تحدث عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، خلال لقائه مع القيادات الشبابية المشاركين في الملتقى الوطني للكتاب المجاليين لشبيبة العدالة والتنمية، عن "البنعلة"، وأراد به "أولئك الذين يريدون إعادة النموذج التونسي لبن علي على أرض المغرب، مستعملين كل الوسائل غير النظيفة ويسعون للتحكم وتدبير الشأن العام بطريقة يغيب عنها منطق مصلحة الوطن أولا وأخيراً". نعرف أن الأمن هو أمن البلد وليس أمنا لأي شيء آخر، ونعرف أن بنكيران باعتباره رئيسا للحكومة هو من يعين في المناصب الأمنية، وقال إنه لا يعرف بوشعيب أرميل ولكن اقترحه عليه وزير الداخلية، الذي يثق فيه وكان امحند العنصر آنذاك هو الذي يقود وزارة الداخلية. لا يهم من يعين في المناصب ولكن يهم المبدأ. فهل بنكيران مع الأمن أم أنه يرى أن هناك مؤامرة أمنية ضده؟ لدى أولاد العدالة والتنمية عقدة من النموذج التونسي، سلبا وإيجابا، فهم ضد نظام بنعلي لأنه سحق الإخوان بعدما تآمر معهم ضد اليسار والقوميين، وهم مع النموذج الجديد ومع المجلس التأسيسي ظنا منهم أن حركة النهضة ستحكم تونس أبد الآبدين. لكن لا نعرف لماذا هذه المقارنة البئيسة؟ وما هي خلفياتها؟ وإذا كان لدى بنكيران معطيات لا يعرفها الآخرون فلماذا يخفيها؟ أم أن الأمر مجرد مزايدات واستعداد للسقوط المدوي حتى يلصق فشله الدريع في تدبير الشأن العام على جهات خفية. لقد طور بنكيران من قاموسه وجدده وفق الظرفية، وترجم التماسيح والعفاريت لتصبح "البنعلة". فكل مصطلح يؤدي دورا في زمان ما. لكن أبناء العدالة والتنمية لا يستحيون، عندما يتحدثون عن نموذج بنعلي. فهم عاشوا في دلال لم يعشه أي فصيل من الإخوان المسلمين في العالم العربي، ففي الوقت الذي كان الجنيرال بنعلي "يصفي حريرتهم" ويمحيهم من على وجه البسيطة، كان الراحل إدريس البصري يحتضن مجموعة بنكيران ويؤهلهم للاندماج وممارسة الحياة السياسية الطبيعية. عندما كان الإخوان في السجون كان بنكيران ومن معه يتلمسون طريق البرلمان ويحصلون على الامتيازات، التي تحققها السياسة. فبنعلي كان يمارس سياسة التوازن. وليست لدى بنكيران الجرأة ليقول إن حركة النهضة الإسلامية تواطأت حينا من الظهر مع النظام البوليسي قصد ضرب التيار القومي اليساري بدعوى أنه ينشر الأفكار الإلحادية، ولم يتخلص منهم بنعلي إلا لما استشعر أنهم يريدون أن يطيحوا به. إذن حديث بنكيران عن البنعلة هو محاولة لتطوير قاموسه الغريب، الذي يستعمله من أجل التخلص من تبعات الفشل في تدبير الشأن العام. ولا يستعمل بنكيران مثل هذه المصطلحات إلا لما يشعر بأن الشعب لم يعد يثق في خطابه ووعوده، فيطلق هذه السلسلة من المصطلحات للتغطية على بؤس تدبير الحكومة بل إنه أصبح اليوم يخاف حتى من رفاقه لكن أكثروا المديح في عبد الله باها ونسوا الرئيس المؤسس.