تعيش الملاعب المغربية منذ مارس 2020 على وقع الفراغ الرهيب، وباء كورونا لم يستثن المدرجات من سطوته، وفرض عليها ويكلو طبيعي حتى إشعار آخر، فبعد أن كان الجمهور هو اللاعب رقم 1 داخل البطولة الاحترافية، والمستشهر الأول والدائم، أصبح خلف الشاشة، ولسان حاله يقول متى العودة؟ متى ينتهي المنفى الإجباري؟ فراغ الملاعب من الجماهير لم يؤثر فقط على المستوى العام للفرجة، بل وصل للأندية وماليتها حسب المدخول والشعبية، ففريق مثل الرجاء مثلا استفاد من مليارين و210 ملايين عبارة عن مداخيل المقابلات، خلال عام ما قبل الوباء حسب تقريره المالي الذي يعود لأكتوبر 2019، وأندية مثل الوداد الرياضي واتحاد طنجة، والجيش الملكي والمغرب الفاسي، وحسنية أكادير، والمغرب التطواني، وغيرها من أنديتنا الوطنية، كلها تتنفس من مداخيل مقابلاتها، وغياب المداخيل يؤثر ولو جزئيا.
موقع القناة الثانية يعود بكم إلى ما قبل وباء كورونا للتفصيل أكثر في المداخيل لإظهار حجم الأزمة.
* المداخيل المتعلقة بالمباريات: تنقسم مداخيل الأندية في الغالب إلى مداخيل متعلقة ببطائق الاشتراك السنوية، والتي تتراوح بين 300 إلى 1500درهم، حسب النادي وفئة البطاقة، ويعد نادي الرجاء الرياضي أكثر الفرق بيعا لبطائق الاشتراك في فترة ما قبل الوباء ب 20 ألف بطاقة، بالإضافة لتذاكر المقابلات والتي يمكن الرفع من ثمنها في المقابلات الكبيرة، ثم اللوحات الاشهارية والتي يتم كرائها للموسم أو للمقابلة الواحدة، ففريق مثل الوداد على سبيل المثال حسب معطيات دقيقة حصلنا عليها، يبيع لوحة إشهارية واحدة فقط للموسم الواحد ب 16,5 مليون سنتيم، حيث يتم عرضها دقيقة واحدة خلال كل مقابلة، وتصل قيمة عرض 6 دقائق في المقابلة لدى نفس النادي ل 34،5 مليون سنتيم للموسم كاملا، بالإضافة للوحات متعلقة بالمباريات الكبيرة، والتي يتم كرائها بأثمنة مرتفعة، لمباراة واحدة.
* الملاعب البلدية ضمان لاستمرارية طبقة الأندية المتوسطة: تتميز الملاعب البلدية بالمغرب بقيمة كرائها الرمزية، وهو ما خلق نوعا من التوازن في فترة ما قبل كورونا، فقيمة كراء ملعب طنجة التابع لشركة صونارجيس على سبيل المثال يمكن أن يتجاوز 8 ملايين سنتيم، في حين أن بعض الأندية التي لا تتجاوز 2000 متفرج كمعدل عام، تستفيد من الملاعب البلدية، وهو ما أدى لضمان التوازن داخل البطولة الاحترافية قبل فترة الوباء.
ما بعد مارس 2020، أندية تحت التنفس الاصطناعي:
عاشت الأندية المغربية خلال فترة ما بعد كورونا أزمات على مختلف الأصعدة، فكثير من الأندية اضطرت لإرجاع جزء من ثمن الانخراط في مدارس كرة القدم التابعة لها لأولياء الأمور، فيما فرق أخرى كالرجاء مثلا تعيش أزمة خانقة على مستوى المديونية، فغرفة النزاعات مليئة بالملفات التي يعتبر الرجاء طرفا فيها، والتي كان الفريق يعول على جماهيره ومدخول المقابلات لحلها، ليجد نفسه أمام مبالغ فلكية، من يوسف القديوي(920 مليون سنتيم)، لمحمد فاخر(500مليون سنتيم) والقائمة تطول، دون الدخول في انتظارات لاعبيه الحاليين، مديونية ومنح توقيع يحتاج معها الفريق الأخضر لملايير السنتيمات لحلها، وحتى منحة الفوز بكأس محمد السادس (أكثر من 6 ملايير سنتيم) أصبحت تبتعد كلما ابتعد موعد النهائي.
* طنجة والسكتة القلبية: الأزمة امتدت لاتحاد طنجة، والذي كاد يصاب بالسكتة القلبية، بفعل عدم تسلم لاعبيه لرواتبهم لمدة 5 أشهر، قبل أن تبدأ فعاليات الفريق الطنجاوي بالتحرك، حيث أكد لنا مصدر مسؤول داخل اتحاد طنجة أن الفريق قام بأداء رواتب 5 أشهر السابقة، غير أنه أضاف أن الفريق لن يخرج من دوامة الأزمة إلا في حالة عودة الجماهير، لكون اتحاد طنجة فريق مستشهره الأول هو جمهوره، وبفضله عاد الفريق للقسم الأول، ولعب قبل ذلك مقابلات القسم الوطني الثاني بمعدل 32 ألف مشجع في كل مقابلة حسب تصريح نفس المسؤول.
* أزمة المهن الهشة: توفر مقابلات البطولة الإحترافية لفئة من المغاربة فرصة القيام بمهن أسبوعية، من حراسة السيارات، لبيع المأكولات بجنبات الملاعب، لباعة التذاكر المعتمدين، وصولا للمتعاونين المعتمدين من طرف الأندية، كلها مهن كانت تنشط مع حضور الجماهير، ثم اختفت في لحظة، فخلال حديثنا مع (أ.د) حارس سيارات بالمركب الرياضي الأمير مولاي عبد الله، أكد لنا أن مقابلات البطولة كانت هي المعيل الوحيد لأسرته، ففي مقابلات الجيش الملكي تصل أرباحه ل 1200درهم للمقابلة الواحدة، فيما تصل في مقابلات دوري أبطال أفريقيا التي كان يلعبها الوداد بالرباط إلى 4000 درهم للمقابلة الواحدة.
ندخل اليوم وبشكل رسمي في السنة الثانية من ''ويكلو الطبيعة'' بين انتظار الأندية للقاح المدخول الجماهيري الذي سينعش جسمها من جديد، وشوق الجماهير لصلة الرحم مع المدرجات، قصص تختلف وأزمات تتنوع، في انتظار غد أفضل..