانة بتقنيات الاتصال الحديثة في تدبير المساطر والإجراءات القضائية". وسجل أنه "إذا كن ا نتفق اليوم على أن عملية الرقمنة مدخل أساسي للرفع من نجاعة تصريف العدالة بالمحاكم، وأنها أصبحت مطلبا مستعجلا، فإن الحاجة أصبحت أيضا ملحة لإعادة النظر في الجانب التشريعي عبر إيجاد إطار قانوني يسمح باعتماد الإدارة الإلكترونية في الإجراءات القضائية أمام المحاكم وبما يضفي على الوثائق الإلكترونية الحجية القانونية، ومن شأنه تعزيز التدبير اللامادي للإجراءات القضائية، وتقوية آليات العدالة عبر رقمنة المساطر وتبسيط الإجراءات بما يؤدي إلى تيسير الولوج للعدالة والاستفادة من خدماتها. في حين، اعتبرت الوزيرة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، السيدة غيثة مزور، اليوم الاثنين بطنجة، أن رقمنة الإدارة المغربية وسيلة لتحقيق الفعالية والشفافية وتعزيز الثقة بين الإدارة والمواطن. وأوضحت مزور، في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية للندوة الدولية حول موضوع "الأساس التشريعي لرقمنة الإجراءات القضائية"، أن المغرب طور نموذجه التنموي وجعل من الإدارة العمومية جوهر التنمية وأحد ركائزها، مما حدا به الى إرساء دعائم الإدارة الحديثة المبنية على استعمال الرقمنة، كوسيلة لتقديم خدماتها للمرتفقين لتحقيق الفعالية والشفافية في علاقتها بالمرتفقين وتعزيز الثقة بين الإدارة والمواطن. وأكدت في هذا السياق أن الحكومة المغربية جعلت من إصلاح الإدارة العمومية، عملا بالتوجيهات الملكية السامية، حجر الزاوية لكل إصلاح اقتصادي واجتماعي للدفع بعجلة التنمية وتقديم أفضل الخدمات، مبرزة أن المسعى العام يتمثل في جعل الإدارة فعالة وفي خدمة المواطن، وذلك بتقريب الإدارة من المرتفقين وتحسين خدماتها عبر تسريع وتيرة التحول الرقمي. وأشارت الى أن وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، انسجاما مع الاختيارات الكبرى التي استند اليها النموذج التنموي الجديد للمغرب، تعمل على جعل الم ر ت ف ق في صلب برنامج عملها، وذلك عبر تبني عدد من المشاريع والبرامج الرامية إجمالا إلى تحسين الخدمات الإدارية وتبسيط مساطرها ورقمنتها خدمة للمواطن والمقاول. وشددت السيدة مزور على أن التوجه المستقبلي لتحقيق تحول وانتقال رقمي ناجع وفعال سيمكن من بلورة نقلة نوعية في الحياة الإدارية للمرتفق، من شأنه تخفيف كافة الأعباء والمشقات التي يتحملها، من تنقل ومصاريف وهدر للوقت وصعوبة وتعقيد المساطر، من جهة، ومن جهة ثانية، تكريس المزيد من الشفافية والنزاهة في علاقة الم ر ت ف ق بالإدارة. واعتبرت أن محور العناية بالكفاءات والمواهب يشكل أهم الدعامات التي ينبني عليها ورش الرقمنة، لأن تحديث التجهيزات وتطوير البنية التحتية ومراجعة الإطار القانوني لن يساهم وحده في إنجاح هذا الورش دون اسهام الرأسمال البشري وتعبئته وانخراطه. ومن منظور الوزيرة، فإن ترسيخ إدارة التغيير في الاستخدام الرقمي يعد عنصرا أساسيا في تصميم أي مشروع رقمي وكذلك مساهمة الرأسمال واعتماده للأداة الرقمية، وهو شرط مهم لنجاح واستدامة الحلول الرقمية، مشددة على أن الرأسمال البشري يشكل الفاعل الأساسي في بلوغ التغيير المنشود، لأن بلوغ المجتمع الرقمي لن يتأتى إلا بالتكوين والتكوين المستمر والتدريب والتوعية وإدارة التغيير. وفي كلمة ألقيت نيابة عن الرئيس الأول لمحكمة النقض الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة لقضائية، السيد محمد عبد النباوي، أكد أن الندوة تنعقد في سياق يطبعه العزم الأكيد على تسريع ورش التحول الرقمي للاستجابة للتحديات السوسيو-اقتصادية الجديدة التي يعرفها المغرب، امتثالا للتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وهي تكريس جاد للمقاربة التشاركية التي تعكس التعاون الواجب بين الس ل ط، والتي لا يمكن بدونها مواصلة أوراش إصلاح منظومة العدالة، وعلى رأسها إرساء إدارة رقمية، تتسم بالكفاءة والفعالية من جهة، وتنزيل مضامين المخطط التوجيهي للتحول الرقمي لمنظومة العدالة. وتابع عبد النباوي، في كلمة تلاها نيابة عنه الأمين العام للمجلس الأعلى للسلطة القضائية خلال افتتاح الندوة الدولية حول "الأساس التشريعي لرقمنة الإجراءات القضائية"، أن المساهمة في إنشاء محاكم مرقمنة، كلبنة إضافية للرفع من التنمية في بلادنا وتحسين مناخ الأعمال وكسب ثقة المستثمرين خاصة وباقي المواطنين عامة، ودعم ضمانات المحاكمة العادلة يشكل أهم الأهداف الاستراتيجية التي يطمح المجلس الأعلى للسلطة القضائية إلى بلوغها. واعتبر المسؤول القضائي أنه في ظل الظروف الصحية الاستثنائية، سيمكن هذا الورش المؤسسات القيادية بمنظومة العدالة من القيام بالمهام الموكولة إليها والمتمثلة في التتبع المتواصل والآني لمؤشرات أداء المحاكم ورصد مختلف الصعوبات التي قد تعترضها والتدخل في الوقت المناسب لضمان توفير أجود الخدمات للمتقاضي من جهة، وتيسير عمل المتدخلين في منظومة العدالة من جهة أخرى. وشدد على أن نجاح مشروع من هذا الحجم، لا يمكن أن يتم الا بتظافر جهود ومساهمات كل الفاعلين من مختلف مواقعهم، والوقوف على واقع المحاكم وما تتوفر عليه من بنيات تحتية وموارد بشرية ومؤهلات اجتماعية واقتصادية لكافة مناطق المملكة، علاوة على ضرورة اعتماد التدرج وفق مخطط تحول رقمي مضبوط. وتوقف عند الوعي بأهمية تبادل التجارب بين الدول على مستوى التشريعات ذات الصلة بمنظومة العدالة بشكل عام، وعلى مستوى مشروع التحول الرقمي للعدالة بشكل خاص، لافتا إلى أنه "الطريق الصحيح لوضع إطار تشريعي متكامل ينظم استعمال الوسائل الإلكترونية في الإجراءات القضائية وفق ما هو متعارف عليه دوليا". وخلص إلى أن هذه الندوة الدولية تعتبر فرصة لرصد التجارب الدولية في المجال، من خلال مشاركة نخبة من الخبراء من مختلف الدول العربية والإفريقية والأوروبية وممثلين عن منظمات دولية فاعلة في قطاع العدالة، مما سيتيح تسليط الضوء بكثير من الموضوعية والمهنية على العديد من الجوانب، والوصول إلى تقديم أفضل الاقتراحات والتوصيات التي ستغني التصور حول مشروع التحول الرقمي. ورأى الممثل المقيم لبرنامج الأممالمتحدة للتنمية بالمغرب، السيد إدوارد كريستوف، أن المغرب يعد شريكا موثوقا به لبلورة الاستراتيجيات الطموحة والمستدامة، من بينها استراتيجية رقمنة الإجراءات القضائية، لتعزيز أداء القضاء بالمغرب وتكريس دولة الحق والقانون، وتمكين المواطنين عامة من الولوج العادل الى الخدمات القضائية وبنيات العدالة، التي تعد محور النموذج التنموي المغربي الاستشرافي. وأجمعت باقي المداخلات على أن رقمنة الاجراءات القضائية تندرج في إطار مشروع طموح ومهم يتعلق ب "الإدارة الالكترونية"، الذي يوفر البنيات الضرورية لانخراط جميع المرافق العمومية في التحول الرقمي لتحقيق الفعالية والشفافية في علاقتها بالمرتفقين . كما أشارت المداخلات، خلال اليوم الأول من الندوة الدولية التي تتواصل الى غاية يوم غد الثلاثاء، على أن المخطط التوجيهي للتحول الرقمي الذي أعدته وزارة العدل وشركاؤها يشكل خيارا استراتيجيا من أجل تحقيق العدالة الرقمية ومواكبة التحولات التنموية العميقة التي يشهدها المغرب في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتشريعية والأمنية. ودعت مختلف المداخلات الى ضرورة العمل على تحديث الترسانة القانونية وملاءمتها مع متطلبات استعمال التقنيات الحديثة في تصريف القضايا أمام المحاكم ومواكبة آليات العمل الرقمية، مشيرة الى أن الإطار القانوني يسمح باعتماد الإدارة الالكترونية في الإجراءات القضائية وفق برنامج تحديث الإدارة القضائية. كما تشكل الندوة، حسب المتدخلين، مناسبة للانفتاح على التجارب المقارنة وتقاسم الممارسات الفضلى على المستوى التشريعي بخصوص التحول الرقمي للعدالة، وكذا فرصة لطرح نقاش متعدد الأبعاد وتلقي المقترحات حول التصور الذي أعدته وزارة العدل في موضوع الفعالية الدولية. ويتضمن برنامج الندوة محاور عديدة تطرح خلالها التجارب المقارنة للأساس التشريعي لرقمنة الاجراءات القضائية والتجارب ذات الصلة في السينغال وفرنسا والإمارات العربية المتحدة وبلجيكا والولايات المتحدةالأمريكية ورواندا، ومشروع رقمنة منظومة العدالة بالمغرب، ورقمنة الاجراءات القضائية في المجال المدني وفي الميدان الجنائي.