مُني الاشتراكيون الفرنسيون بهزيمة مدوية في انتخابات البرلمان الأوروبي حيث فازت الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة التي تترأسها مارين لوبين، والتي حصلت على مقاعد غير متوقعة بتاتا بل فاقت المتوقع، وتعتبر هزيمة الاشتراكيين الفرنسيين فريدة في كامل دول الاتحاد الأوروبي ال 28 حيث حصل الاشتراكيون على مقاعد مهمة جدا أو على الأقل مناسبة لحجمهم ودورهم. لقد أحدث حزب الجبهة الوطنية المتطرف المفاجأة في فرنسا بعد تصدره نتائج الانتخابات الأوروبية ب25 بالمائة من الأصوات أمام حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية لساركوزي ب20 بالمائة والحزب الاشتراكي الحاكم 14 بالمائة، في انتظار تصاعد هذه النسبة. ومني الحزب الاشتراكي بزعامة الرئيس فرانسوا هولاند بثاني هزيمة انتخابية في شهرين بعد أن خسر الانتخابات المحلية في عشرات المناطق ليحتل المركز الثالث. الصفعة الجديدة التي تلقاها الحزب الاشتراكي الحاكم وكذا الرئيس فرانسوا هولاند وحكومته تأتي بعد حوالي شهرين من تلك التي لحقت بالتيار اليساري الذي وصل إلى السلطة في شهر مايو من عام 2012 وذلك خلال الانتخابات البلدية التي فاز بها حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية" اليميني المعارض ولكن حقق أيضا خلالها اليمين المتطرف فوزا تاريخيا حيث وصل إلى رئاسة عشر بلديات على مستوى البلاد. "الزلزال" و"الصدمة" تلك هي الكلمات التي جمعت أعضاء الحكومة الفرنسية والحزب الحاكم مع أعضاء حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية" فيما يتعلق بردود الأفعال حيال فوز اليمين المتطرف. كلمات عكست الشعور بفشل الحزبين التاريخيين في فرنسا التي تعد من أعرق الديمقراطيات في العالم في إقناع الناخبين من أبناء الشعب بضرورة الحفاظ على أوروبا في الوقت الذي كانت تنادي فيه الجبهة الوطنية بخروج باريس من منطقة اليورو وعدم تحكم الاتحاد الأوروبي في السياسات خاصة الاقتصادية والاجتماعية. فلماذا انهزم الاشتراكيون الفرنسيون لوحدهم؟ الأزمات الاقتصادية وارتفاع معدلات البطالة وكذا تراجع مستوى معيشة الفرد والقدرة الشرائية لغالبية الفرنسيين دفعت أعدادا كبيرة من الناخبين لدعم الجبهة الوطنية التي تقودها مارين لوبين في الانتخابات الأوروبية والتي تنافس فيها الحزبان التقليديان في فرنسا، الاشتراكي الحاكم واليمين المعارض. هذا جزء من عنوان الهزيمة. لكن من أوصل اليمين المتطرف لهذه المكانة؟ أليست سياسة الاشتراكيين بالداخل والخارج؟ فالسياسة التي نهجها الاشتراكيون والتي كانت نتائجها مدمرة هي التي منحت اليمين المتطرف الفرصة ليصعد ويعزز مواقعه الانتخابية. من حق الفرنسي أن ينظر إلى فرنسا وحدها إذا كانت سياسات الاشتراكيين الأوروبية والعالمية لم تعد عليه سوى بالنتائج الكارثية. ففي أوروبا نهج الاشتراكيون سياسة النعامة التي تدس رأسها في التراب، ولم يظهر الاشتراكيون على المستوى العالمي سوى تابعين للأمريكي، أما على صعيد العلاقات الثنائية فإن السياسة الفرنسية في عهد الاشتراكيين تنكرت للعلاقات الاستراتيجية والتقليدية مع بعض البلدان وعلى رأسها المغرب.