يبدو أن عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية وزعيم التوحيد والإصلاح، لا يستسيغ الاحتفال برأس العام، لأنه يخلط بينه وبين احتفالات أعياد ميلاد المسيح عليه السلام، لأن الوهابية التي ينتمي إليها عقديا وفقهيا تحرم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف فبالأحرى الاحتفال بميلاد نبي الله عيسى عليه الصلاة والسلام. ونفترض أن بنكيران بهذه الخلفية، التي قد لا تكون حاضرة فعلا، ينتقم من المغاربة الذين يحتفلون في عمومهم برأس العام (البوناني بتفخيم الباء وترقيقها عند الآباء) ويحتفلون أيضا بالمولد النبوي الشريف، بل إنه لا يوجد عند المسلمين من هو أكثر من المغاربة في تعظيم عيد المولد، ولم يطلقوا عليه بتاتا ذكرى المولد بل هو عيد من أعياد المسلمين. وطريقته في الانتقام هو أنه استقبل رأس العام بهدايا يقطر منها السم. هدايا مليئة بالحيل الخطيرة، حيث خفض من سعر البنزين والغازوال، لكن رفع من سعر أشياء كثيرة بطرق ملتوية. أمس الخميس شرعت الشركة الوطنية للطرق السيارة في اعتماد تعريفة جديدة ترفع بموجبها أثمنة عبور السيارات والشاحنات. يعني الدرهم الذي توفره هنا تخسره هناك. الشركة بررت ذلك باعتماد قانون المالية لسنة 2015 ضرائب جديدة رفعت القيمة المضافة إلى 20 في المائة طبعا سيؤديها المواطن العابر لهذه الطريق. أمس أيضا شرعت الشركة المكلفة بتوزيع السجائر في البيع بأثمنة جديدة، في كل أنواع السجائر. قد يقول بنكيران إن الأمر جيد حتى لا يدخن الناس كثيرا، لكنه غلط، فالعالم اكتشف أن رفع ثمن التبغ لا ينقص من استهلاكه، بل سيكون على حساب استهلاك مواد أخرى أساسية. بهذه الطريقة وزع بنكيران هداياه المسمومة على المواطنين وبالعدل والتساوي، حيث لن يبقى لا كبير ولا صغير في هذا البلد إلا وصلته نار الزيادات، وأخذ حقه كاملا مكمولا دون نقصان. زيادات في ثمن عبور الحافلات والشاحنات والسيارات بمناسبة رأس العام، ليست سوى واحدة من العديد من الإجراءات السيئة التي اتخذها بنكيران ليوازن عدم قدرته على سد الثقوب في الميزانية. وهذا ما حذرنا منه في أوقات سابقة حيث قلنا إن بنكيران يحسب الموازنة عن طريق الخشيبات، وهي طريقة كارثية. يعني أن بنكيران لما "يحصل" يعود إلى جيوب المواطنين، التي تحولت اليوم إلى ملك له، يدخل يده ليأخذ منها ما شاء ومتى شاء وكيف شاء بطريقة تسلطية خطيرة وماكرة. لقد أضاف بنكيران عبئا آخر يتمثل في اقتطاعات تخص صندوق فقدان الشغل. كان عليه حقيقة أن يوفر الشغل بدل هذه المهزلة. اقتطاعات متواصلة ولما يفقد شخص ما شغله تؤدي له الحكومة ألف درهم لمدة ستة أشهر. أليست هذه مهزلة بحق؟ هل هذا تعويض أم واجب عزاء؟ إذن بنكيران لم يترك رأس العام يمر بخير، وها هو ينكد علينا الاحتفال الذي يعتبره بدعة.