عاد ملف استخدام اللغات الأجنبية في المراسلات الادارية للبروز الى السطح وذلك بعد تداول مواقع التواصل الاجتماعي لمراسلة داخلية لوزير التجهيز والماء تنشد من كافة مصالح وزارته بإلزامية استعمال اللغة العربية في جميع المراسلات والقرارات الموجهة إلى العموم، لكن الخطوة رغم بعدها الرمزي وخلفيتها القضائية خلفت احتجاجا من لدن المدافعين على الرافد الأمازيغي بدعوى " استناد المراسلة الوزارية على قراءة مبتورة للنص الدستوري". مراسلة نزار بركة ، وزير التجهيز والماء ، اعتمدت على مقتضيات الفصل الخامس من الدستور المغربي الذي نص على اعتبار العربية اللغة الرسمية للدولة، وتعمل الدولة على حمايتها وتطويرها وتنمية استعمالها. وأعادت المراسلة الداخلية التذكير بالمنشور الصادر عن رئيس الحكومة المتعلق بإلزامية استعمال اللغة العربية أو اللغة الأمازيغية في جميع المراسلات والقرارات الإدارية وسائر الوثائق، سواء الداخلية أو الموجهة للعموم، ما لم يتعلق الأمر بمخاطبة جهات أجنبية أو استعمال وثائق تقنية يتعذر ترجمتها إلى اللغة العربية. لكن الدعوة لاستخدام اللغة العربية رغم رمزيته الدستورية فأنه ينطلق من اجبارية قضائية بعدما ، أصبح القضاء وفق المراسلة "ما فتئ يتصدى للوثائق المحررة بلغة أجنبية، والتي يدرجها ضمن الأعمال المشوبة بعدم الشرعية، مما ينتج عنها في العديد من الأحيان صدور مقررات إدارية تبطل محتوى تلك الوثائق والقرارات الإدارية، مع ما يترتب عن ذلك من تداعيات سلبية على المالية وسمعة الإدارة". ونبهت المراسلة الى تلكؤ بعض مصالح وزارة التجهيز والماء في تنزيل "تعريب المراسلات"، داعيا في الوقت نفسه إلى "الالتزام باستعمال اللغة العربية في تحرير وإصدار جميع القرارات والمراسلات الموجهة إلى العموم. هذا القرار الذي تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي بإشادة واستحسان ، لم يرق لمجموعة من الفعاليات المدينة ، إذ تلقى تكتل تَمْغْرَبيتْ للالتقائيات المواطنة، المعروف اختصارا بتَاضَا تَمْغْرَبيتْ، باستغراب شديد مضمون منشور السيد وزير التجهيز والماء، بشأن إلزامية استعمال اللغة العربية في تحرير وإصدار جميع القرارات والمراسلات الموجهة إلى العموم. واعتبر الإطار المدني استناد حيثيات المنشور على قراءة مبتورة للوثيقة الدستورية وخصوصا للمادة الخامسة منها. واتهم تكتل تمغربيت ، وزير التجهيز والماء بتجاهل الفقرة الثالثة من المادة الخامسة من الدستور والتي تنص على أنه " تعد الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء"، يعتبر عيبا قصديا وخروجا عن ضوابط الوثيقة الدستورية، وتوظيفا مبتورا للدستور في أغراض يتعين تجنبها بالنظر إلى أن نصوص البناء الدستوري تشكل وحدة عضوية متكاملة. من جانب آخر ، كان لعبد الفتاح الوردميشي ، الباحث في القانون الإداري بجامعة محمد الخامس أكدال ، له رأي آخر في مسألة تعريب مراسلات وزارة التجهيز ، موضحا ان السبب الرئيسي الذي استندت عليه مذكرة الوزير هي قرارات القاضي الإداري المرتبطة بمراقبة شرعية القرارات الإدارية . ولفت الباحث الجامعي لموقع القناة الثانية ، ان هذه المراقبة تنصب بالأساس على شكلية القرار الإداري ومحتوى وغاية النص وغيرها من العناصر التي يتأسس عليها قرار القاضي الإداري . * مركز بحثي يرصُد التكلفة الاقتصادية لتعريب التعليم بالمغرب * منظمة التعريب تنتقد تعميم منشورات المؤسسات العمومية بالفرنسية ووفق الوردميشي ، ان استخدام اللغة العربية بعد أحد أبرز الشكليات الخاصة بالقرار الاداري ، مشيرا الى ان القرار الإداري لا يستوفي شرط الشكلية إلا بكتابته وفق شكلية معينة والتي نص عليها القانون المتعلق بتبسيط المساطر الإدارية وملحقاته . ولفت المتحدث إلى ان اللغة الأجنبية لا تعد بلغة رسمية للإدارة وإنما عرف تداولته بعد الاستعمار ، مشددا على ان الوثيقة الدستورية نصت على قطيعة في هذا الموضوع عبر التنصيص على رسمية اللغة العربية والأمازيغية . ودعا المتحدث إلى ان اشكالية تعريب المراسلات يستدعي توجيه مذكرات وزارية مشتركة بين مختلف القطاعات الحكومية التي لايزال بعضها يعمد على استخدام اللغة الفرنسية في معاملاتها الإدارية. وخلص المتحدث إلى ان المجهود يجب ان يبدل بشكل حثيث لتأهيل وتحسين استخدام اللغة الامازيغية التي بدورها تعد لغة رسمية للمملكة والتي مازال ورش تعميم استخدامها يعرف تأخيرا رغم الاستخدام الرسمي على مستوى واجهات المؤسسات العمومية .