تتزامن هذا العام ذكرى المولد النبوي الشريف لدى المسلمين التي ستحل بالمغرب يوم الاحد المقبل 12 من شهر ريبع الأول 1436ه، مع أعياد الميلاد و احتفالات رأس السنة عند المسحيين ، حيث أن 3 أيام فقط تفصل بين المناسبتين. و لأن الاحتفال برأس السنة أصبح عادة منذ سنوات وسط شريحة كبيرة من المغاربة كل حسب قدرته المادية، ستعرف الليلة تحطيم أرقام قياسية في استهلاك الكحول لدى الشباب و اكتظاظ في العلب الليلية أمام موائد الخمور و الرقص و نفاذ قطع الحلويات من المخابز والمعجنات من أجل الاحتفال بمناسبة هي في الاصل مسيحية، الغريب في الامر أن أغلب هؤلاء سيحتفل ايضا يوم الاحد المقبل بذكرى المولد النبوي في صورة صارخة عن مشهد الاعتناق والنفاق في أمتنا.
فهل أصبح الهدف هو التقليد و الاحتفال بالاكل و الشرب و الرقص دون الاكتراث لمعنى هذه الاعياد و الهدف من الاحتفال بها، و حتى اذا كانت أجيال كثيرة نشأت منذ الصغر على هذه العادة ، أظن أنه ليس من المنطقي لبشر سوي العقل أن يحتفل في ظرف 3 أيام بمناسبة اسلامية و أخرى مسيحية ! ..
المشكل أن التناقض يطال ايضا طريقة الاحتفال بذكرى المولد النبوي فالاغلب ترسخ فيه باله أن الامر يتعلق فقط بطقوس كاعداد أكلات معينة و حفلات دينية في المساجد لمدح أخلاق الرسول (ص) الذي نحن بعيدون كل البعد عن سنته ، بينما الاحتفال الحقيقي هو استعادة الذكرى العطرة التى تذكرنا بأخلاق النبى الكريمة وكيفية تعامله بالرحمة مع الناس ومع كل الخلائق الأخرى ..
ماشي حنا أمة راجعة الى اللو بطريقة خطيرة على المستوى الاخلاقي و في شتى المجالات و رغم ذلك أصبح همنا الوحيد هو الاحتفال و اتباع الاخرين و لا يسبق تصرفاتنا أي تفكير، فلا غرابة اذن ان قالوا أن أكثر مصائب الأمم الفاشلة تنتج من التقليد دون إعمال العقل .