يحاول عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة لكن بصفته أمينا عاما لحزب العدالة والتنمية، خلط الأوراق بخصوص الانتخابات الجماعية، ويحاول الترويج عبر مجموعة الطبالجية لكونه انتزع ورقة الانتخابات من وزير الداخلية محمد حصاد. وهذا أمر مضحك وهو من قبيل كثرة الهم تضحك. هل محمد حصاد وزير في جزيرة الواق واق؟ أليس وزارة الداخلية جزء لا يتجزأ من الحكومة التي يترأسها بنكيران؟ أليس حزب العدالة والتنمية هو الذي يقود الأغلبية الحكومية؟ وهل هناك فرق بين إشراف الداخلية وإشراف رئاسة الحكومة؟ فرئيس الحكومة يريد خلط الأوراق، وربما يستعد للهروب من أية هزيمة أو لا يريد تحمل مسؤوليته في الانتخابات الجماعية المقبلة. فإشراف الداخلية على الانتخابات هو نفسه إشراف الحكومة على الانتخابات. ففي جميع ديمقراطيات العالم، هناك جهة واحدة تشرف على الانتخابات. ولما نتحدث عن الإشراف على الانتخابات فإننا نميز بين أمرين. فهناك الإشراف على الصناديق وعلى ضمان منافسة شريفة في استقطاب الأصوات، وهذه يمكن أن تُمنح لأية جهة سواء كانت وزارة متفقا عليها أو جهة قضائية محلفة. لكن الإشراف الذي نتحدث عنه، هو الإشراف الذي يقع في كل بقاع العالم وفي كل ديمقراطيات الدنيا. حيث تتولى الحكومة الإشراف على الانتخابات. فهي التي تعد القوانين الانتخابية، وهي عملية تتم بطريقة تشاركية يرفضها بنكيران، ويغطي عليها بماكياج اللقاءات التشاورية مع الأحزاب السياسية. والحكومة هي التي تنجز التقطيع الانتخابي وفق تصور تقني يراعي العديد من المعايير، وهي التي تتلقى الترشيحات وهي التي تمنع البعض من الترشيح نظرا لوجود موانع قانونية، وهي وحدها عن طريق مصالح الداخلية القادرة على منع تسرب أي مشبوه للعملية الانتخابية. فالحكومة هي صاحبة الإشراف على الانتخابات بتوافق مع الأحزاب المشاركة في العملية الانتخابية أو على الأقل الممثلة في البرلمان، وهذا يحدث في الجارة الإسبانية. فمع دستور 2011 دخلنا مرحلة جديدة، مع ما يستلزم من قوانين جديدة، لكن بعد الانتهاء من المرحلة التوافقية، لابد من وجود جهة داخل الحكومة يحق لها الإشراف على الانتخابات. فإبقاء وزارة الداخلية خارج التنافس الحزبي، هو الذي يمنحها هذا الثقل والوزن الكبير للإشراف على الانتخابات، من خلال آلياتها وأدواتها التي راكمتها ومن خلال خبرة أطرها، التي ليست لها مصلحة سياسية. فالداخلية بطبيعتها تم الاحتفاظ بها كوزارة محايدة، بحكم أنها بعيدة عن التنافس الحزبي، فحتى لو كانت لدى الوزير ميول وتعاطفات مع جهة سياسية، فإن أطر الوزارة يبقون مستقلين، وخصوصا الباشوات والقياد الذين يحرمهم القانون من الانتماء السياسي والجمعوي باعتبارهم ضباطا احتياطيين، وبالتالي فإن الإدارة الترابية مستقلة ومحايدة رغم انتمائها للجسم الحكومي. لذلك فسلطة الداخلية تبقى فوق السلط لا يعني فوق سلطة الحكومة وفوق القانون، ولكنها فوق السلط بما هي سلطة محايدة، تضمن للمواطن أداء واجبه الانتخابي دون التدخل في إرادته، خصوصا مع المفهوم الجديد للسلطة الذي أطلقه جلالة الملك سنة 2004 وبالإضافة إلى الاعتراف الدولي بنزاهة الانتخابات التشريعية السابقة والتي أشرفت عليها الداخلية ولم يطعن فيها أي حزب سياسي بما في ذلك الحزب الأغلبي. إذن فما يقوله بنكيران هو مجرد لعب على الحبلين، حتى لا يتحمل مسؤوليته في الانتخابات المقبلة ويستقبل أية نتيجة بكلام استباقي، لكنه ينسى أنه رئيس الحكومة وأي خلط للأوراق سيؤثر سلبا على المشهد السياسي.