بعد بلاغ سفارتها بالرباط الذي اعتبرت فيه المغرب شريكاً محورياً، خرجت الخارجية الألمانية ببلاغ جديد يبعث إشارات إيجابية للمغرب، ويمكن أن تسهم في إعادة بناء العلاقات الدبلوماسية المتعثّرة والتي وصلت حدّ القطيعة من الجانب المغربي. ونشرت خارجية ألمانيا بياناً عن العلاقات الثنائية بين ألمانيا والمغرب، أكدت فيه أن المملكة المغربية تعدّ حلقة وصل مهمة بين الشمال والجنوب على الصعيدين السياسي والثقافي والاقتصادي، وأكدت فيه كون المغرب شريك رئيسي للاتحاد الأوروبي وألمانيا في شمال إفريقيا، ومذكّرة بأن البلدين يقيمان علاقات دبلوماسية منذ عام 1956. وأضاف البيان أن المغرب أطلق إصلاحات واسعة النطاق خلال العقد الماضي، وأشار إلى أن هذه الدولة تلعب دورًا مهمًا في الاستقرار والتنمية المستدامة في المنطقة، كما اعتبر أن مخطط الحكم الذاتي يشكل "مساهمة مهمة" للمغرب في تسوية النزاع حول الصحراء. وتأتي التطورات الأخيرة في الموقف الألماني بعد أن باشرت الحكومة الألمانية الجديدة مهامها، والتي تتشكّل من أحزاب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر، حيث عادت حقيبة الخارجية لأنالينا بيربوك عن الخضر. حول ما إن كانت التصريحات الأخيرة تحوّلاً في الموقف الألماني الذي أدى إلى التوتر الدبلوماسي مع الرباط، اعتبر الخبير في العلاقات الدولية، هشام معتضد، أنّ الدبلوماسية المغربية "ستنتظر تحركات ملموسة من طرف الادارة الالمانية الجديدة من أجل الدفع بالعلاقات بين البلدين إلى نوع جديد من التعاون السياسي والاستراتيجي بين البلدين". ورهن معتضد في تصريح لموقع القناة الثانية هذا الانخراط والعودة ب"مدى جدية برلين واستعدادها لعقلنة موقفها اتجاه الرباط وعزمها على تقوية العلاقات من خلال مقاربة احترام السيادة ومسؤولية التعاون الاستراتيجي"، بالإضافة إلى مدى الاستعداد الجدي والمسؤول للحكومة الالمانية الجديدة برئاسة أولاف شولتز في اعطاء روح جديدة للعلاقات بين البلدين. وأفاد المتحدث في تصريحه أنّ تجاوز سوء الفهم الكبير بين الدولة المغربية ونظيرتها الالمانية "مرتبط بجرأة سياسية ودبلوماسية حكيمة ومنفتحة من طرف الادارة الألمانية الجديدة خاصة فيما يخص ملف الصحراء وبروتوكولات التعاون الأمني والاستخباراتي. وأبرز الخبير المغربي أنّ المؤسسات الألمانية وعلى رأسها إدارتها الدبلوماسية مطالبة بمراجعة مواقفها ورؤيتها السياسية تجاه سيادة المغرب باحترام وحدته الترابية ونهجه الدبلوماسي المرتبط بملف الصحراء، وذلك من خلال علاقات ثنائية تشمل احترام سيادة البلدين وتوجهاتهم الاستراتيجية والسياسية. الملف الثاني، والذي يشكل عائقًا وتحديًا أخرًا في العلاقات الدولية بين البلدين، مرتبط، وفق هشام معتضد، ب"احترام سرية تبادل المعلومات الامنية والاستخباراتية"، مشيراً أنّ برلين "أخلت بمسؤوليتها أمام المغرب فيما يتعلق بتسريب معطيات أمنية في إطار لا يحترم البروتوكولات المحددة بين البلدين، مما فاقم حدة التوتر"، خصوصاً وأنّ المغرب منخرط بكل مسؤولية في احترام مسودات التعاون الامني والدبلوماسي المرتبطة بتبادل المعطيات الاستراتيجية.