في منشور طويل على صفحته على منصة فيسبوك، استعرض البروفيسور عز الدين الإبراهيمي المراحل الخمس التي تميز التعامل مع اللقاحات من طرف الساكنة، حيث ربط بينها وبين السياق الحالي الذي يعرف انتشار جائحة كورونا، ورفض فئات الاستفادة من جرعات اللقاح المضادة للفيروس ببلادنا. وفي بداية منشوره، اعتبر البروفيسور الإبراهيمي، أنه رغم كل هذا اللغط المصاحب للجواز، "لا يجب أن نبخس ما حققته بلادنا لحد الأن، موضحاً أنه وصلنا إلى تلقيح أكثر من 62 في المئة من الساكنة بجرعتين، ومعها عودة تدريجية لحياة شبه طبيعية على أمل رفع الحجر الليلي قريبا، إلى جانب التوفر، على مخزون من اللقاحات المتنوعة، كما ستشرع المملكة قريباً في إنتاج لقاح سنوفارم وسيتم تطوير منصات مغربية لتصنيع الأدوية واللقاحات البيوتكنولوجية مع حلول العام المقبل. وبخصوص الأعراض الجانبية للقاح، اعتبر الإبراهيمي أنه لا يمكن لأحد أن ينكر أن هناك أعراض جانبية لكل الأدوية واللقاحات، غير أنه أشار أنه "لا يجب أن نحجمها ولا المبالغة في عددها ولا في نوعيتها"، مشيراً أنه "يجب تحديدها والاعتناء بأصحابها كما نفعل مع كل الادوية واللقاحات المرخص لها... لا أقل وأكثر وإذا تطلب الأمر نشر عددها كل يوم مع نشرة اللقاحات والاصابات". ماذا يقول العلم عن مراحل التلقيح الجماعي والأعراض الجانبية؟ في جوابه على هذا السؤال، عاد الإبراهيمي إلى بحث نشر سنة 1994(Chen RT et al. Vaccine, 1994: 12(6):542–550) ، مشيراً أن العالم "شين"، وضع الأرضية العلمية للمراحل الخمسة التي تمر منها أي عملية تلقيح جماعي و علاقتها بظهور الأعراض الجانبية... وقد حينت منظمة الصحة العالمية كل هذه المعلومات في هذا الرابط يمكن أن نجد محتواه على موقع منظمة الصحة العالمي: https://vaccine-safety-training.org/vaccine-safety-in...
وأضاف الإبراهيمي، أنه كما يتضح من الرسم البياني فكلما كان التطعيم أكثر فاعلية ضد مرض معين وقل ظهور المرض الذي تم تمنيع الساكنة منه، إلا وبدأ خطر المرض الأصلي يتلاشى من إدراك الجمهور ويبدأ الجمهور العريض في تركيز انتباهه على الأحداث السلبية للقاح. ويؤدي هذا الإدراك المشوه لخطر اللقاحات وإهمال الخطر الصحي الذي يمثله المرض الأصلي إلى انخفاض القبول على اللقاح، وقد يحدد القبول على عملية التلقيح الجماعي، حسب الخبير الصحي، بخمسة مراحل كما يبينه الرسم البياني رفقته الذي يمثل المراحل الخمس لتتبع سلامة اللقاحات في برنامج للتمنيع الجماعي، وهي كالآتي: المرحلة الأولى وهي مرحلة "ما قبل اللقاح" والتي تسبق إدخال اللقاح أو تطويره، بارتفاع معدلات الاعتلال والوفيات الناجمة عن الأمراض المعدية التي يمكن الوقاية. ومن الواضح، وبما أن اللقاحات لا تكون موجودة ولا مستعملة، فليس هناك أي آثار سلبية لها حتى الآن. وتتميز هذه المرحلة بالمطالبة باللقاح والسؤال "أين اللقاح" التي عرفناها... المرحلة الثانية والتي يتم فيها اعتماد التغطية التلقيحية تنقص مضاعفات المرض ولكن تبدأ ظهور الأعراض الجانبية المرتقبة. وعامة تعرف هذه المرحلة بما سميناه آنذاك ب"الهبة التلقيحية"... ومن المفارقات، أنه عندما تكون فوائد اللقاح أكثر وضوحًا وتكون تغطية اللقاح هي الأعلى، فمن المرجح أن تزداد مخاوف سلامة اللقاح بين عامة الناس... المرحلة الثالثة وهي مرحلة فقدان الثقة والتي نعيشها اليوم... يؤدي التركيز المتزايد على الآثار الجانبية بعد التطعيم، والذي غالبًا ما يتم تكثيفه من خلال التغطية بوسائل التواصل الاجتماعي لتقارير حالات المضاعفات الجانبية الحقيقية أو المشتبه فيها والمتزامنة مع التلقيح... ويؤدي ذلك إلى فقدان الثقة في اللقاح من قبل الجمهور وانخفاض تغطية التطعيم... مما قد يؤدي إلى عودة ظهور المرض إلى مستوى أعلى أو موجة جديدة من الوباء... المرحلة الرابعة، ما يحدث غالبا في مرحلة "استرجاع الثقة" هو عودة ظهور المرض أو توفر جيل جديد من اللقاحات... مما يؤدي إلى تجديد قبول الجمهور للتطعيم ضد المرض وازدياد مستويات التطعيم والعودة إلى المستويات المنخفضة السابقة للمرض... - أما في المرحلة الخامسة و لضمان عدم تكرار الدورة المعروضة في الرسم البياني، يجب التواصل السلس و المناسب لكسب ثقة العموم مرة أخرى و الحفاظ عليها... و من أجل ضمان استمرار القبول العام للقاحات يجب مراقبة حدوث الآثار الضارة بعد التطعيم و تقييم الارتباطات المحتملة علميًا و الاستجابة للمخاطر التي تم تحديدها حديثًا من اللقاحات و التواصل الفعال بشأن الفوائد والمخاطر للمرضى وأولياء الأمور... و ذلك من خلال مصدر رعاية صحية موثوق به و استهداف الفئات المترددة و الرافضة باستعمال وسائل التواصل المستعملة من طرف هؤلاء... و هذا ما قمنا به خلال الأسبوع المنصرم." وفي ختام منشوره، حذّر الإبراهيمي مما اعتبره الانزلاقات اللفظية، مشيراً: "ليس هناك قطيع ولا أقلية... نحن لسنا لا أغلبية ولا أنتم قلة... نحن مغاربة بملقحينا وغير ملقحينا نلتمس الخروج من هذا النفق الدامس للكوفيد... نحن كمواطنين سواسية ولا تفرقنا إلا وضعيتنا التلقيحية... ولكن مقاربتنا الوطنية الدامجة والراعية للكل، ستحمينا كما فعلت طيلة عشرين شهر وفي كثير من أوقاتها كنا ملقحين أو غير ملقحين .... وسنعمل على استرجاع ثقتكم."