رفع حزب العدالة والتنمية شعار محاربة الفساد كعنوان كبير لحملته الانتخابية التي فاز إثرها بالرتبة الأولى والتي خولته رئاسة الحكومة. وصدق كثيرون هذا الشعار وآلاف الأصوات حصدها الحزب بفضل هذا الشعار. لكن تبين أن الشعار لم يكن سوى تمويه ولعب على العواطف، حيث نسخه عبد الإله بنكيران بشعار آخر "عفا الله عما سلف". وليت بنكيران وقف عند هذا الحد. وليت قيادة حزب العدالة والتنمية وقفت عند هذا الحد. بل إن وزراء الحزب أطلقوا أيديهم في المال العام تحت مسميات عديدة، وصرفوا ملايين الدراهم على مشاريع خاوية وفارغة المضمون. ونموذج تبذير المال العام هو الحبيب الشوباني، وزير العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، الذي أطلق ما يسمى الحوار مع المجتمع المدني، والذي نصب له هيئة وطنية وصرف عليه ملايين الدراهم ونظم له العديد من الندوات بالشرق والغرب والشمال والجنوب وبالداخل وبالخارج، ونظم له العشاءات الفاخرة والسفريات المكلفة. وبعد سنة من الدعاية والإشهارات التي تم صرفها لصحف الطبالجية أعلن الشوباني عن نتائج هذا الحوار. فما هي نتيجة الحوار؟ وهل حقق أهدافه إن كانت له أصلا أهداف؟ وما الجدوى من حوار لا يرسم خريطة السير؟ مرت السنة وتبخر الحوار. سافر الشوباني بكل مناطق المغرب وتم طرده من العيون والداخلة، وسافر إلى أوروبا وتم طرده أيضا ووجه بشكل عنيف، كما أعلن "نداء الرباط" رفضه للحوار لأنه لا يحترم المعايير المعروفة. فالحوار شبيه بحوار صم بكم لا يريدون خيرا للبلد. لقد اختار الشوباني رئيسا للهيئة المشرفة على الحوار مولاي إسماعيل العلوي، الأمين العام السابق لحزب التقدم والاشتراكية، وهو حزب مشارك في الحكومة بل إنه الحزب المكمل للأغلبية. كما اختار مقررا للجنة عبد العالي حامي الدين، نائب رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، وهو الغريب عن المجتمع المدني ولم يدخله إلا من خلال منتدى كرامة لحقوق الإنسان الذي أورثه إياه مصطفى الرميد لما أصبح وزيرا للعدل والحريات. بمعنى آخر فإن الحوار كان تحت رحمة الأغلبية الحكومية، حيث تم إقصاء آلاف الجمعيات التي يشتم منها رائحة رفض سياسات العدالة والتنمية كما تم استبعاد شبيبات الأحزاب التي هي قوى اقتراحية والتي بحكم القانون جمعيات. حوار تم بناؤه على الحيل حيث هيمنت الأغلبية على سلطته إن لم نقل حزب العدالة والتنمية وحده الذي وضع مولاي إسماعيل العلوي في الواجهة فقط ليموه على الجمعيات، وما بُني على باطل فهو باطل. إذن الحوار مع المجتمع المدني هو الباطل عينه في صفة الحق والحقيقة ولكن الهدف من ورائه هو تركيع المجتمع المدني من جهة وخدمة الجمعيات التابعة للعدالة والتنمية من جهة أخرى، فالحزب عينه على المؤسسات وبالتالي فقد وضع الأسس للهيمنة المطلقة على المجتمع. اليوم بعد أن أغلق الحوار دفة كتابه الأخيرة وتبين أن أوراقه فارغة وبعد الأموال التي تم تبذيرها على الفاضي هل ستتم محاسبة الشوباني على النتائج في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة؟