صنع المنتخب المغربي للمكفوفين لكرة القدم "سيسي فوت" اليوم السبت أفراح المغاربة بعد نيله للميدالية البرونزية في الألعاب البارالمبية التي تحتضنها العاصمة اليابانية طوكيو، حيث أضحى أول منتخب مغربي جماعي يتمكن من الصعود للبوديوم سواء في الألعاب الأولمبية أو البارالمبية. سنيسلة ورفاقه سرقوا الأضواء خلال هذه المشاركة وكانت متابعة المغاربة لهم كبيرة، خاصة وأن مستوياتهم كانت ترتفع مباراة تلو الأخرى حتى أنهم كانوا قريبين من الإطاحة بالمنتخب البرازيلي المتمرس في دور نصف النهائي.
مراسيم تتويج المنتخب المغربي بالميدالية البرونزية
كيف صنع الأبطال المغاربة قصة البرونزية؟ التقرير الآتي يقدم لنا الإجابة:
تجارب سابقة وتحضيرات رمت ببذور "ثمرة طوكيو" لم تكن بارالمبياد طوكيو 2020 المرة الأولى التي يظهر فيها المنتخب المغربي في محفل دولي، إذ سبق أن شارك في النسخة البارالمبية السابقة وفي نسخ عديدة لبطولة العالم بعد فرضه سيطرته على القارة السمراء لسنوات عديدة. مدرب المنتخب، إدريس المنتقي، قال لموقع القناة الثانية في هذا السياق: "رغم سيطرتنا الإفريقية إلا أن مشاركاتنا الدولية الأولى شهدت احتلالنا مراكز متأخرة بسبب فارق المستوى، قبل أن نعمل على تطوير المنتخب تدريجيا إلى أن نجحنا في بلوغ ربع نهائي بطولة العالم بإسبانيا 2018 ثم اليوم ها نحن نتوج ببرونزية طوكيو."
من جانبه، أكد نجم المنتخب الوطني، عبد الرزاق حطاب، للموقع أن إنجاز طوكيو يأتي بعد تضحية العديد من الأفراد. "كل المدربين الذين تواجدوا معنا قدموا تضحيات كبيرة، كذلك اللاعبون، لقد مرت أجيال وقدمت أجيال أخرى. لم نصل لهذه المرحلة بسهولة." يضيف حطاب. تراكم التجربة لدى اللاعبين الذي استفاد منه المنتخب المغربي خلال تظاهرة طوكيو انضافت إليه التحضيرات المكثفة التي قام بها خلال الأشهر الستة الماضية بالمغرب، ليظهر "أسود سيسي فوت" في العاصمة اليابانية جاهزين بدنيا وذهنيا لتجاوز كافة الخصوم.
بين الخبرة وطموح العناصر الشابة.. مزيج أعطى المنتخب المغربي تنوعا في الأسلحة كان المنتخب المغربي طيلة السنوات الماضية يعول بشكل كبير على نجمه الهداف عبد الرزاق حطابو، قبل أن تنزل الصدمة كقطعة ثلج باردة على البعثة المغربية حيث تمزقت أربطة كاحل المهاجم أياما قليلة قبل انطلاق البطولة. صدمة لن يشعر المتابعون المغاربة وخصوم المنتخب بأثرها الكبير نتيجة تواجد عناصر ذات خبرة كبيرة من قبيل الحارس سمير بارة وأخرى شابة قادرة على تقمص ثوب الهداف في شخص زهير سنيسلة.
زهير سنيسلة المتوج بلقب هداف بارالمبياد طوكيو 2020 ب8 أهداف حطاب قال لموقع القناة الثانية في هذا السياق: "لقد كان إحساسا صعبا أن أتابع زملائي دون أن أتمكن من تقديم يد العون، لكنهم كانوا رجالا حقا، لقد ردوا على كافة المشككين وأثبتوا أنهم منتخب قوي يستحق الاحترام والتقدير." حبيب باجا، كان من بين العناصر الشابة التي تخوض الحلم البارالمبي لأول مرة، عجز عن التعبير عن فرحته خلال حديثه مع الموقع، حيث قال: "إنها أول ألعاب بارالمبية أخوضها شخصيا. أنا سعيد جدا، لا يمكن وصف الشعور الذي أحس به حاليا."
سمير بارة.. حارس مرمى بدور "الواصف" تسمح قوانين "سيسي فوت" بالاعتماد على حراس مرمى لا يعانون من مشاكل على مستوى بصرهم، هذا يلقي على الشاغل لهذا المركز مسؤولية ثقيلة حيث يصبح ملزما بتوجيه زملائه على أرضية الميدان. سمير بارة كان هو حارس المنتخب المغربي طيلة البطولة وسعادته هو الآخر كانت كبيرة جدا بالتتويج البارالمبي. "لا أظن أنني سأشعر بإحساس شبيه بالذي عشته اليوم. أن ترفع راية بلدك في محفل دولي إنجاز يذيقك فعلا طعم الفخر." بارة في تصريح للموقع. وبخصوص الدور الحاسم الذي لعبه طيلة البطولة، قال بارة: "أن تقوم بمهمة الوصف للاعبين المكفوفين أمر جد صعب ويحتاج منك أن تكتسب ثقتهم أولا خارج الميدان خلال تعاملك اليومي معهم. يجب أن تستمع لهم جيدا خارج الملعب لكي يستمعوا لك داخله. يجب أن أشير أيضا أنني لا ألعب دور الآمر داخل الميدان بل أنا أقوم فقط بوصف ما يجري في الميدان للاعبين على أن يقوموا هم باتخاذ القرارات التي يشعرون أنها الأنسب."
سمير بارة حارس المنتخب المغربي سيسي فوت
الإقصاء أمام البرازيل.. "غصة" في حلق الأبطال المغاربة أكد مدرب المنتخب المغربي، ادريس منتقي، أن الطموح الذي حدد قبل خوض المنافسات كان هو بلوغ دور نصف النهائي، إلا أن مجريات المباراة أمام المنتخب البرازيلي جعلت اللاعبين يثقون في قدرتهم على التأهل للمباراة النهائية، قبل أن يدخل شباك سميرة بارة هدف من نيران صديقة وُقِّعَ بقدم العميد عماد بيركة. هدف أثر بشكل كبير على عميد المنتخب المغربي الذي حاول كل طرف من جانبه أن يرفع معنوياته قبل موقعة الصين في مباراة تحديد الفائز بالبرونزية.
مدرب المنتخب يحاول تهدئة بيركة بعد نهاية مباراة البرازيل يقول بارة في هذا السياق: "لم يتوقف عماد عن البكاء بعد الإقصاء، لم يتقبل طريقة الخسارة ورفض أن يتناول وجبة العشاء. كانت تصله الرسائل من المتابعين في كل لحظة، وفي كل مرة كان يطلع عليها كان ذلك يزيد من حسرته على الهدف الذي سجل ضد مرماه. لقد حاولنا جاهدين الرفع من معنوياته قبل موعد الصين." من جانبه، قال مدرب المنتخب المغربي: "لقد كانت حقا هزيمة قاسية، لكنني ذكرت اللاعبين بأن لقاء هاما ينتظرنا أمام الصين من أجل حسم البرونزية. اللقاء أمام الصين كان مهما فنيل البرونزية يعني ضمان اللاعبين نيل مكافأة مالية كبيرة ستبقى قادرة على حل مجموعة من مشاكلهم المالية."
تألق يستدعي تسوية الوضعية الاجتماعية والمالية للاعبين والطاقم المرافق وعدت وزارة الثقافة والشباب والرياضة الأبطال البارالمبيين بالحصول على مكافآت مالية مهمة نظير تألقها في بارالمبياد طوكيو 2020؛ 75 مليون سنتيم في حالة منتخب "سيسي فوت" الذي نال الميدالية البرونزية. مكافأة ينتظر أن تحل مشاكل مالية يعيشها جل لاعبي المنتخب المغربي، إلا أن التخوف هو التأخر في تسديدها بعد السيناريو الذي رافق بعض مكافآت ميداليات المشاركات الدولية السابقة. في نفس الوقت، تطالب الأطقم المرافقة للأبطال بإدراجها في سجل المكافآت، حيث قال مدرب المنتخب المغربي ل"سيسي فوت" لموقع القناة الثانية: "الوعود بالمنح تخص اللاعبين فقط، فيما لا حديث عن المدربين والمرافقين. صحيح أننا دخلنا المجال بنية تطوعية لكن نحتاج أيضا بعض الدعم لمواصلة المشوار والتطور باستمرار."
* "أخيرا تحققت المساواة".. البارالمبيون المغاربة سعداء جدا بالكشف عن قيمة منح ألعاب طوكيو 2020