في ثاني قرار لها متعلق بتدبير جائحة كورونا، بعد تخفيف التدابير الاحترازية بداية الشهر الجاري، قررت حكومة عزيز أخنوش اعتماد "جواز التلقيح" وثيقة رسمية من أجل التنقل بين المدن والأقاليم والدخول إلى الأماكن العامة، وذلك ابتداء من يوم الخميس 21 أكتوبر الجاري. وبررت الحكومة إقرار هذه الخطوة برغبتها في "تعزيز التطور الإيجابي الذي تعرفه الحملة الوطنية للتلقيح، وأخذا بعين الاعتبار التراجع التدريجي في منحى الإصابة بفيروس كورونا"، مشيرة إلى أن القرار سيشمل السماح للأشخاص بالتنقل عبر وسائل النقل الخاصة أو العمومية داخل التراب الوطني، وخارج المملكة، بالإضافة إلى اشتراطه أمام الموظفين والمستخدمين من أجل ولوج الإدارات العمومية وشبه العمومية والخاصة، وكذلك للدخول إلى المؤسسات السياحية. حول هذا الموضوع، حاور موقع القناة الثانية علي لطفي، رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة. نص الحوار، ما هي قراءتك لخطوة فرض إلزامية التلقيح بشكل عام؟ اضطرت عدة دول إلى إصدار قوانين وقرارات ملزمة للمواطنين للتلقيح ضد كوفيد -19 وإجبارية التوفر على جواز التلقيح والتطعيم لولوج فضاءات عمومية مثل المقاهي والمطاعم والتنقل. وبعض هذه القوانين اقتصر في البداية على فئة معينة من السكان كالأطباء والممرضين والعاملين بقطاع الصحة، كما فرضت تدابير وقيود بما فيها المنع من مزاولة أي نشاط فيه اتصال مباشر مع المواطنين كقطاع الصحة، وفرضت عقوبات على المخالفين. وبالمقابل، هناك دول فرضت مجموعة من القيود دون أن ترقى إلى الزامية التلقيح. وفي هذا السياق، ظهرت عدة حركات اجتماعية مناهضة ورافضة لإلزامية التلقيح وخرجت مظاهرات واحتجاجات في أوروبا واستراليا وأمريكا جيث تعتبر إلزامية التلقيح والتطعيم تقييدا للحريات المدنية. المغرب قرر مؤخرا اعتماد "جواز التلقيح" للتنقل ودخول الأماكن العامة، ما تعليقك على هذا القرار؟ كان قرارا يلوح في الأفق لا سيما وأن السلطات لجأت منذ مدة لفرض عدة تدابير وإجراءات احترازية في إطار قانون الطوارى الصحية، ومنها ضرورة التوفر على جواز التلقيح للتنقل بين المدن منذ مطلع هذا الشهر، وهي إحدى الإشارات التي لمحت للتوجه نحو إجبارية تقديم جواز أو شهادة التلقيح لولوج الأماكن العمومية. كما بدأت السلطات المحلية في بعض المناطق باشتراط جواز التلقيح لتسليم وثائق إدارية للطلبة من قبيل الولوج إلى الإقامة بالأحياء الجامعية، إلى جانب أنه يجب عدم إغفال أن الاتحاد العام لمقاولات المغرب سبق له مطالبة الحكومة باصدار قانون يجيز لأرباب المقاولات بمنع العمال الذين لا يتوفرون على جواز التلقيح من ولوج الشركة أو المقاولة، كما بدأ الحديث عن جواز التلقيح بالنسبة للتلاميذ من 11 إلى 17 سنة من أجل ولوج القسم وذلك لحمل الأباء على تلقيح أبنائهم. ما هي دوافع اتخاذ هذا القرار؟ الملاحظ أن السلطات بدأت بالتوصل بتقارير تفيد تزايد عدد المواطنين الذين يعزفون عن الحصول على جرعات اللقاح، وخاصة في أوساط الشباب، الذين لم يتلقوا الجرعة الاولى بعد، إلى جانب تخلف مواطنين آخرين عن الحصول على الجرعة الثانية والجرعة المعززة أو الثالثة، وهو ما دفع السلطات المحلية إلى اتخاذ مثل هذه القرارات لحمل المواطنين والمواطنات من الفئات المستهدفة للحصول على اللقاح. لكن تبقى هذه الاجراءات والتدابير غير مقننة أو ملزمة بنص قانوني وهو ما فتح نقاشا حول مشروعية قرار الإلزامية وإجبارية التلقيح، وطرح بالتالي إشكالية معقدة تتراوح بين الضرورة الطبية والحرية الشخصية، وهي مسألة قانونية معقدة بارتباطها بحقوق الانسان من جهة، وحقوق المجتمع من جهة ثانية. ما رأيك في هذا التوجه باعتبارك من المدافعين عن الحق في الصحة؟ في اعتقادي المتواضع، بصفتي مدافعا عن الحق في الصحة والحق في الحياة، أرى أن الأمن الصحي للمجتمع يكتسي أهمية كبرى، وحق الانسان في الصحة وسلامته الجسدية هي أولى على حرية الفرد الشخصية رغم مكانتها الدستورية والديمقراطية. وبالحديث عن القانون، جرى إصدار سنة 1958 قانون دولي يمنع فرض أي تلقيح أو دواء من دون الاستشارة الطبية، وهي قاعدة يتم احترامها في المغرب حيث لا يتم تلقيح المواطنين إلا بعد مرورهم أمام طبيب يقرر تلقيحهم من عدمه وفقا لحالتهم الصحية، كما أن جعل اللقاح مجانيا نابع من الرغبة في حماية المجتمع وتحقيق المناعة الجماعية. ورجوعا إلى اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، فقد تبث أن مضاعفاتها الجانبية نادرة جدا وتقل بكثير عن الفوائد، حسب تقارير منظمة الصحة العالمية وجل المؤسسات الصحية والدوائية حول العالم، والدليل على ذلك تراجع حدة انتشار الفيروس وسلالاته المتحورة بعد عملية التلقيح. وفي النهاية، تظل مقاربة الإقناع والتحسيس بأهمية التطعيم ضد فيروس كورونا لتفادي انتشاره والحد من تداعياته الخطيرة والمدمرة، وذلك من طرف متخصصين، وعبر وسائل الاعلام والتواصل، من أجل محاربة التشكيك والترويج للمغالطات أفضل بكثير من فرضه بقوة القانون.