بكثيرٍ من الحماسِ وقليل من التريُّث تترقَّب الجزائر زيارة رسمية للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بعدما كانت موضوع تأجيلات رسمية سابقة بسبب الوضع الصحي للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، الذي خرجَ لتوِّه من أزمة صحية شابها الكثير من الغموضِ والضباب، إذ ستطمحُ الجارة الشرقية إلى توسيع نطاق شراكاتها مع برلين في وقتٍ تمرُّ البلاد من وضعٍ سياسيٍّ مشُوبٍ بالكثير من الترقب والحذر. ونقلت وسائل إعلام جزائرية أن "الزيارة المرتقبة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى الجزائر ستشكل محطة سياسية غاية في الحساسية، خاصة أن المسؤولة الألمانية سيرافقها وفد اقتصادي يضم أكثر من 80 رجل أعمال لعقد صفقات اقتصادية مع نظرائهم الجزائريين؛ كما أن النظام الجزائري سيحاولُ استمالة الموقف الألماني في قضية الصحراء، خاصة مع تعيين الرئيس الألماني السابق هورست كولر مبعوثا شخصيا للأمين العام للأمم المتحدة لنزاع الصحراء". ويرى مراقبون أن الجزائر ترومُ اغتنام هذه الفرصة بعروض اقتصادية بالنظر إلى التأثير الألماني اللافت في الاتحاد الأوربي، ودفع برلين إلى التأثير على اتفاقية الفلاحة والصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوربي، والتي رفعتها المفوضية الأوربية إلى البرلمان قصد التصويت والمصادقة . كما أن من المرتقب أن تضطلع ألمانيا برئاسة مجلس الأمن اعتبارا من فاتح يناير المقبل، إذ ينتظر أن يتم عرض تقرير مجلس الأمن حول الصحراء، وهو ما يشكل امتحاناً جديدا للدبلوماسية المغربية. ويقول الباحث في الشؤون الإستراتيجية هشام معتضد إن "ملف الصحراء له ثوابت تقليدية في القانون الدولي ورعاية أممية لتدبير النزاع في إطار دبلوماسي متفق عليه، وإشكالية الموقف الجزائري تكمن في عدم الاعتراف سياسيا بكون البلاد طرفا في النزاع وليست مكونا "ملاحظا" فقط". ويوضح الباحث أن "المفارقة بين الحقائق على الأرض والخطابات الدبلوماسية تضعف من الاستمالة التي تنتهجها الجزائر تجاه جل الأطراف المهتمة بقضية الصحراء"، مبرزاً أن "المدرسة الدبلوماسية الألمانية مبنية على ما يصطلح عليه ب"التدبير المتكامل والمتداخل" في بناء قراراتها المتعلقة بالأوضاع الجيوستراتيجية في علاقاتها الدولية". وأكمل المتحدث في تصريح لجريدة هسبريس: "إذا ما تمَّ لقاء بين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة فإن النظام في الجزائر لن يتهاون في انتهاز هذه الفرصة لاستمالة ألمانيا في قضية الصحراء..فرغم المحاولات السابقة فإن النظام في الجزائر سيلعب ورقة الامتيازات الاقتصادية أثناء الزيارة للتأثير على موقف ألمانيا في ما يتعلق بموضوع الصحراء"، وزاد: "الموقف الألماني تجاه ملف الصحراء، في ما يتعلق بالتواصل السياسي، ينبني على دعم الحل السياسي للنزاع تحت رئاسة الأممالمتحدة"، مستدركاً بأن "للدبلوماسية الاقتصادية دور إستراتيجي في التأثير على المواقف السياسية".