اختار مجلس الأمناء بالاتحاد العالمي للعلماء المسلمين أحمد الريسوني، الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح، نائبا ليوسف القرضاوي رئيس الاتحاد خلفا لعبد الله بن بيه، من علماء موريتانيا، الذي قدم استقالته من منصبه، والذي قال في رسالة موجّهة إلى الأمين العام للاتحاد، علي محيي الدين قره داغي، إن "سبيل الإصلاح والمصالحة يقتضي خطابًا لا يتلاءم مع موقعي في الاتحاد". وقال بن بيه في رسالة الاستقالة "إنني أجد من المناسب أن أحيط فضيلتكم علماً بأن ظروفي الخاصة والدور المتواضع الذي أحاول القيام به في سبيل الإصلاح والمصالحة مما يقتضي خطاباً لايتلاءم مع موقعي فى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. وبناء عليه فإنني قررت الاستقالة من وظائفي في الاتحاد راجياً إبلاغ الرئيس الموقر وأعضاء مجلس الأمناء المحترمين بهذا القرار شاكرا لكم ولجميع إخواني في هيئات الاتحاد ولأعضاء الجمعية العامة الثقة الغالية التي أقدرها حق قدرها". ويشار إلى أن الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، المحسوب على التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، يتخذ من قطر مقرًا له، وكان رئيسه القرضاوي أصدر في الآونة الأخيرة العديد من الفتاوى، التي اعتبرت مسيئة إلى الإسلام الحنيف وتسامحه. ومن بين هذه الفتاوى دعوته المصريين إلى الجهاد من أجل إعادة الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي، كما حضّ من مقر إقامته في دولة قطر المصريين على النزول إلى الشوارع لتحدي الحكومة المؤقتة وإعادة مرسي إلى السلطة. كما سبق للقرضاوي أن أعلن النفير من أجل الجهاد في سوريا وهو الأمر الذي عقد إمكانيات الحل السياسي، وتسبب في هجرات جماعية من مختلف بلدان العالم للانضمام إلى الجماعات الإرهابية وعلى رأسها جبهة النصرة ودولة الإسلام في العراق والشام (داعش) التي تعتبر أعنف الحركات الإرهابية. واستغرب مهتمون بالحركات الإسلامية قبول أحمد الريسوني لمنصب تخلى عنه صاحبه لأسباب تتعلق بدعم الاتحاد للعنف والإرهاب، بما يعني أن الريسوني يتم إعداده لمرحلة جديدة، خصوصا بعد خروج راعي "الربيع العربي" من التأثير في منطقة الشرق الأوسط بعد سحب الملف من يديه وبعد التحولات الداخلية التي عرفها، وبالتالي أصبحت عينه على شمال إفريقيا مما يجعل من الريسوني عنصر فتنة بالمنطقة. وكان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين قد عارض التدخل الفرنسي في شمال مالي مدعما حركات الإرهابيين بالمنطقة، وهو الموقف نفسه الذي عبر عنه أحمد الريسوني وحركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية. ويشار إلى أن وفدا هاما من حركة التوحيد والإصلاح شارك بملتقى "الإمام القرضاوي للتلاميذ والأصحاب" بالدوحة، وساهم الوفد، المكون من أحمد الريسوني الرئيس السابق للحركة ومولاي عمر بنحماد الرجل الثاني بالحركة حاليا وفقيهها وفريد شكري وآخرين، في صياغة مقررات المؤتمر الذي اعتبر القرضاوي "إمام العصر وفقيه الأمة بلا منازع" وقال الريسوني أثناء الملتقى "إذا كنا ندرس فكر الرجل وهو يستحق ذلك وأكثر، فنحن على التحقيق ندرس قضايا الأمة ومشكلاتها، فهو مدرسة فكرية ومجمع فقهي وفي بعض الأحيان أكثر من مجمع" وأضاف "أن القرضاوي ليس مجرد شاهد على الأحداث ومؤرخ لها بل هو لاعب أساسي وأحد المؤثرين في الأحداث وتطورها حيث قاد بفكره العديد من التحولات الإيجابية خلال السنوات السابقة". ولم يخف يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أنه يهدف من خلال لقائه بتلاميذه، "صنع قادة لمستقبل الأمة"، مشيرا إلى أن "الأمة لن يصلح لها شأن إلا إذا قادها العلماء"، فيما "ستكون في خطر إذا ظل يقودها السفهاء" وحول الهدف من هذا الملتقى، قال القرضاوي : "نحن هنا لصناعة قادة، نريد من هذا الملتقى أن نصنع منه قادة لمستقبل الأمة وهذه الأمة لن يصلح لها شأن إلا إذا قادها العلماء". وحسب عضو سابق بالاتحاد فإن التعيينات في هذه المنظمة ليست حرة ولكن بمثابة ظهائر تعيين ولا يمكن أن يتولى أي شخص منصبا قياديا إلا بمباركة قطرية، وبالتالي فإن الريسوني قد بصمت له الدوحة على هذا التعيين، وكان منافسه فيه هو راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، غير أن هذا الأخير لا يميل ميلا واحدا نحو بلد الاحتضان بالإضافة إلى قيادته للدولة التونسية حاليا. ويرى العضو المذكور أن هناك محاولة للضغط على المؤسسات الدينية الرسمية في المغرب من خلال تعيين الريسوني في المنصب المذكور، الذي قد يؤهله لتولي الرئاسة بحكم الوضع الصحي للقرضاوي، وكما دخل الاتحاد في مواجهة مع الأزهر الشريف وصولا إلى حد استقالة القرضاوي من مجمعها أو إقالته، فإن تعيين الريسوني سيكون الهدف منه هو المواجهة مع المؤسسات الدينية الرسمية وعلى رأسها إمارة المؤمنين والمجلس العلمي الأعلى. وكان الريسوني قد قام بحركات تسخينية في مواجهة المؤسستين معا في تناغم تام مع إعداده خارج الوطن للقيام بالأدوار المذكورة.